رئيس التحرير
عصام كامل

حدث في رمضان.. افتتاح الجامع الأزهر وإقامة أول صلاة فيه

مسجد الأزهر الشريف؛
مسجد الأزهر الشريف؛ فيتو

في مثل هذا اليوم 7 رمضان سنة 361هـ تم افتتاح الجامع الأزهر للعبادة والعلم وأُقيمت الصلاة لأول مرة في الجامع الأزهر بالقاهرة.

والجامع الأزهر هو أهم مساجد مصر على الإطلاق، وأحد المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام كذلك هو واحد من أشهر المساجد الأثرية في مصر والعالم الإسلامي، وجزء من مؤسسة الأزهر الشريف.

 

بناء الأزهر الشريف

ويعود تاريخ بنائه إلى بداية عهد الدولة الفاطمية في مصر، بعدما أتم جوهر الصقلي فتح مصر سنة 969م، وشرع في تأسيس القاهرة قام بإنشاء القصر الكبير وأعده لنزول الخليفة المعز لدين الله، وفي أثناء ذلك بدأ في إنشاء الجامع الأزهر ليصلي فيه الخليفة، وليكون مسجدًا جامعًا للمدينة حديثة النشأة أسوة بجامع عمرو في الفسطاط وجامع ابن طولون في القطائع، كذلك أعد وقتها ليكون معهدًا تعليميًا لتعليم المذهب الشيعي ونشره، فبدأ في بناؤه في جمادي الأول 359هـ/970م، واستغرق بناؤه ما يقرب من 27 شهرًا، وأتم بناءه وأقيمت أول جمعة فيه في 7 رمضان سنة 361هـ الموافق 21 يونيو 972م، وعرف بجامع القاهرة.

الجامع الأزهر

سر تسمية الأزهر بهذا الاسم

ورغم أن يد الإصلاح والترميم توالت عليه على مر العصور فغيرت كثيرًا من معالمه الفاطمية إلا أنه يعد أقدم أثر فاطمي قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنًا بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد.

 

تعطيل خطبة الجمعة في الأزهر

بعد سقوط الدولة الفاطمية أفل نجم الأزهر على يد صلاح الدين الأيوبي الذي كان يهدف من وراء ذلك إلى محاربة المذهب الشيعي ومؤازرة المذهب السني، فأبطلت الخطبة فيه وظلت معطلة مائة عام.

الدولة الأيوبية

 وأعيدت خطبة الجمعة إلى الأزهر في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري. وفي عهد الدولة المملوكية عاد الأزهر ليؤدي رسالته العلمية ودوره الحيوي، فعين به فقهاء لتدريس المذهب السني والأحاديث النبوية وعنى بتجديده وتوسعته وصيانته فعد ذلك العصر الذهبي للأزهر.

الأزهر

الأزهر عبر العصور

شهد الجامع الأزهر تحولًا كبيرًا في ظل الحكم المملوكي (648 ـــ 923ه/ 1250 ـــ 1517م)؛ فأعيدت فيه صلاة الجمعة في عام 665هـ/ 1267م، وسرعان ما اتجه السلاطين المماليك للعودة بالأزهر إلى نشاطه العلمي، وتوجيه هذا النشاط توجيهًا سُنيًا (وفق المذاهب الأربعة)، وقد استأثر الجامع الأزهر في هذا العصر بالزعامة الدينية والعلمية معًا، وأصبح المركز الرئيس للدراسات السُنيَّة في مصر والعالم الإسلامي، لاسيما بعد سقوط بغداد في الشرق، وتصدع الحكم الإسلامي في الأندلس وشمالي أفريقيا، وكثُرت العلوم التي كانت تدرس بالجامع الأزهر في ذلك العصر وتنوعت إلى دراسة فروع العلوم العَقَديَّة والشرعية والعربية والعقلية فضلًا عن دراسة علم التاريخ وتقويم البلدان وغيرها من العلوم،كما تم إنشاء ثلاث مدارس وإلحاقها بالجامع الأزهر وهي: ( الطيبرسية، الآقبغاوية، الجوهرية)، ورتبت فيها الدروس مما أدى إلى إثراء الحركة العلمية بالجامع الأزهر، إلَّا أن أهم ما يميز الأزهر في العصرالمملوكي هو نشأة مساكن للطلبة الوافدين والمصريين فيه عرفت بالأروقة.

وفي ظل الحكم العثماني لمصر (923 ـــــ 1213ه/ 1517 ـــــ 1798م) احتفظ الجامع الأزهر على مدار ثلاثة قرون بقوته وتقاليده، ومضى يؤدي رسالته باللغة العربية في الحَقْلًيْنِ الديني والتعليمي، وظل موطنًا للدراسات الدينية، وملاذًا للغة العربية، وكعبة علمية يفد إليها أعلام الفكر الإسلامي يتصدرون الحلقات الدراسية في رحابه،كما توافد عليه طلاب العلم من مختلف أنحاء العالم الإسلامي لينهلوا من شتى المعارف التي تُدَرَّس فيه، ومن أهم ما يتميز به الأزهر في ذلك العصر هو ظهور منصب شيخ الأزهر وكانت أول حلقة درس في الأزهرعندما جلس قاضى القضاة أبوالحسن على بن النعمان في أكتوبر 975م ليقرأ مختصر أبيه في فقه آل البيت، وبعد الأيوبيين استرد الأزهر مكانته في العصر المملوكى بعدما أصبح يُدرس فيه الفقه والمذاهب السنية

جامع وجامعة

ويعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين. ورغم أن جامع عمرو بن العاص في الفسطاط سبقه في وظيفة التدريس حيث كانت تعقد فيه حلقات الدرس تطوعًا وتبرعًا، إلا أن الجامع الأزهر يعد الأول في مصر في تأدية دور المدارس والمعاهد النظامية، فكانت دروسه تعطى بتكليف من الدولة ويؤجر عليها العلماء والمدرسين. وألقي أول درس فيه في صفر سنة 365هـ/ 975م على يد علي بن النعمان القاضي في فقه الشيعة، وفي سنة 378هـ/ 988م قررت مرتبات لفقهاء الجامع وأعدت دارًا لسكناهم بجواره وكانت عدتهم خمسة وثلاثين رجلًا.

ثورة الأزهر ضد نابليون

وفي 20 أكتوبر 1798، اندلعت وتيرة أحداث ثورة القاهرة الأولى ضد الحملة الفرنسية، التي قدمت على مصر في يوليو من نفس العام، فعندما سمّع المصريون بهزيمة الفرنسيين أمام أسوار عكا وقدوم أسطول العثمانيين إلى أبي قير، استجمعوا قوتهم وثاروا على المحتل أي بعد حوالي 4 أشهر من قدومه.

ثورة القاهرة الأولى

وخرج المصريون بكل ما لديهم من سلاح وشوم وحراب على الجنود الفرنسيين يقتلوهم، وتحصنوا بأسوار الحارات وفي الأزقة، ونصبوا المتاريس على مداخلها، ولكن فاتهم أن يحتلوا الأماكن المرتفعة المطلة على الحارات.

هجوم الفرنسيين على الأزهر

وسارع نابليون باحتلالها ونصب مدافعه فوق مآذن جامع السلطان حسن، وانهالت القنابل منه ومن القلعة على الجامع الأزهر، مبعث الثورة، وكل ما يحيطه من بيوت وحوانيت.

واستمر الضرب حتى المساء حتي تدخل أعضاء الديوان، الذي شكله نابليون من المشايخ المتعاونين مع الفرنسيين، فركب المشايخ إلى كبير الفرنسيين ليرفع عنهم هذا النازل، ويمنع عسكره من الرمي المتراسل ويكفهم ما انكف المسلمون عن القتال.

نابليون قبل وقف الضرب، ولكنه أرسل جنوده إلى الأزهر، فدخلوا الجامع بخيولهم عنوة وربطوها بصحنه وكسروا القناديل وحطموا خزائن الكتب ونهبوا ما وجدوه من متاع، ولم يخرجوا منه إلا بعد أن ركب الشيخ محمد الجوهرى إلى نابليون وطلب منه متوسلًا أن يخرج جنوده من الجامع الأزهر فقبل نابليون.

ثورة القاهرة الأولى والهجوم على الأزهر

وحكم «نابليون» على 13 شيخًا من الأزهر بالإعدام، وأعدم الكثير ممن قبض عليهم ومعهم سلاح وقدر عددهم بحوالي ثمانين شخصًا من قادة الثورة، إلى جانب الكثيرين من عامة الشعب.

وأسفرت الثورة عن مقتل أكثر من 2500 مصري، وحوالي 20 من رجال الحملة الفرنسية

أول قانون نظامي للأزهر

ومع أسرة محمد علي صدر أول قانون نظامي للأزهر سنة 1872 محددًا فيه كيفية الحصول على الشهادة العالمية.

وفى عهد الخديو عباس حلمى الثانى صدر قانون سنة 1896م لتطوير الأزهر

في عهد الملك فؤاد الأول صدر القانون رقم 46 لسنة 1930 للأزهر والذي بموجبه أنشأت كليات أصول الدين والشريعة واللغة والعربية لاحقًا سنة 1933، وأصبح للأزهر رسميًا جامعة مستقلة في عام 1961 فى عهد جمال عبدالناصر الذي أصدر القانون رقم 103 لسنة 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر وجعله تابعًا لرئاسة الجمهورية.

 وقد اعتبرت جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة الإسلامية. ولا يزال الأزهر حتى اليوم منارة لنشر وسطية الإسلام ومؤسسة لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزًا من رموز مصر.

الأزهر

مدينة القاهرة

وصادف في مثل هذا اليوم السابع من رمضان أن أصبحت القاهرة هي عاصمة مصر وأكبر وأهم مدنها على الإطلاق.

ويعود تاريخ مدينة القاهرة إلى نشأة مدينة أون الفرعونية أو هليوبوليس عين شمس حاليًا، والتي تعد أقدم عواصم العالم القديم، أما القاهرة بطرازها الحالي فيعود تاريخ إنشائها إلى الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص عام 641 وإنشائه مدينة الفسطاط، ثم إنشاء العباسيين لمدينة العسكر، وتلاها بناء أحمد بن طولون لمدينة القطائع، ومع دخول الفاطميين مصر بدأ القائد جوهر الصقلي في بناء العاصمة الجديدة للدولة الفاطمية بأمر من الخليفة الفاطمي المعز لدين الله وذلك عام 969 ميلادية، وأطلق عليها الخليفة اسم القاهرة.

مصر الفاطمية

يبدأ تاريخها حين بعث الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بقائد جيوشه جوهر الصقلي إلى مصر ليستولي على السلطة وينفصل بها عن الدولة العباسية.

ووصل جوهر في 17 شعبان 358 هـجرية 968 ميلادية، فاتجه في نفس الليلة إلى الصحراء القريبة من تلال المقطم، واختار مكان العاصمة الجديدة ونصب خيامه، وأطلق جوهر على العاصمة الجديدة اسم المنصورية نسبة إلى الخليفة المنصور الفاطمي والد الخليفة المعز، تكريما لذكراه وظلت تعرف بهذا الاسم حتى وصول الخليفة الذي غير اسمها إلى القاهرة المعزية.

الجريدة الرسمية