رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء أحمد طاهر يكتب: عيد الشرطة.. ما بين الاحتلال الأجنبي والإرهاب الداخلي

اللواء أحمد طاهر
اللواء أحمد طاهر

في صباح يوم الجمعة 25 يناير سنة 1952. وعقب انتشار العمليات الفدائية التي قامت بتفجير معسكرات الإنجليز ومخازن الأسلحة الخاصة بهم وخروج مظاهرات قوية ضدهم من الطلاب والعمال بالاسماعيلية. 


قام القائد الإنجليزي (البريجادير اكسهام) المسئول عن إقليم القناة في ذلك الوقت بتوجيه إنذار شديد اللهجة لقوات الشرطة وطالبهم  بإلقاء أسلحتهم والانسحاب فورا والتوجه للقاهرة.


وهنا تدخل وزير الداخلية آنذاك اللواء فؤاد سراج الدين وطلب من القوات الصمود وعدم الاستسلام.

 
وفي تمام الساعة السابعة صباحا.. حاصر الجيش الإنجليزي قوات الشرطة داخل مبني المحافظة وثكنة بلوكات النظام.. وأطلقوا عشرات القذائف من مدافع الدبابات (السنتوريوي) عيار 100 ملليمتر لتدك مبانيها حتي انهارت تماما ، وسالت الدماء في كل مكان، وكانت قوات الشرطة تدافع عن كرامتها باستخدام بنادق اللي انفيلد البدائية ذات الطلقة الواحدة.. وأثناء ذلك خرج من بين الحطام النقيب مصطفي رفعت.. أحد الضباط المحاصرين.. فطلب منه القائد الإنجليزي خروج قيادات شرطة إقليم القناة  إلا أنه رفض وأبلغه بأنهم سيقاومون حتي آخر رجل فيهم.


وظل رجال الشرطة يقاومون المحتل حتي نفدت ذخيرتهم،  وسقط منهم 46 شهيدا و 42 جريحا واستطاعوا رغم تسليحهم البسيط أن يسقطوا من الجانب البريطاني 18 قتيلا و31 جريحا، و كانت معركه غير متكافئةعلي الإطلاق أهانت الكيان البريطاني،  وكان ومازال وسيظل هذا الحدث وصمة عار في جبين جيش نظامي بحجم بريطانيا، ويبدو أن قدر  الشرطة ورجالها أن يظلوا في حروب متكررة وشرسة فكما واجهت الشرطه الاحتلال الأجنبي ها هي علي مراحل عصورها تواجه أنواعا أخري من الاحتلال.


فالعدو لا يهدأ ويظهر لنا بصور أكثر خبثا وقبحا، وأعداء الوطن يتلونون فتارة نواجه الإرهاب الأسود ولمدة ربع قرن من الزمان في مواجهات مؤلمة مع الجماعات الإسلامية المتطرفة، ومؤخرا واجهنا ومازلنا نواجه إرهاب جماعة الإخوان الإرهابية، والتي حاولت دون جدوي أن تنفذ أكبر عملية سرقة وطن في التاريخ جماعة تساعدها عدة دول لاتخفي على أحد منا تلك الحكومات لا تريد لهذا الوطن الأمن والاستقرار.. فكان لهم الدعم المادي والإعلامي والمخابراتي غير المحدود وكم غير طبيعي من الأسلحة والعتاد المتطور وغير المسبوق، ولا يهدفون من وراء ذلك إلا تدمير مصر وتقسيمها  وإسقاطها في بحر الحروب الأهلية والفتنة الطائفية. 

 

يبدو أن قدر رجال الشرطة أن يظلوا في مواجهة أنواع عدة من الاحتلال، لكن قوة الجبهة الداخلية والدعم الشعبي غير المسبوق والتفاف الشعب واحتضانه للجيش والشرطة، أعطي جهاز الشرطة القدرة على مواجهة تلك الصعاب ووأد كل محاولات تغيير الهوية المصرية بعد أن قدمت الآلاف من الشهداء والمصابين.


ورغم كل هذه الآلام إلا أن رجال الشرطة جميعا على قلب رجل واحد صامدين متكلين على الله لأنهم ببساطة أصحاب عقيدة قوية يعلمون جيدا أن الموت في سبيل الله والوطن  شهادة وأن خدمة بلدهم شرف لايستحقه إلا الذين يضحون بأنفسهم ولا يقيمون للدنيا وزنا.


رحم الله شهداء الوطن وأدام علينا وعلي مصر وأبنائها نعمة الأمن والأمان. 

الجريدة الرسمية