رئيس التحرير
عصام كامل

كهربا.. لا وقت للبكاء!

إذا صادفت الموهبة الكبيرة عقلا كبيرا يعرف كيف يديرها، فإن صاحب هذه الموهبة سيكون على موعد مع نجاح كبير يناسب إمكانات هذه الموهبة ويواكب طموحاتها. أما إذا اقترنت هذه الموهبة بعقلية غير ناضجة أو تفتقد  مهارات التواصل الاجتماعي، فإن صاحب هذه الموهبة سوف يصطدم  بمعظم من حوله ولن يستطيع أن يدير موهبته أو ينميها على النحو الذي يضمن استمراريتها وتطورها.

من بين المواهب التي أضاعت كثيرا من الوقت والجهد ولم يعد لديها وقت للبكاء على مافات هو  محمود كهربا.. كهربا على المستوى الشخصي إنسان طيب وبسيط ومحب للحياة كما أنه على المستوى الفني لا يختلف على موهبته أحد فهو جناح سريع رشيق قوي يتقن المراوغة ويجيد التسديد والتهديف.

ولكن كهربا لا يمتلك الثبات الانفعالي الذي يجعله قويا في مواجهة النجاح السريع والصعود المفاجئ أو الذكاء الاجتماعي الذي يمكنه من التعايش مع من حوله ويمنع صدامه المتكرر مع المحيطين به.. مشكلة كهربا قديمة ولكني كتبت عنه لأني قرأت أن الأهلي أرسل أمس الأول خطابا إلى الفيفا لكشف الغموض المحيط بموقف كهربا وهل سيدفع نصف الغرامة فقط أم سيدفع الغرامة كاملة لصالح نادي الزمالك.

كشف غموض الموقف.. أسلوب  دفع الغرامة.. يعني أن  الأزمة -التي بدأت بإخلال كهربا بتعاقده مع الزمالك- لاتزال تراوح مكانها وأن رد كهربا على خصومه في الملعب لايزال بعيد المنال وأن المتاح -أمام هذه الموهبة التي خسرت أجمل سنوات عطائها- أن تغني مع كوكب الشرق: يالشوقي واحتراقي في انتظار الموعد !

كهربا نجم اللقطة

كهربا -بقصد أو بدون قصد- وقع ضحية صراع القطبين: الأهلي والزمالك واستمرار المشكلة كل هذا الوقت ربما يكون أحد مظاهر هذا الصراع.. كهربا كان نجما متوهجا في الزمالك وجمهور الزمالك الباحث عن أيقونة تمثل الامتداد الطبيعي ل شيكابالا كان قد وضع عينه على كهربا ويستعد لوضعه في هذه المكانة.

فجأة.. أخطأ كهربا خطأ كبيرا يدفع ثمنه إلى اليوم وأخل بتعاقده مع الزمالك حين تركه في أصعب مرحلة بالموسم  وسافر للاحتراف في ناد أوروبي صغير ثم عاد منه بعد شهور قليلة إلى النادي الأهلي.

صحيح أنه لا يوجد دليل واحد يثبت أي علاقة للنادى الأهلي بإخلال كهربا بتعاقده مع الزمالك ولكن الأهلي وجد في التعاقد مع كهربا ردا غير مباشر على تعاقد الزمالك الذي لم يكتمل مع عبدالله السعيد.. كهربا بدأ ناشئا في الأهلي ومنه إلى إنبي ثم أعير إلى أكثر من ناد سويسري قبل أن ينضم إلى الزمالك ثم أعير إلى اتحاد جده قبل أن يعود إلى الزمالك مرة أخرى.

وبصرف النظر عن التوقيت والطريقة التي ستنتهي بها أزمة كهربا والغموض الذي يحيط بموقف الأهلي من إنهائها فهو يحتاج إلى تغيير كبير وجذري في الأسلوب الذي يسير عليه في كل الأندية التي لعب لها.

كهربا نجم اللقطة وعينه دائما على الجمهور يتقرب منه ويحاول أن يكسب المؤثرين فيه في صفه وأن يكونوا أحد أدواته إذا ما انخفض مستواه أو تأزمت علاقته مع مدرب أو اختلف مع إدارة.

كهربا نجم ويريد أن يعامل على هذا الأساس ولكن الأندية لاتتحمل ذلك ولذا فإن مسيرته نجحت أحيانا وفشلت أحيانا فقد هتفت له جماهير اتحاد جدة لفترة ثم هتفت ضده وهتفت له جماهير الزمالك فترة ثم هتفت ضده وفي الناديين دخل في مشاكل كبيرة مع المدربين والجماهير والإدارة.

في النادى الأهلي كان من الصعب أن تنجح هذه الطريقة فالأهلي لا يفضل أن يكون هناك نجم إلا الفريق ولكل ناد طريقته التي يرى أنها الأنسب وأنه قادر على النجاح من خلالها.

في الأهلي اصطدم كهربا بالمدير الفني، ففي مشهد يفتقد إلى اللياقة، وضع يده على كتف موسيماني في الدقائق الأخيرة الصعبة من نهائي القرن وبدا للجمهور -وكهربا يشير بيده الأخرى إلى الملعب- أنه يوجه موسيماني أو يلقي إليه بالتعليمات وكيفية الحفاظ على الفوز.

مشكلة كهربا

بعدها بشهور رفض كهربا أن يصافح يد موسيماني الممتدة إليه بعد إحدى المباريات اعتراضا على مشاركته لدقائق قليلة وكان من الصعب أن يمر هذا الموقف دون عقاب، فتم إيقافه لمدة شهر ولم يعد إلى التشكيلة الأساسية بعدها.

ثم اصطدم كهربا بمدير الكرة سيد عبدالحفيظ وقيل ما قيل عند الصدام وعن أسبابه وحدته ودرجته ولكن لم يستطع أحد -حتى أشد المؤيدين- أن ينفي وقوع هذا الصدام ولا الغرامة الكبيرة التي وقعت على كهربا بسببه.

ثم اصطدم كهربا بكابتن الفريق محمد الشناوي وبعدد من زملائه في الفريق ثم اصطدم بمحمد فضل ممثل اللجنة المكلفة بإدارة الكرة الذي كان موجودا  لتسليم الأهلي درع الدوري.

وفي كل هذه المشاكل لم يدرك كهربا أن مشكلته ليست مع هؤلاء الأشخاص ولكن مشكلة كهربا الحقيقية هي في طريقته وأسلوبه الذي ينتج عن انفعاله السريع وسهولة إثارة غضبه ورد فعله المبالغ فيه إزاء كل حدث صغير.

لا أعلم كيف يتدرب كهربا الآن أو كيف يستطيع أن يحافظ على لياقته الفنية والذهنية وسط هذه الدوامة من المشاكل والموعد المجهول للعودة للملاعب ولا كيف تسير الأحمال التدريبية أو يتم تقنينها أو كيف سيجد لنفسه مكانا في فريق مجرد تعادله في مباراة يجعل بعض جماهيره تطالب بتغيير نصف اللاعبين.

كما أننا لا نعرف موقف كولر من كهربا أو مدى رضاه عن مستواه الفني ولا كيف سيتعامل مع لاعب لايعرف موعد رفع الإيقاف عنه وسمع عن مشاكله وصداماته أكثر مما شاهد من مهاراته وفنياته.

ونصيحتي لمحمود كهربا -فيما بقي له من سنوات قليلة في الملاعب-  أن يدرك أنه لا وقت للبكاء وأن ينسى -إن أراد النجاح في الأهلي وغير الأهلي- فكرة اللقطة والشو، ويعتمد فقط على الجدية والاجتهاد والصبر والمثابرة.

 

 

على كهربا أن يعرف أن النجومية الحقيقية هي التي يوظفها صاحبها لصالح الفريق كما أن عليه أن يتخلى عن الحل الفردي وهو الخيار الأول الذي يفكر فيه عندما يستلم الكرة.. كرة القدم لعبة جماعية ولن تكون غير ذلك.. على كهربا أن يبتعد تماما عن الاستقواء بالجمهور فلن يفيده ذلك إذا انخفض مستواه وأن يعرف أنه لن يكسب ود الإدارة  إلا في الملعب ومن خلال تأثيره الإيجابي في نتائج الفريق.

الجريدة الرسمية