رئيس التحرير
عصام كامل

حوار الموالد!

كانت الليلة الأخيرة في ختام مولد سيدي -وجدي- العارف بالله سلطان الصعيد أحمد الفرغل.. الزحام يفوق الخيال كالعادة كل عام.. الآلاف المؤلفة من كل محافظات مصر ومن السودان يزحفون علي ابوتيج حيث مقام صاحب الكرامات والنسب الشريف..


هناك. في الميدان الكبير الشيخ ياسين التهامي وأستاذه احمد التوني يجتمعان في قمة فنية صوفية يحيان الليلة.. في ذات المكان الذي كان فيه الدكتور أحمد نعينع المقرئ الكبير يحي فيه حفلا قرآنيا مدهشا ورائعا..


أحدهم يبحث عن أحدهم.. الأول يسافر من محطة السكك الحديدية في قطارها الفاخر عند الصباح المبكر إلي الإسكندرية والثاني طلب منه إذا حدد موعدا أن يخطره به.. حيث يريد أن يرسل معه أوراق مهمه لشقيقه الذي يدرس بجامعة الإسكندرية سيتحدد علي اساسها مصيره الدراسي ومسيرته التعليمية وكذلك أموال من الأفضل أن تسلم باليد بدلا من إجراءات البنوك أو البريد!


الأول علم أن الثاني في الصفوف الأولي منسجما مع تنافس التوني مع التهامي.. لم يكن المحمول قد ظهر حتي اللحظة والوصول إليه عبر تلك الحشود سيكون مستحيلا.. وسفره بعد ساعات حيث تحدد قبل قليل بعد أن وجد تذكرة سفر رغم زحام المولد!

نتيجة حوارات الموالد


أخيرا وبوسيط مرسال توصلا إلي بعضهما.. بينهما أمتار قليلة.. لكن لا حديث إلا بالإشارة.. الأول يقول باشارات واضحة وصارمة أنه سيسافر بعد ساعتين.. والثاني يفهمها أنه سيسافر الثانية ظهرا! والأول يقول للثاني أنه سينتظره في البيت أو علي رصيف المحطة لأنه سيعود للمنزل ينام لمدة ساعة والثاني يفهمها أنه يقول له أنه سيغادر البيت الساعة الواحدة قبل القطار بساعة!! 

 

والأول يقول للثاني أنه يرجوه أن يترك الإحتفال وحلقات الذكر ويتبعه فورا ليعطيه الأمانات التي أبلغه بحملها معه لأن الوقت تأخر والثاني يشير بالإيجاب ويفهمها أنه سينتظره غدا ويفهمها أيضا بأن عليه أن يكمل احتفاله لنهايته ولا يقطع عادته وأن يبقي دون إستعجال!

   
الأول طبعا أنتظر حتي تحرك القطار دون أن يصل الثاني والثاني ذهب في الموعد الذي فهمه بالإشارة وأدرك أن الموعد فاته وأن مستقبل شقيقه قد ضاع أو علي الأقل سيكون علي المحك وفي خطر كبير!


كانت هذه نتيجة حوارات الموالد.. وهكذا كل حواراتها تقرييا.. لا يفهم منها شيئا.. لا تصل فيها الرسائل ويستحيل فيها التفاهم.. حتي لو سمع كل طرفيها الآخر.. التوتر سيد الموقف.. القلق سيد الموقف.. الاستعجال سيد كل شئ..

 


النصيحة: لا حوارات ناجحة وسط الضجيج
السؤال: من يصنع الضجيج؟! وفيه يزيف الاشارات والمعاني والمقاصد؟! وكيف ينجح في ذلك كل مرة؟! كل مرة؟ من يصطنع موالد لكل قضية جادة تحتاج حوارا جادا وصادقا وبمعلومات حقيقية وصحيحة؟! وكيف نهيئ المجال لحوارات هادئة هادفة؟!
تلك هي المسألة.. تلك هي الاسئلة!

الجريدة الرسمية