رئيس التحرير
عصام كامل

اللجنة الثقافية بنقابة المهندسين تحتفل باليوم العالمي للغة العربية

احتفالية اليوم العالمي
احتفالية اليوم العالمي للغة العربية بنقابة المهندسين،فيتو

نظمت اللجنة الثقافية والفنية بـ نقابة المهندسين، برئاسة المهندس محمد محفوظ- رئيس نقابة المهندسين الفرعية بالأقصر، احتفالًا باليوم العالمي للغة العربية، بحضور المهندس عبدالرحمن شوكت- مقرر اللجنة، والمهندس طارق الدياسطي- منسق الاحتفالية والمهندس صلاح أبوالليل- عضو اللجنة والذي أدار فعاليات اليوم، وأعضاء اللجنة الثقافية، وعدد من المهندسين المهتمين باللغة العربية والأنشطة الثقافية والأدبية.

في كلمته، أشار المهندس محمد محفوظ- رئيس اللجنة، أن اختيار يوم الثامن عشر من ديسمبر بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية؛ لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، وبناءً على ذلك القرار اعتمدت اليونسكو، اليوم العالمي للغة العربية عام 2012 للاحتفال بهذه اللغة سنويًّا.

وأضاف "محفوظ" أن أول ما يشغل الاستعمار هو طمس الهوية الوطنية من خلال طمس اللغة، ولكن اللغة العربية كانت عصية عليه، لافتًا إلى أن عدد مرادفات اللغة العربية يقترب من 13 مليون و600 ألف مرادف، وأن اللغة العربية لا يكفيها يومًا واحدًا للاحتفال بها.

الهدف من إنشاء اللجنة الثقافية والفنية بـ نقابةالمهندسين

من جانبه أكد المهندس عبدالرحمن لاشين- مقرر اللجنة، أن الهدف من إنشاء اللجنة الثقافية والفنية بـ نقابة المهندسين، إظهار المهارات الفنية لدى المهندسين، وخاصة أعضاء النقابات الفرعية، مضيفًا أن اللجنة تتواصل دائمًا مع مثيلاتها بالنقابات الفرعية، بغرض التعاون في تنظيم مثل هذه الأنشطة.

بدوره، أفاد المهندس طارق الدياسطي- منسق الاحتفالية، أن اللجنة الثقافية والفنية تشكلت في سبتمبر الماضي، واستهلت نشاطها بعقد ندوة عن "مئوية توت عنخ آمون"، مؤكدًا أن اللجنة تحظى بدعم كبير من نقيب المهندسين، وأعضاء هيئة المكتب.

في محاضرته والتي حملت عنوان "وسائل النهوض باللغة العربية" قال الأستاذ الدكتور بسيم عبدالعظيم- أستاذ النقد بكلية الآداب– جامعة المنوفية: "إن الله اصطفى اللغة العربية لتكون لغة القرآن الكريم، وتَكفَّل بحفظها بحفظه لكتابه الكريم"، كما ألقى قصيدة للشاعر حافظ إبراهيم، ينعي فيها اللغة العربية فترة الاستعمار الإنجليزي، مؤكدًا أن اللغة العربية لغة شاعرة، ليس بسبب كتابة الشعر بها ولكن لأنها لغة موسيقية.

وأشار "بسيم" إلى أنه يوجد قانون لحماية اللغة العربية، ولكن من المؤسف أنه لا يتم تنفيذه، مبينًا أن العرب قديمًا كانوا لا يستوزرون إلا شاعرًا، وأن اللغة العربية تمتلك ثراءً كبيرًا في الدلالة، حيث قال الإمام الشافعي: "اللغة العربية لا يحيط بها إلا نبي" من عظمتها وكثرة المعاني للكلمة الواحدة.

وقال الدكتور بسيم عبدالعظيم: "كنت أتمنى أن يتضمن قانون حماية اللغة العربية إشراف مجمع اللغة العربية على وضع المناهج التعليمية ومراجعتها من الناحية اللغوية في المراحل التعليمية المختلفة، وخصوصًا منهج اللغة العربية، بحيث يكون المنهج مرغبًا في تعليم اللغة العربية الفصحى، ومشجعًا على ممارسة اللغة والحديث بها في الروضة والمدارس حتى الجامعة، وعمل مسابقات ومكافآت للمجيدين كتابةً وحديثًا لتشجيعهم".

كما أوصى في محاضرته أن يتم تشجيع كتابة البحوث العلمية والاختراعات باللغة العربية الفصحى وتشجيع الترجمة من لغات العالم المختلفة، وذلك لمواكبة التقدم العلمي والتواصل الحضاري مع الأمم الأخرى.

فيما قام المهندس أشرف الفولي- عضو اللجنة، بعمل مسابقة تشاركية تفاعلية مع الحضور، بعنوان "أمثالنا من أشعارنا" وهي عبارة عن مسابقة شعرية يتم فيها نسب بيت من الأبيات الشعرية لصاحبه من وسط طرح أسماء شعراء آخرين.

وفي محاضرة بعنوان "اللغة العربية أصل العلوم الهندسية" أوضح د.م.إ. أشرف محمد كحلة- أن أصل العلوم الهندسية هي الأبعاد والقياسات، حيث إن هناك بُعدًا يساوي الطول، وبُعدين يساويان المساحة، والثلاثة أبعاد تعطي الحجم، وإذا كانت اللغة العربية هي التي علَّمتنا الأبعاد منذ اللبنة الأولى للحرف، حيث التشكيل بكل صوره (الفتحة، الكسرة،، الضمة) فالفتحة تعطي بُعد الأفق، والكسرة تعطي البُعد الثاني، والضمة تعطي البُعد الثالث، وهو هندسيًا (XYZ) الثلاثة أبعاد.

وأعطى "كحلة" مثالًا على هذه الأبعاد بكلمة من حرفين فقط، وهما الباء والراء، فعندما نثبت حرف الراء ونجعله ساكنًا باستمرار ويتم تغيير التشكيل لحرف الباء فقط فتصبح الكلمة بفتح الباء "بَر" وهو ما يفرق بين البر والبحر وهذا البُعد الأول، وكلمة "بِر" بكسر الباء تعطي البُعد الثاني لأنه يعطي الدلالة على الكسر والنزول، كما في قوله تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) وهو بر الوالدين وهو البُعد الثاني، أما البُعد الثالث وهو "بُر" بمعنى القمح، فهذا البُعد الثالث، وفي الهندسة هناك الزوايا والعمليات الهندسية المختلفة التي يطول يشرحها.

وخلال فعاليات اليوم، نظمت اللجنة معرضًا للفن التشكيلي وورشة عمل لإبراز جماليات اللغة العربية.

وخلال محاضرته التي حملت عنوان "دلالات اختلاف الرسم القرآني" أشار المهندس محمد خليفة، أن اختلاف الرسم القرآني يعطي معنى مختلفًا للكلمة، موضحًا أن هناك أربعة أنواع للرسم القرآني، وهي: حذف حرف، وإبدال حرف، وإضافة حرف، وفصل ووصل، كاشفًا أن هناك نظامًا رقميًّا محكمًا للقرآن؛ لأن به العديد من المعادلات الرياضية.

وخلال فقرته التي استمرت قرابة الساعة، استعرض المهندس ياسر قطامش، معارضات شعرية فكاهية للقصائد العربية الشهيرة، وإلقاء إحدى قصائده الشعرية التي حملت عنوان "ليلى في مقهى سيبويه"، واقترح "قطامش" تبنِّي نقابة المهندسين إصدار موسوعة للمبدعين من المهندسين في شتى مجالات الفن والأدب، تشمل السيرة الذاتية لكل واحد منهم، ونبذة مختصرة عن أعماله.

فيما أكدت المهندسة إيمان فتحي- عضو اللجنة الثقافية والفنية، خلال محاضرتها تحت عنوان "حماية اللغة العربية"، أن اللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي هويتنا وماضينا وحاضرنا وتاريخ أجدادنا، فهي لغة عقيدة ودين وإيمان.

وأوصت "فتحي" بعدة توصيات لحماية اللغة العربية، منها إطلاق مشروع قومي عربي موحَّد لاستعادة مرتبة اللغة، لتكون لغة أولى بإشراف دولي عربي من المتخصصين، تحت إشراف الأزهر الشريف، وإعلان الشعائر العربية الموحَّدة في المناحي الثقافية والاجتماعية، وبالأخص الإعلامية، وكذا العمل بجميع المؤسسات باللغة العربية، وهذا لا يعني عدم تعلم اللغات العالمية الأخرى، بل بالعكس العمل على تقنين اللغات الأجنبية في مجالها الخاص بها، بالإضافة إلى ضرورة تطوير طرق تدريس اللغة العربية لتكون مبسطة سهلة، بالإضافة إلى إعلان المبادرات، مثل (مبادرة اتكلم عربي 1و2و3).

ومن جانبها أشادت أ.د ثريا العسيلي- رئيس جمعية حماة اللغة العربية، باهتمام نقابة المهندسين واللجنة الثقافية بالنقابة، باللغة العربية، وقالت: "طفت العالم رافعة لواء الدفاع عن اللغة العربية، وأشعر بالفخر وأنا في رحاب نقابة المهندسين العريقة، وأشعر بسعادة لا توصَف عندما أجد تلك النقابة العظيمة تدافع معنا عن اللغة العربية".

وحول اللغة العربية وتحديات العصر، تحدثت أ.د هدى عطية- الناقدة الكبيرة والأستاذة بكلية الآداب جامعة عين شمس، مؤكدة أن اللغة العربية كيان هندسي كبير يتحدث ويتكلم وينقل الوجود ويعيد بناء العالم على نحو ما يريده الإنسان.. وقالت: "اللغة العربية قادرة على أن تمنح الإنسان الأبدية رغم أن الموت مكتوب عليه ".

وأضافت: "للأسف، تتعرض اللغة العربية في مصر تحديدًا  لحرب ضروس منذ عام 1980، هذه الحرب تستهدف تدمير الشباب وخَلْق حالة من اللامبالاة في تصرفاتهم وأفعالهم، وذلك من خلال نشر مفردات عامية تخلق حالة انفعالية تشيع البغضاء والعداء في المجتمع، مثل كلمات "طنّش، وكبّر، وأنا ما لي، وهات من الآخر".. وإذا لم نتصدَّ لهذا المخطط  الذي يستهدف ضرب المجتمع عبر لغته العربية الأصيلة، سنصل بعد خمسين عامًا من الآن إلى مجتمع متباغض، أفراده منقسمون على أنفسهم".

وأهدى أ.د. أحمد هندي- الأستاذ بكلية الآداب بجامعة عين شمس، دراسة متكاملة حول اللغة العربية، وأكد رئيس اللجنة الثقافية، أن اللجنة ستسعى لطباعتها وتوزيعها على المهندسين، لتعم الفائدة على الجميع.

ثم ألقى الدكتور أحمد هندي، محاضرة، أشار فيها إلى أن اللغة الألمانية فيها إعراب وبها قواعد نحوية أكثر صعوبة من العربية، لأن كل قاعدة نحوية بها لها استثناء، والاستثناء له استثناء، ومع ذلك لم يشكُ أحد من الألمان من صعوبتها، مثلما تشكو الأجيال العربية الجديدة من صعوبة اللغة العربية.

وتابع: "أبجدية اللغة الصينية بها 3 آلاف صورة بصرية، يجب حفظها في الذاكرة لكل مَن يتحدث الصينية، بينما الأبجدية العربية ليس بها سوى 30 صورة بصرية فقط، ومع ذلك يشكو الناشئة العرب من صعوبتها".

وأكد "هندي" أن الأطفال والشباب العرب حاليًا ينفرون من تعلُّم العربية، ويسعون لتعلم لغات أجنبية، والغريب أنه في ذات الوقت يرفع مسلمو دول جنوب الاتحاد السوفيتي السابق شعار "العربية حصننا".

وأشاد "هندي" بجهود كثير من المهندسين في مجال حماية اللغة العربية، ضاربًا مثلًا بالدكتور مهندس محمد الحملاوي، صاحب دعوة تعريب العلوم. 
واختتم "هندي" محاضرته بالتأكيد على أن اللغة العربية في حماية الله.. وقال: "الله- تعالى- قال في قرآنه الكريم: (إنَّا نحنُ نزَّلْنا الذِّكْرَ وإنَّا له لَحافِظُون)، وحِفْظ الذكر يقتضي حفظ الوعاء الذي نزل به هذا الذكر، وهو اللغة العربية".

وفي كلمتها، أكدت الناقدة والشاعرة والكاتبة الصحفية سمية عبدالمنعم، أن اللغة العربية تواجه تحديات كثيرة في الإعلام المعاصر لانتشار اللغة العامية وسهولة استخدامها، وأيضًا بسبب شيوع وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تتحدث إلا بالعامية، مما ساهم في انتشار اللغة العامية وانحسار اللغة العربية الفصحى.

فيما قال الروائي معتز صلاح الدين: "إن اللغة العربية تمتلك من الثراء ما لا تمتلكه أي لغة في العالم"، مدللًا على ذلك بلفظ ( love  ) الذي يعني "الحب" في اللغة العربية، بينما لفظ الحب له 12 تعبيرًا في اللغة العربية، وهو ما يتيح للغة العربية وحدها أن تكون لغة سَرْد، وقَصّ، وحَكْي، بينما اللغات الأخرى لا تعرف سوى القَصّ فقط.

ووصف د. محمد الهلالي- مدير عام المتابعة بالتليفزيون المصري، تنظيم نقابة المهندسين لاحتفالية اليوم العالمي للغة العربية، بأنه "حدث تاريخي"، مشيدًا بدور اللجنة الثقافية بنقابة المهندسين ودفاعها عن اللغة العربية.

شهدت الاحتفالية، إلقاء لعدد من القصائد الشعرية، فألقى أ.د.م عبدالعاطي موسى، قصيدة له بعنوان "سرمدية"، وألقى د. عبداللطيف مسعود قصيدته "حرية الروح"، فيما ألقت المهندسة زينب عمار، قصيدة للشاعر التونسي "أبو القاسم الشابي"، وأخيرًا ألقت الشاعرة الشابة هانيا جمال الدين، قصيدة لها.

وخلال الاحتفالية، كرَّمت اللجنة الثقافية والفنية، ضيوف الشرف، وهم الدكتور بسيم عبدالعظيم، والمهندس ياسر قطامش، والدكتور أشرف كحلة، والدكتورة هدى عطية، والدكتور أحمد هندي، والفنان الشاعر عبداللطيف مسعود، والفنان عادل بنيامين.

الجريدة الرسمية