رئيس التحرير
عصام كامل

الوزير الفاشل!

هل سمعنا أن وزيرا في بلدنا قدم استقالته أو اعترف على نفسه بالفشل؟! هذا السؤال يجعلنا نتساءل عن معايير اختيار الوزراء خاصة عندما تمر البلاد بظروف صعبة وتحديدا إذا كانت مرتبطة بالاقتصاد، فكم من وزير دخل السجن بسبب الفساد ولم نجد أي وزير تعرض لأي نوع من العقاب بسبب فشله، فالفساد يؤدي إلى السجن والفشل يؤدي إلى التغيير فقط، رغم أن الفساد والفشل من وجهة نظري وجهان لعملة واحدة.

وللوهلة الأولى عندما تريد تقييم أي وزير وتتوقع نجاحه أو فشله لابد أن تنظر إلى البطانة التي يختارها من حوله، فهل هم أهل ثقة أم كفاءة أم يجمع بين الثقة والكفاءة؟!، فهذه البطانة هي سلاح ذو حدين.

ورغم أن تولي منصب الحقيبة الوزارية شرف كبير يتنماه الكثيرون إلا أننا في الفترة الأخيرة سمعنا كثيرا من كبار المسئولين في الدولة وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي يقولون على الملأ بأن هناك كثيرون اعتذروا عن تولي حقائب وزارية أثناء عملية اختيار الحكومات السابقة، وهذا بالطبع يفتح باب التكهنات حول الأسباب، فلماذا يرفض هذا أو ذاك تولي حقيبة وزارية؟

وعلى النقيض تماما تجد من هم يجلسون على كرسي الوزارة ويستميتون من أجل الاستمرار لأطول فترة ممكنة حتى لو كانوا فاشلين، يفعلون كل ما هو مباح أو غير مباح في السر والعلن من أجل عدم الرحيل عن الوزارة حتى لو استدعى الأمر إلى تكسير كل قواعد وقوانين الشرف والأمانة التي نص عليها يمين القسم الذي أدلى به قبل الجلوس على كرسي الوزارة، ولذلك من يفعل ذلك فهو بالتأكيد فاشل وفاسد، لأنه لا يثق في أنه قادر على النجاح دون اللجوء للأساليب الرخيصة التي تقلل من قيمته وقيمة الكرسي الذي يجلس عليه.

الوزير الفاشل والفاسد

ولذلك أنا على قناعة تامة بأن الفشل يؤدي إلى الفساد، وأيضا الفساد ربما يكون نتيجة للفشل، فعلي سبيل المثال الوزير الذي يستغل ميزانية وزارته في الرشاوي المقنعة من أجل تلميعه إعلاميا.. هو فاشل وفاسد، والوزير الذي يهرول وراء همهمات السوشيال ميديا من أجل إخمادها بأي شكل وبأي طريقة وعلى حساب أي شيء هو وزير ضعيف وفاشل وفاسد، والوزير الذي لا يدرك بأنه في اليوم التالي لخروجه من الوزارة سيذبح بسكاكين بطانته هو وزير غبي!

والشيء بالشيء يذكر في هذا الموضوع، فرغم انتقادي المستمر ل الدكتور طارق شوقي وزير التعليم السابق في الكثير من الملفات إلا أنني كنت معجب بشجاعته في الصمود المستمر واللامحدود أمام هجوم السوشيال ميديا العنيف ضده، في الوقت الذي يوجد فيه وزير أخر لو وجد أكونت وهمي يهاجمه يبحث عن صاحب هذا الوهمي ليتحدث معه رافعا كل الرايات البيضاء ومقدما كل فروض الولاء والطاعة..

ولسان حاله يقول: "شبيك لبيك.. إيه المطلوب مني أعملوهولك علشان متهاجمنيش تاني على السوشيال ميديا".. فالنموذج الأول خرج من الوزارة بسبب السوشيال ميديا بعد ما حدث في امتحانات الثانوية العامة رغم أنه نجح في الكثير من الملفات الشائكة، والثاني مستمر في وزارته رغم فشله في الكثير من الملفات.
والحديث عن نجاح وفشل الوزراء يطول وله الكثير من الزوايا المختلفة التي يمكن الحديث فيها ولكن عندما نجد وزير يتم القبض عليه وسجنه بتهمة الفساد ووزير أخر يفشل في كل الملفات المكلف بها ويتم تغييره، فلماذا لا تعتمد عملية اختيار الوزراء على الاختبارات وكشف الهيئة وقياس مدى استيعاب العقول للملفات الخاصة بكل وزارة، وليكن مثلا أسوة بما يحدث في الكليات العسكرية بدلا من التقارير والمقابلات الشخصية التي لا تتعدى دقائق والتي ربما تعتمد على العلاقات والتوازنات ولا تركز على العقليات.

 


وأخيرا.. أتمنى من كل قلبي أن يحدث تعديل أو تغيير في الحكومة بالقريب العاجل خصوصا بالوزارات الاقتصادية والخدمية مع ضرورة تعيين أصحاب الكفاءات القادرين على التفكير والتنفيذ خارج الصندوق لامتصاص الغضب المكتوم والمسكوت عنه في ظل تزايد وتيرة الأزمة الاقتصادية، فالتغيير في حد ذاته هو رسالة إيجابية.

وللحديث بقية طالما في العمر بقية.

الجريدة الرسمية