رئيس التحرير
عصام كامل

وكالة الجداوي قبلة التجار من شبه الجزيرة العربية.. أبرز روادها شيخ العرب همام.. كانت تستقبل التجارة القادمة من السودان وشبه الجزيرة العربية وأفريقيا (فيديو وصور)

وكالة الجداوي بإسنا،
وكالة الجداوي بإسنا، فيتو

ظلت إسنا لقرون عديدة تستقبل القوافل التي يأتي أغلبها من المراكز التجارية عبر درب الأربعين، وكانت تلك القوافل تأتي محملة بمنتجات من أفريقيا مثل ريش النعام والابنوس والذهب.

وتعد وكالة الجداوي التي بنيت في القرن الثامن عشر أحد رموز ازدهار اقتصاد المدينة خلال تلك الفترة، وتم ترميمها من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية والتي تقوم بترميم واستعادة عدد كبير من الأماكن الأثرية والتراثية بمدينة إسنا.

وكالة الجداوي،فيتو

العهد العثماني 

وبنيت في ذلك العهد وتتكون من طابقين العلوي مخصص لاستقبال واستضافة التجار والسفلي الذي كان يستخدم في أغراض التجارة وتخزين البضائع وتتميز واجهة الوكالة وأعمدة فنائها بأعمال الطوب الآجر المعمارية المميزة والتي تم دمجها بمهارة مع الأعمال الخشبية المزخرفة والتي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.

وقد أسسها حسن بك الجداوي، ذلك الأمير المملوكي الذي قاده مصيره إلى مدينة إسنا في عام 1793 ميلادية، ولا ننسى أنه في القرن الثامن عشر شهد الصعيد حقبة من الصراعات التي شكلت جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وقد ظل المماليك الذين سكن عدد كبير منهم صعيد مصر، وسعى إلى تشابك علاقات مع أمراء وكبار العائلات بالصعيد مثل شيخ العرب همام والي الصعيد.

وكالة الجداوي،فيتو

وأكدت رحاب مختار صادق، باحثة آثار مصرية، أن الوكالة أسسها حسن بك الجداوي ويرجع اسمه إلى أنه كان يتولى ولاية جدة في المملكة العربية السعودية آنذاك.

وقالت لــ"فيتو" إن هذه الوكالة أنشئت بغرص الاستثمار التجاري الذي كانت تتمتع به مدينة إسنا والتي كان بها عدد كبير من التجارة المختلفة وزراعة وكانت القوافل من طريق درب الأربعين قادمة من السودان إلى مصر، وكان لابد أن يكون بكل مكان لتقلك الوقوافل ترانزيت أو رست للمكوث والراحة.

ونوهت إلى أن الوكالة تميزت بالفندقة والتجارة، حيث كان دخول التجار من البوابة الرئيسية وبعد عرض بضاعتهم يستريحون ويبيتون ليلهم فيها وبعدها تبدأ رحلتهم إلى مكان آخر.

وكالة الجداوي، فيتو

قبلة شيخ العرب همام

وكانت الوكالة تتمتع بصيت كبير بين أهالي الصعيد والقادمين من شبه الجزيرة العربية وقد قدم إليها عدد كبير من الشخصيات والتجار ابرزهم والي الصعيد شيخ العرب همام.

وأشار صابر محمد، باحث أثري، أن الوكالة كان لها شهرة واسعة بين التجار وكان الجميع يأتي إليها من كل حدب وجدب، لافتا إلى أن مدينة إسنا حتى يومنا هذا لا تزال مدينة تجارية وزراعية وسياحية أيضا.

وأكد أنه تم ترميم الوكالة من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية وعدد من الشركاء على استعادة تراث تلك الوكالة الأثرية.

وكالة الجداوي، فيتو

وأشار الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إلى أن الوكالة مسجلة فى تعداد الآثار الإسلامية والقبطية بقرار رقم 10357 لسنة 1953 ونشر بجريدة الوقائع المصرية، وتم تسجيل المكان بالآثار ويخضع للإشراف المباشر للوزارة، وهي عبارة عن موقع للتعامل التجاري، حيث يتم داخلها تبادل السلع التجارية، فى مجموعة من الحوانيت بالخارج والداخل للبيع والشراء.

وكالة الجداوي،فيتو

الوصف المعماري للوكالة 

تطل واجهة الوكالة على معبد إسنا بارتفاع 8 أمتار، تعلو واجهة باب الوكالة عتبة من الخشب منقوش عليها النص التأسيسي لها بالحفر الغائر، كتب على جانبها الأيمن "وبشر نصر من الله وفتح قريب، وبشر المؤمنين يا محمد، قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، هو الأول والآخر سبحانه وتعالى أحد صمد يا سيد سعد السعود يلوح في أركانها دار مبارك".

وكالة الجداوي،فيتو


أما الجانب الأيسر مكتوب "دار السعود بدار الخير والنعم العظم السعد ربها والبشر لازمها طوبى لساكنها ناجي من الغم الله يحرسها من كيد حاسدها بجاه طه التهامي معدن الكرم عليه أذكي صلاة خالقنا مع السلامة من جاء بالحكم ربي يسر ولا تعسر ربي تمم بالخير تحريرا في 12 شهر ربيع ثاني 1207 هـ".

وكالة الجداوي،فيتو

ويوجد بداخلها طابقان يحتوي كل طابق على مخازن وغرف للعمال والمغتربين ومحلات تجارية، يفتح كل منها على ممر عبارة عن رواق مسقوف بـ “البراطيم” وجذوع النخيل، كما يوجد بها بهو مسقوف على شكل “صحن” مغطى بـ “خشخيشة” على شكل مخروطي، وتتكون الوكالة من فناء كبير تحيط به المحلات التجارية، يعلو مدخلها “مكسلتان” من الأجر والطوب اللبن ترتفع حوالي 80سم، وتحتوي الوكالة علي أربعين حجرة وملحقات أخرى تلتف في طابقين.

أهالي إسنا "خير لبلادنا"

وأكد محمد حسن، أحد أبناء مدينة إسنا، أن الوكالة بعد الترميم، اصبحت ذات شكل مميز وبدأ توافد الزائرين عليها من كل بقاع الارض ومزار سياحي رائع، نأمل في الفترة المقبلة أن تعود السياحة كما كانت من قبل.

وكالة الجداوي، فيتو

وأضاف صبري علي سليمان، أحد أهالي مدينة إسنا:"نشاهد يوميا اعداد الزائرين من مختلف الجنسيات للوكالة وعدد من الأماكن الأثرية وهو ما يشير إلى عودة الخير لبلادنا".

وطالب شاكر محمود، أحد الأهالي بضرورة أن يفتح الإعلام ملف تلك الأماكن الاثري قبل وبعد الترميم حتى يعرف الجميع وخاصة الأطفال الصغار طبيعة أماكن التراثية والأثرية الجميلة.

الجريدة الرسمية