رئيس التحرير
عصام كامل

الأمن‭ ‬البيئي "خط‭ ‬أحمر".. خبراء‭ ‬يطالبون‭ ‬بتنفيذ‭ ‬أنظمة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الجرائم‭ ‬المعقدة‭

المناخ، فيتو
المناخ، فيتو

أزمات‭ ‬وقضايا‭ ‬المناخ‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬رفاهية،‭ ‬بل‭ ‬ملف‭ ‬متخم‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬الفنية‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬القرار‭ ‬التنفيذي‭ ‬بأعلى‭ ‬مستويات‭ ‬الدولة،‭ ‬نهاية‭ ‬بأنظمة‭ ‬مكافحة‭ ‬جرائم‭ ‬البيئة‭ ‬وأسلوب‭ ‬التقاضي‭ ‬ونوعية‭ ‬القضاء‭ ‬المطلوب‭ ‬لنظر‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الموارد‭ ‬البيئية‭ ‬والطبيعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬مساحة‭ ‬فهم‭ ‬متميز‭ ‬للقضية‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬توفير‭ ‬العدالة‭ ‬للمتقاضين‭ ‬والموارد‭ ‬المصرية‭ ‬الأصيلة‭.‬


خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬عقده‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬مدبولي،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬مع‭ ‬الدكتورة‭ ‬غادة‭ ‬والي،‭ ‬وكيل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬المديرة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لمكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للمخدرات‭ ‬والجريمة،‭ ‬ومديرة‭ ‬مقر‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬فيينا،‭ ‬وتطرق‭ ‬الحديث‭ ‬إلى‭ ‬مقترح‭ ‬لإنشاء‭ ‬أول‭ ‬نيابة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬البيئة‭ ‬لاتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬المبتكرة‭ ‬التي‭ ‬تتواكب‭ ‬مع‭ ‬قيادة‭ ‬مصر‭ ‬لجهود‭ ‬حماية‭ ‬المناخ‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬لذا‭ ‬ناقشت‭ ‬‮«‬فيتو‮»‬‭ ‬خبراء‭ ‬ومتخصصين‭ ‬لديهم‭ ‬معرفة‭ ‬جيدة‭ ‬بالأنظمة‭ ‬الجديدة‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬تنفيذها‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬لمكافحة‭ ‬جرائم‭ ‬البيئة‭.‬

 

الجرائم البيئية

بداية‭ ‬يؤكد‭ ‬الدكتور‭ ‬السعيد‭ ‬عبد‭ ‬الناصر،‭ ‬المستشار‭ ‬قانونى‭ ‬بالهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للإعلام‭ ‬وخبير‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬والمدنى،‭ ‬أن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬منصوص‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬الدستور‭ ‬المصرى‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬وحتى‭ ‬2014‭.‬
وأشار‭ ‬السعيد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذا‭ ‬الحق‭ ‬بشكل‭ ‬فعلى‭ ‬بدأ‭ ‬فى‭ ‬دستور‭ ‬2007‭ ‬عندما‭ ‬أضيفت‭ ‬المادة‭ ‬59‭ ‬وفق‭ ‬صياغة‭ ‬ومضمون‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬واجب‭ ‬وطنى،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬مادة‭ ‬بدائية‭ ‬جدًّا،‭ ‬وتطور‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬دستور‭ ‬2012‭ ‬وأصبح‭ ‬هناك‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬فى‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬وفق‭ ‬المادة‭ ‬63‭ ‬وجاء‭ ‬مضمونها‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬صحية‭ ‬سليمة،‭ ‬ثم‭ ‬تطور‭ ‬مفهوم‭ ‬حق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر‭ ‬في‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬إعلان ‬هذا‭ ‬الحق،‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬حمايتها‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭.‬

الدكتور السعيد عبد الناصر

وأشار‭ ‬خبير‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬والمدني‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اهتمام‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬بالبيئة‭ ‬بدأ‭ ‬فعليًّا‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1907‭ ‬عند‭ ‬صدور‭ ‬اتفاقية‭ ‬لاهاي‭ ‬الدولية‭ ‬والتى‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬النصوص‭ ‬الرسمية‭ ‬المنظمة‭ ‬لقوانين‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬سلمية‭ ‬للنزاعات‭ ‬الدولية،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬واستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬باعتبارها‭ ‬العامل‭ ‬الأكثر‭ ‬تدميرا‭ ‬للبيئة‭.‬


وأكد‭ ‬المستشار‭ ‬القانوني‭ ‬أن‭ ‬إنشاء‭ ‬نيابة‭ ‬مختصة‭ ‬بجرائم‭ ‬البيئة‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬لأنه‭ ‬سيولي‭ ‬اهتمامًا‭ ‬خاصًّا‭ ‬بقضايا‭ ‬البيئة‭ ‬ويصبح‭ ‬كل‭ ‬اهتمام‭ ‬هذه‭ ‬النيابة‭ ‬منصبًا‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬البيئة‭ ‬فقط،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬ستساعد‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬القانون‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم،‭ ‬لافتًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬حدث‭ ‬مسبقًا‭ ‬عند‭ ‬إنشاء‭ ‬نيابة‭ ‬مختصة‭ ‬بجرائم‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وكذلك‭ ‬عند‭ ‬إنشاء‭ ‬مكتب‭ ‬خاص‭ ‬بجرائم‭ ‬الطفولة‭.‬


وأوضح‭ ‬السعيد‭ ‬فى‭ ‬حديثه‭ ‬لـ«فيتو»‬‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬إنشاء‭ ‬نيابة‭ ‬مختصة‭ ‬بجرائم‭ ‬البيئة‭ ‬يختص‭ ‬به‭ ‬النائب‭ ‬العام،‭ ‬الذى‭ ‬من‭ ‬مهامه‭ ‬تحديد‭ ‬دوائر‭ ‬اختصاص‭ ‬النيابات‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬اولها‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬والمحليات‭ ‬ووزارات‭ ‬البيئة‭ ‬والزراعة‭ ‬والرى‭.‬


واقترح‭ ‬السعيد‭ ‬تخصيص‭ ‬مديرية‭ ‬خاصة‭ ‬بوزارة‭ ‬البيئة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬محافظة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتوافر‭ ‬صفة‭ ‬الضبطية‭ ‬القضائية‭.‬


وأكد‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬محرم‭ ‬مستشار‭ ‬وزير‭ ‬البيئة‭ ‬الأسبق‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬التخصص‭ ‬فى‭ ‬المؤسسات‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الأداء‭ ‬وفاعليته،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التخصص‭ ‬فى‭ ‬جرائم‭ ‬البيئة‭ ‬مطلوب‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬عناصر‭ ‬ومراحل‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة‭ ‬البيئية،‭ ‬وليس‭ ‬مقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬جهة‭ ‬التحقيق‭.‬

نيابات متخصصة
وأوضح‭ ‬محرم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬بالفعل‭ ‬يوجد‭ ‬بها‭ ‬نيابات‭ ‬متخصصة‭ ‬فى‭ ‬البيئة،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نحتاط‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المشكلات‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬تظهر‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬لوبيات‭ ‬مصالح‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالبيئة‭ ‬وكذلك‭ ‬عصابات‭ ‬الجرائم‭ ‬البيئية‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والتى‭ ‬قد‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬من‭ ‬نعمة‭ ‬إلى‭ ‬نقمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محاولاتها‭ ‬لاختراق‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬منذ‭ ‬بدايتها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬مراحل‭ ‬لاحقة،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬الاختراق‭ ‬ستكون‭ ‬سهلة‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬عدد‭ ‬الأفراد‭ ‬المشتركين‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬النيابات‭ ‬كفريق‭ ‬قضائى‭ ‬وإدارى‭ ‬وفريق‭ ‬معاون،‭ ‬لذا‭ ‬ينبغى‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاختراقات،‭ ‬بأحد‭ ‬البدائل‭ ‬المناسبة‭.‬


واختتم‭ ‬مستشار‭ ‬وزير‭ ‬البيئة‭ ‬الأسبق‭ ‬مؤكدا‭ ‬ضرورة‭ ‬إمداد‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬سواء‭ ‬وزارة‭ ‬البيئة‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬بما‭ ‬يهم‭ ‬الوزارة‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬الرصد‭ ‬ورقابة‭ ‬الاستشعار‭ ‬عند‭ ‬بعد‭ ‬مع‭ ‬مقترحات‭ ‬وتوصيات‭ ‬استرشادية،‭ ‬والذى‭ ‬سيساعد‭ ‬فى‭ ‬التحكم‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬فى‭ ‬الجرائم‭ ‬البيئية‭ ‬ورصد‭ ‬أنواع‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬البيئية‭.‬

المهندس حسام محرم 

وفي‭ ‬سياق‭ ‬آخر،‭ ‬أكد‭ ‬الدكتور‭ ‬صابر‭ ‬عثمان،‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬بوزارة‭ ‬البيئة‭ ‬سابقا،‭ ‬أنه‭ ‬يوجد‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬أنظمة‭ ‬عديدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬جرائم‭ ‬البيئة،‭ ‬منها‭ ‬شرطة‭ ‬البيئة‭ ‬والمسطحات‭ ‬المائية‭ ‬أو‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬البيئى‭ ‬وهى‭ ‬تابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬والهدف‭ ‬منها‭ ‬بالفعل‭ ‬مواجهة‭ ‬الجرائم‭ ‬البيئية‭ ‬مثل‭ ‬تلويث‭ ‬مياه‭ ‬النيل،‭ ‬استخدام‭ ‬مواد‭ ‬ضارة‭ ‬أثناء‭ ‬الصيد،‭ ‬أو‭ ‬الصرف‭ ‬الصناعى‭ ‬على‭ ‬الأنهار‭ ‬والبحيرات،‭ ‬مؤكدا‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬محكمة‭ ‬بيئية،‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬خلفية‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬البيئية‭ ‬للقضاة‭ ‬ووكلاء‭ ‬النيابة،‭ ‬والإلمام‭ ‬الشامل‭ ‬بكيفية‭ ‬اتخاذ‭ ‬العقوبات‭ ‬والإجراءات‭ ‬المختلفة‭ ‬لمواجهة‭ ‬جرائم‭ ‬البيئة‭.‬
 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية