رئيس التحرير
عصام كامل

من حكايات التلاحم العربى

عبد الله بن ناصر الرحبى واحد من المثقفين العرب، تولى الإشراف على مؤسسة عمان للصحافة والنشر في سلطنة عمان، ثم التحق بالسلك الدبلوماسي فمثل بلاده في أكثر من موقع حتى طافت به الدبلوماسية ليكون سفيرا لبلاده بالقاهرة، وقد اختار ناصر الرحبى موقعا رمزيا للاحتفال بمرور خمسين عاما على العلاقات العمانية المصرية في قلب القاهرة القديمة بمسرح متحف الحضارة المصرية.


وقف السفير متحدثا عن العلاقات المتجذرة في عمق التاريخ ملمحا إلى دور الملكة حتشبسوت في تنامى العلاقات التجارية منذ أكثر من ٣٥٠٠ عام عندما وصلت سفنها إلى ظفار من أجل اللبان العمانى. وشجرة اللبان العمانى تعد رمزا يتعدى حدود كونه منتجا نباتيا نادرا ومهما إلى دوره في التجارة البينية مع عديد الدول وخلق مساحات من العلاقات المتميزة، فيما يمكن أن نسميه دبلوماسية اللبان.


قال ناصر الرحبى في كلمته أمس أمام حشد كبير من الدبلوماسيين والمثقفين والكتاب والوزراء: على مقربة من هنا.. كانت حتشبسوت ملكة مصر التي ذهبت قوافلها التجارية إلى ظفار من أجل جلب اللبان الذي كان يستخدم في المعابد الفرعونية نحتفل بعلاقاتنا المتميزة مع أشقائنا في مصر.


لم يكن الاحتفال قاصرا على نصف قرن من العلاقات وامتد إلى الاحتفال بالعيد الوطنى الثانى والخمسين للسلطنة والذي بدأت معه تجربة النهضة مع وصول السلطان قابوس بن سعيد عليه رحمه الله إلى الحكم. 

شاهد رئيس الوزراء وعدد من الوزراء مع الحضور فيلما تسجيليا ممتعا عن العلاقات المصرية العمانية التي امتدت لآلاف السنين ومع العصر الحديث كان لسلطنة عمان موقف عظيم من الاحتلال الفرنسي لمصر ثم المواقف العربية الخالصة في حرب أكتوبر المجيدة.

تفاهم عمانى مصري


أعلنت سلطنة عمان قطع البترول عن أمريكا وهولندا بسبب موقفهما غير المحايد من قضية العرب وانضم إليها باقى الدول العربية التي استخدمت البترول سلاحا في المعركة. ومع بدايات الانتصار العظيم يزور السلطان قابوس بن سعيد مصر بزيه العسكرى ويستقبله الرئيس الشهيد محمد أنور السادات بالزى العسكرى أيضا في إشارة تحمل معنى ومغزى.


ويستمر دعم السلطان قابوس بن سعيد لمصر مع حرب المقاطعة التي قادتها عواصم عربية لمصر بعد معاهدة السلام فيعلن في شجاعة عهدناه بها بأن لمصر الحق في اتخاذ ما تراه مناسبا لها من قرارات ولا يجوز التدخل في شئونها. قاطعتنا العواصم كلها إلا مسقط التي ظلت على عهدها ووعدها لتستمر العلاقات المصرية العمانية هي الأقوى في كل المراحل السياسية التي مرت بها المنطقة العربية.


ومع تباين المواقف العربية يستمر التفاهم العمانى المصري دليلا على عمق العلاقات منذ عام ١٩٧٠ وحتى اليوم ويتوج بزيارة الرئيس السيسي لسلطنة عمان ولقائه بشقيقه جلالة السلطان هيثم بن طارق ليستكملا معا مشوار التلاحم بين البلدين.


وعمان التي تحتل موقعا جغرافيا ترتفع فيها درجة حرارة الصراعات ظلت طوال عصر النهضة واحدة من أهم عواصم الوفاق والاتفاق والحوار فقامت بأدوار تاريخية من السلام والاستقرار. 

عمان تعتمد سياستها الخارجية التي رسم ملامحها الراحل العظيم قابوس بن سعيد على محاور رئيسية لا تحيد عنها فهي دولة عربية مهمة في موقعها وتقع في آسيا فتعمتد علاقات متميزة مع جيرانها وعندما خرجت كل العواصم العربية من العراق أصرت سلطنة عمان على بقائها في بغداد وعندما قاطع الجميع إيران استمرت علاقاتها متميزة وجسر تواصل من أجل الحوار بين العرب وإيران.

 


سلطنة عمان دولة سلام بامتياز خلقت توازنا يندر على غيرها التعامل به مع تنامى الصراعات وتشعبها وارتفاع درجة حرارة المنطقة بكاملها.. تظل السلطنة عاصمة الحوار البناء ودليل التوازن والاحترام المتبادل.
انتهى حفل سلطنة عمان بقصائد شعر لثلاثة من أهم شعراء السلطنة الشباب وهم مطر البريكي وحمود العسيري وفهد السعدي فيصل الفارسي، الذين تغنوا في حب مصر وعمان وقدموا مجموعة من القصائد التي ألهبت مشاعر الحضور.

الجريدة الرسمية