رئيس التحرير
عصام كامل

موسى صبري: مصطفى أمين تخابر مع أعداء مصر!

كنت في مؤسسة أخبار اليوم الأسبوع الماضى، وأنا انتظر فى بهو المبنى، شاهدت صور مصطفى وعلى أمين تزين البهو، وعادت ذاكرتى إلى عام 1977 تقريبا، عندما دخلت هذا المبنى لأول مرة مع الزميل والصديق فؤاد فواز أحد نجوم المؤسسة، وتذكرت مرحه وهو ينادى يطلب الشاى وكأنه فى مقهى في المواردى، وأذكر أننى رأيت الحلاق وهو يمارس عمله مع دقن جلال دويدار الذى كان سهرانا في هذه الليلة، السؤال الذى طاردنى: ماذا يقال للأجيال المتعاقبة عن مصطفى أمين؟ ماذا يقال لهم وهناك جائزة باسمه في نقابة الصحفيين؟ وهل يمكن لصحفى سجن بحكم نهائى بتهمة التجسس أن يكون قدوة؟

 

أعرف أن هناك من يدافع بدون علم أو وعي، ولكن سأذكر ما جاء فى مذكرات الصحفى الكبير موسى صبرى أحد أقرب الصحفيين لمصطفي أمين في كتاب خمسون عاما في قطار الصحافة، عن سجنه وهل فعلا عمل مع المخابرات الأمريكية التى كانت تعمل على الخلاص من الزعيم جمال عبدالناصر؟

 

يقول موسى صبرى: فجأة انقطعت العلاقة بين الرئيس جمال عبد الناصر ومصطفى أمين، وأصبح محمد حسنين هيكل هو الصحفي الأوحد والأهم لدى الرئيس، ثم قام عبد الناصر بتعيين خالد محيي الدين في أخبار اليوم، ليقوم هو الآخر- في الوقت الذي كانت الدولة تتجه فيه نحو الإفراج عن الشيوعيين وإخراجهم من السجون- بتعيين عدد كبير منهم في أخبار اليوم، تصاعدت التحديات أمام التوأم علي ومصطفى أمين، فلم يجد على أمين أمامه سوى السفر للعمل مُراسلًا للأهرام في لندن بمساعدة من حسنين هيكل، بينما قرّر مصطفى أمين تهريب أمواله للخارج.

مصطفي أمين وهيكل

 

ويطرح موسى صبرى سؤالا: ما هى علاقة مصطفى أمين بالمخابرات الأمريكية؟ ويجيب أيضا على سؤاله: مصطفى أمين وحسنين هيكل كانا في السابق رسولي جمال عبد الناصر لدى الأمريكان، اكتسب مصطفى أمين علاقة وثيقة برجال السفارة الأمريكية في القاهرة، فكان أثناء فترة علاقته الجيدة بالرئيس يقدم إليه المعلومات والأخبار المهمة التي يستقيها من الأمريكان.

 

فكّر مصطفى أمين أنه قد يتمكّن من استعادة علاقته بجمال عبد الناصر عن طريق لعب دوره القديم، لكن هذه المرة بشكل تطوعي، ودون علم الرئيس، فقرّر بعد نجاحه في فتح قناة اتصال مع أحد رجال المخابرات الأمريكية، ممّن يعملون في سفارة القاهرة، أن يستغل هذه الصلة للحصول على أخبار مهمة يقدمها لعبد الناصر، وبالقطع كان في المقابل مُضطرًا لأن يُقدم إليه أخبارًا ادّعى أنه حصل عليها من الرئيس شخصيًا. في هذا الوقت لم يكن هناك همّ للمخابرات الأمريكية سوى الإطاحة بعبد الناصر، اعتمادًا على عناصر من النظام القديم من إقطاعيين ورجال صناعة وغيرهم من كارهي عبد الناصر.

 

لسوء حظ مصطفى أمين، لم يدرك أن المخابرات المصرية تراقب رجل السفارة، وأنهم اكتشفوا تردده على عمارة بعينها في الزمالك، وبمزيد من التدقيق والتحري اكتشفوا أن وجهته هي شقة مصطفى أمين نفسه، فلم يكن من رجال المخابرات سوى أن تحمل تسجيلات اللقاءات بين مصطفى أمين ورجل السفارة إلى عبد الناصر، الذي أصدر أوامره باستمرار المراقبة.

 

وهكذا بدأت المخابرات في طلب رأس مصطفى أمين، بضوء أخضر من الرئيس شخصيًا، فتم إلقاء القبض عليه، وتسارعت الأحداث ليحصل على حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة بعد محاكمة عسكرية سريعة. وعلى الأغلب كانت تهمته الحقيقية الوحيدة هي تحريض الأمريكان على سياسة جمال عبد الناصر المتحالفة مع الشيوعية.

 

وعلى الرغم من إصرار مصطفى أمين أن حسنين هيكل هو من دبّر له هذه المكيدة، بخاصة بعد الحملة التي شنها في الأهرام مُستنكرًا جريمة مصطفى أمين، فإن هيكل في الحقيقة كان معذورًا، فلم يكن خافيًا على أحد اللقاء الأسبوعي الذي كان يحرص عليه هيكل-بعد تعيينه في الأهرام- للغذاء مع مصطفى أمين بشقته في الزمالك، وبالتأكيد كانت المخابرات ترصد وتُسجِّل هذه اللقاءات بدورها، ولأن هيكل كان مرعوبًا من أن تأتي قدمه في القضية، لم يجد أمامه سوى شن هذا الهجوم على مصطفى أمين، والذي لم يتوقف سوى بعد أن اطمأن أنه بعيد تمامًا عن مرمى الاتهام.

إفراج صحي

 

ورغم المقالات الثمانية التي كتبها مصطفى أمين في صفحة واحدة بالأخبار، قبل القبض عليه، ودعا فيها لإعادة انتخاب جمال عبد الناصر باسم الحرية والديموقراطية والشباب والعمال، فإنها لم تشفع له، ولم تقِه من غياهب السجن. كذلك لم تنجح وساطة الصحفي الكبير سعيد أمين ورئيس حكومة السودان محمد محجوب، لدى جمال عبد الناصر في الإفراج عنه!

 

هذا ما كتبه الكاتب موسى صبرى الذى أكد على تورط مصطفى أمين مع المخابرات الامريكية، وبالرغم أنه كان فى السجن يأكل التفاح ولديه سرير خاص وقد نشرت جريدة الطلاب في السبعينات التى كانت تصدر عن إتحاد طلاب مصر صورا له وهو يجلس على سرير وامامه طبق التفاح الذى كان يأتى له خصيصا من لبنان، وقد زار مصطفى أمين الكثير من اصدقاءه منهم أم كلثوم، خرج يدعى عكس كل ما كان يحدث معه في السجن، إذن انه جاسوس بحكم القضاء، وبشهادة تلميذه موسى صبرى الذى اطلقنا عليه موسى كليم السادات.

 

السؤال: كيف أفرج عن مصطفى أمين الذى صدر حكم عليه بسبب التخابرمع دولة أجنبية؟!
بعد وفاة الزعيم جمال عبدالناصر تجدد الأمل عند اصدقاء وزملاء مصطفى أمين، والأمر لم يتوقف على هؤلاء فقط، بل بدأت مطالبات من بعض الدول العربية خاصة المملكة السعودية، عن طريق الأمير طلال بن عبدالعزيز، في البداية كان السادات رافض الفكرة، إلا أنه وعد الأمير السعودى بالافراج عنه.

 

إلا أنه في فجر ليلة زفاف كريمة الرئيس السادات، أحاط بالرئيس موسى صبرى، أحمد رجب، محسن محمد، عبدالحليم حافظ، على حمدى الجمال وطالبوه بالافراج عن مصطفى أمين، صمت الرئيس السادات وتأييد شديد من السيدة جيهان السادات.

فوجىء موسى صبرى في ظهر اليوم التالى عند الظهر باتصال من السادات ليبلغه قرار الإفراج عن مصطفى أمين، بل إن الرئيس أعطى تعليمات بإعفائه من كافة الإجراءات حتى يكون بمنزله في نفس اليوم.

 

طار موسى صبرى من الفرحة بعد سماع مكالمة الرئيس السادات وأسرع إلى قصر العيني، ورأى مصطفى أمين لأول مرة منذ القبض عليه، تلّفه بطانية فوق سرير صغير، فأبلغه بخبر الإفراج واحتضنه ليبكيا معًا.

من الملاحظات على الصورة التى تم بعدها الافراج عن مصطفى أمين ومحاولات الزملاء والأصدقاء، إلا أن هؤلاء لم يحدث أن كتبوا ولو سطر مطالبين بالافراج عنه أثناء سجنه، ولم يكتب أحد منهم كلمة تشير إلى براءته أو أنه ظلم، وتلك علامة استفهام كبيرة، تشير إلى أن المطالبة بالإفراج عنه لمجرد الزمالة والصداقة وليس لأنه برىء، والمعروف أن الافراج كان إعفاء صحيا وليس للبراءة.

الجريدة الرسمية