رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة إلى المدينة العتيقة.. "فيتو" ترصد الحياة داخل أقدم أحياء العاصمة المغربية

الرباط
الرباط

هنا مدينة الألسنة السبع.. "الرباط" واحدة من أعرق مدن المغرب العربي، وأكثرها تعبيرًا عن ثقافة وتاريخ المغرب الأمازيغي، حيث تخفي أسوارها الحمراء المائلة للبرتقالي، الكثير من أسرار التاريخ العظيم.

 

داخل أزقتها المستقيمة التي تشبه متاهات المدن العتيقة، مزيج مدهش بين الحضارات الأندلسية والأمازيغية والفاطمية، وقليل من الإسبانية والفرنسية، ولكن تظل الهوية المغربية صاحبة الكلمة العليا والتأثير الأكبر.

 

تعرف الحضارات من أسواقها هكذا حدثنا الأولون، وهي مقياس لأحوال البلاد والعباد، وللرباط أسواق شهيرة  منها  "سوق السباط"-سوق الأحذية- والذي تعرض بمحلاته التجارية مئات النعال (البلغة بالعربية المغربية) والمنتجات الجلدية والمصنوعات التقليدية والحلي الذهبية والفضية. 

الحرفة في المغرب لها تاريخ ممتد عبر العصور ففي "شارع القناصل" المغطى جزئيا،  يجتمع الحرفيين يصنعون سجادا من الصوف الطويل والأقمشة والنحاس، وهو الأقرب  نحو باب الأوداية العتيق الذي حدثنا عنه ابن بطوطة الرحالة المغربي الشهير .

 

المقاهي عنوان المدن

ولمقاهي الرباط جاذبية خاصة فكانت ولا تزال ملتقى لكل زائر  أو مغترب أو نزيل أراد أن يبحث في هوية هذا الشعب وتركيبته التي لا يشبهها أحد، تلك المجالس ذائعة الصيت، يجلس  الزائرين يتناولون فطوهم.. يأتي النادل أنيقُ الهندام حاملًا بيده صينيتَه المستديرة، وفي قلبها يهتزّ إبريق الشايُ الأخضر بالنعناع  تحيطه فناجين زجاجية، وبجواره إناء السكّر، تعلوه ملعقة نحاسية، مشهد تقترب إلى مقاهي القاهرة الفاطمية كثيرًا.

أجواء مغربية بامتياز تنقلها عدسة مصرية، رأت تفاصيل استثنائية تتشابه كثيرًا مع الشارع المصري في طقوسه اليومية، ربما تختلف اللهجات إلا أن التاريخ والإنسان كثيرًا ما يلتقيان.

للأندلس بصماته على الشارع المغربي، الذي احتفظ بكثير من العادات وتقاليد الحضارة الأندلسية التي أسسها المسلمون في إسبانيا، ومع ذلك لم تحافظ منطقة المغرب العربي على استقرارها تحت سيطرة العرب المسلمين، فسرعان ما انقسمت إلى عددٍ من الممالك. 

كان من بينها مملكة الملك إدريس التي تأسست عام 789 م، ليأتي من بعده ابنه "إدريس الثاني" ويجعل من مدينة فاس عاصمةً لمملكته، لتُصبح بمرور الوقت عاصمةً للثقافة المغربية.

وبلاد المغرب كانت مقرا للكثير  من الثقافات منها البربر المرابطون القادمون من موريتانيا، الذين ازدهرت الحضارة المغربية في عهدهم، ليتبعهم الموحّدون، ثم المرينيّون، فالوطّاسيون وهم جماعةٌ منحدرةٌ عن البربر. 


كل هذا قبل أن يعود العرب إلى المغرب من خلال السعديين الذين استولوا على مراكش عام 1525 ثم على مدينة فاس عام 1548 وأخيرًا العلويّون بزعامة مولاي رشيد.


وفي التاريخ الحديث  سقط المغرب العربي عام  1912  في قبضة الوصاية الفرنسية، واستمر ذلك حتى عام 1944، حين نُشر بيان الاستقلال بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وأعلن السلطان المغربي محمد الخامس تأييده للاستقلال في عام 1947، دون أن يتمكن من تحقيقه حتى عام 1956، ليُعلن عن استقلال المغرب بشكلٍ كاملٍ.
 

الجريدة الرسمية