رئيس التحرير
عصام كامل

نهاية‭ ‬اتفاقية‭ ‬كوينسي.. السعودية‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬أمريكا‭ ‬وتطوي‭ ‬عهد‭ ‬النفط‭ ‬مقابل‭ ‬الأمن.. ومخاوف من التحالف مع الروس

محمد بن سلمان وبايدن
محمد بن سلمان وبايدن

‮«‬ستواجهون‭ ‬العواقب‭..‬ ونحن‭ ‬لن‭ ‬نقبل‭ ‬الإملاءات»‬‭..‬ هذه‭ ‬العبارات‭ ‬كانت‭ ‬ملخص‭ ‬حرب‭ ‬تصريحات‭ ‬وبيانات‭ ‬متبادلة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬الأولى‭ ‬هددت‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬رئيسها‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬وعناصر‭ ‬فاعلة‭ ‬فى‭ ‬إدارته‭ ‬الرياض‭ ‬بعواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬رفع‭ ‬الحماية‭ ‬العسكرية‭ ‬وسحب‭ ‬القوات‭ ‬ووقف‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة،‭ ‬والأخيرة‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬أدركت‭ ‬درس‭ ‬التاريخ‭ ‬وشرعت‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬جديدة‭ ‬تتملكها‭ ‬روح‭ ‬الشباب‭ ‬فى‭ ‬تقوية‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬أخرى‭ ‬فاعلة‭ ‬"روسيا‭ ‬والصين"،‬ وقررت‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬الأمريكان‭.‬

 

أصل الخلاف

الخلافات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬ليست‭ ‬وليدة‭ ‬قرار‭ ‬أوبك‭+‬ بتخفيض‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬بمعدل‭ ‬مليونى‭ ‬برميل‭ ‬يوميا،‭ ‬بالمخالفة‭ ‬للرغبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التى‭ ‬طالبت‭ ‬دول‭ ‬المنظمة‭ ‬وتحديدا‭ ‬السعودية‭ ‬بزيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬لتعويض‭ ‬احتياجات‭ ‬السوق‭ ‬نتيجة‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬عقب‭ ‬غزوها‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬فجذور‭ ‬الأزمة‭ ‬المكتومة‭ ‬فصولها‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطى‭ ‬الذى‭ ‬تعهد‭ ‬إبان‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬بتحويل‭ ‬المملكة‭ ‬إلى ‬‮«‬دولة‭ ‬منبوذة‮»‬،‭ ‬وأعلن‭ ‬صراحة‭ ‬رفضه‭ ‬مصافحة‭ ‬ولى‭ ‬العهد‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬أو‭ ‬التحدث‭ ‬معه‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الشح‭ ‬فى‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬وتهديد‭ ‬أوروبا‭ ‬بشتاء‭ ‬قارس‭ ‬نتيجة‭ ‬نقص‭ ‬إمدادات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬دفع‭ ‬بايدن‭ ‬لإرسال‭ ‬عناصر‭ ‬إدارته‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬للمطالبة‭ ‬بتعويض‭ ‬عجز‭ ‬الإنتاج‭ ‬فى‭ ‬الأسواق،‭ ‬وبعدما‭ ‬فشلت‭ ‬تلك‭ ‬الزيارات‭ ‬فى‭ ‬دفع‭ ‬المملكة‭ ‬للتراجع،‭ ‬سحب‭ ‬رجل‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وعوده،‭ ‬وذهب‭ ‬فى‭ ‬زيارة‭ ‬اعتبرتها‭ ‬إدارته‭ ‬تحمل‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭ ‬إلى‭ ‬جدة،‭ ‬وصافح‭ ‬ولى‭ ‬العهد‭ ‬وترك‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬المساحة‭ ‬لنجله‭ ‬بهدف‭ ‬إظهار‭ ‬قوته‭ ‬كـ«ملك‭ ‬مستقبلى‮»‬،‭ ‬وتولى‭ ‬قيادة‭ ‬المباحثات‭ ‬مع‭ ‬الضيف‭ ‬الأمريكى،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ترؤسه‭ ‬أعمال‭ ‬قمة‭ ‬جدة‭ ‬بمشاركة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬وحضور‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجى،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬والعراق‭.‬

التقارير‭ ‬الأمريكية‭ ‬التى‭ ‬تبعت‭ ‬زيارة‭ ‬بايدن‭ ‬أفرطت‭ ‬فى‭ ‬الآمال‭ ‬المستقبلية‭ ‬حول‭ ‬رضوخ‭ ‬ممالك‭ ‬النفط‭ ‬الخليجية‭ ‬لمطالب‭ ‬واشنطن،‭ ‬وعولت‭ ‬جميعها‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬الهواجس‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬الحماية‭ ‬العسكرية‭ ‬تلك‭ ‬العقدة‭ ‬التى‭ ‬ورثتها‭ ‬الإدارة‭ ‬المختلفة‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬منذ‭ ‬‮«اتفاق‭ ‬كوينسي»‬‭ ‬الموقع‭ ‬فى‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬1945‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬طراد‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬كوينسى ‭(‬CA-71‭)‬ بين‭ ‬الملك‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬مؤسس‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬فرانكلين‭ ‬روزفلت،‭ ‬والتى‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الحماية‭ ‬اللامشروطة‭ ‬للسعودية،‭ ‬مقابل‭ ‬ضمان‭ ‬المملكة‭ ‬لإمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬التى‭ ‬تريدها‭ ‬واشنطن‭.‬

وكان‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يدوم‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬60‭ ‬سنة،‭ ‬وتم‭ ‬تجديد‭ ‬محتوى‭ ‬اتفاقياته‭ ‬لنفس‭ ‬المدة‭ ‬فى‭ ‬2005‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭.‬

العقلية‭ ‬الأمريكية‭ ‬القديمة‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬أعمت‭ ‬بصيرتها‭ ‬عن‭ ‬المتغيرات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬وسطوح‭ ‬شمس‭ ‬قوى‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬والصين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬بعدما‭ ‬عززت‭ ‬الرياض‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬القوى‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التعامل‭ ‬الدبلوماسى‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وحتى‭ ‬العسكري‭.‬

 

أوراق بايدن

فى‭ ‬المقابل‭ ‬قرر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬القادم،‭ ‬معاقبة‭ ‬السعودية،‭ ‬وحسب‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬شبكة ‭ ‬‮«سى‭ ‬إن‭ ‬إن»‬‭ ‬ الأمريكية،‭ ‬بدأ‭ ‬مناقشات‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬ومساعدى‭ ‬الكونجرس‭ ‬حول‭ ‬الكيفية‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عواقب‭ ‬على‭ ‬المملكة،‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬المملكة‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭.‬

بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬التى‭ ‬تمت‭ ‬مناقشتها‭ ‬تشمل‭:‬ إعادة‭ ‬نشر‭ ‬أسطول‭ ‬طائرات‭ ‬F-16‭ ‬الأمريكى‭ ‬خارج‭ ‬السعودية،‭ ‬ووقف‭ ‬استمرار‭ ‬المساعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬للبلاد،‭ ‬ودعم‭ ‬الإدارة‭ ‬للتشريعات‭ ‬التى‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬عدم‭ ‬حماية‭ ‬أوبك‭ ‬من‭ ‬دعاوى‭ ‬مكافحة‭ ‬الاحتكار‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتواطؤ‭ ‬فى‭ ‬تثبيت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬وتحريك‭ ‬ملف‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بالداخل،‭ ‬واستغلال‭ ‬ملف‭ ‬حرب‭ ‬اليمن،‭ ‬وأخيرا‭ ‬ذهب‭ ‬مشرعون‭ ‬ديمقراطيون‭ ‬للمطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬للرياض‭.‬

وأحد‭ ‬الخيارات‭ ‬التى‭ ‬تتم‭ ‬مناقشتها‭ ‬داخل‭ ‬معامل‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬«‬نوبك‮»‬‭ ‬الموجود‭ ‬حاليا‭ ‬فى‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬وهدف‭ ‬القانون‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬منظمات‭ ‬إنتاج‭ ‬وتصدير‭ ‬النفط،‭ ‬وتغيير‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الاحتكار‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬سيلغى‭ ‬الحصانة‭ ‬السيادية‭ ‬التى‭ ‬تحمى ‭ ‬‮«أوبك‮»‬،‭ ‬وشركات‭ ‬النفط‭ ‬الوطنية‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الدعاوى‭ ‬القضائية‭.‬

وسيمنح‭ ‬القانون‭ ‬المدعى‭ ‬العام‭ ‬الأمريكى‭ ‬سلطة‭ ‬مقاضاة ‭ ‬‮«أوبك‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬أعضائها‭ ‬مثل‭ ‬السعودية‭ ‬أو‭ ‬شركائها‭ ‬مثل‭ ‬روسيا،‭ ‬فى‭ ‬محكمة‭ ‬اتحادية‭ ‬بتهم‭ ‬تشمل‭ ‬التلاعب‭ ‬بالسوق‭.‬

التسريبات‭ ‬المتعمدة‭ ‬حول‭ ‬الخطوات‭ ‬التصعيدية‭ ‬التى‭ ‬شملت‭ ‬تجميد‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬الرياض‭ ‬حول‭ ‬خطر‭ ‬إيران‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬كان‭ ‬مقررا‭ ‬له‭ ‬منتصف‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجارى،‭ ‬دفعت‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال»‬‭ ‬لانتقاد‭ ‬الأصوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬معاقبة‭ ‬المملكة،‭ ‬وقالت: ‬‮«‬إنه‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تبدو‭ ‬الأمور‭ ‬سيئة‭ ‬للسعودية،‭ ‬سينطوى‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬ضرر‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكى‭ ‬ودفع‭ ‬حلفاء‭ ‬واشنطن‭ ‬أكثر‭ ‬إلى‭ ‬ذراعى‭ ‬روسيا‭ ‬والصين»‬‭.‬

ورأت‭ ‬الصحيفة‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬‮«نوبك»‬‭ ‬لن‭ ‬يترك‭ ‬أثرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬شبه‭ ‬المؤكد‭ ‬أنه‭ ‬سيستدعى‭ ‬انتقامًا‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭.‬

وسخرت‭ ‬فى‭ ‬سياق‭ ‬آخر‭ ‬مما‭ ‬أسمته‭ ‬‮«العصف‭ ‬الذهنى‭ ‬المذهل»‬‭ ‬للنائب‭ ‬رو‭ ‬خانا،‭ ‬والسيناتور‭ ‬ريتشارد‭ ‬بلومنثال‭ ‬اللذين‭ ‬اقترحا‭ ‬وقف‭ ‬بيع‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬السعوديين‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عام،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬المقترح‭ ‬حال‭ ‬تمريره‭ ‬والموافقة‭ ‬عليه‭ ‬سيحرم‭ ‬شركات‭ ‬السلاح‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬العائدات،‭ ‬ويشجع‭ ‬السعوديين‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬بديل‭ ‬لموردى‭ ‬الأسلحة‭ ‬والتعاقد‭ ‬مع‭ ‬أسواق‭ ‬منتجة‭ ‬جديدة‭.‬

كما‭ ‬برزت‭ ‬انتخابات‭ ‬التجديد‭ ‬النصفى‭ ‬المقرر‭ ‬لها‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬المقبل‭ ‬ضمن‭ ‬فصول‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية،‭ ‬وكشفت‭ ‬صحف‭ ‬أمريكية،‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬أوبك‭+‬ تأجيل‭ ‬قرار‭ ‬خفض‭ ‬الإنتاج‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭ ‬واحد،‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬حالة‭ ‬التضخم‭ ‬التى‭ ‬تعانى‭ ‬منها‭ ‬واشنطن،‭ ‬وسحبها‭ ‬من‭ ‬مخزون‭ ‬النفط‭ ‬الإستراتيجى،‭ ‬على‭ ‬مزاج‭ ‬الناخب‭ ‬الأمريكى‭ ‬وخسارة‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬مقاعدهم‭ ‬لصالح‭ ‬الجمهوريين‭.‬

واتهمت‭ ‬واشنطن‭ ‬صراحة‭ ‬الرياض‭ ‬بالوقوف‭ ‬خلف‭ ‬رفض‭ ‬الطلب‭ ‬الأمريكى،‭ ‬واتهمت‭ ‬ولى‭ ‬العهد‭ ‬السعودى،‭ ‬بتحريض‭ ‬أعضاء‭ ‬المنظمة‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬التأجيل،‭ ‬ونسبت‭ ‬له‭ ‬تصريحات‭ ‬قال‭ ‬فيها‭:‬ إنه‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للتضحية‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬ودعمها‭ ‬فى‭ ‬الانتخابات‮.‬‭

 

تسريبات البيت الأبيض 

وكان‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬عزز‭ ‬هذا‭ ‬التسريبات،‭ ‬وقال‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضى‭: ‬‮‬إنه‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬هى‭ ‬التى‭ ‬دفعت‭ ‬باقى‭ ‬دول‭ ‬أوبك‭+ ‬لاتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بخفض‭ ‬الإنتاج‮،‭ ‬وزعم‭ ‬حينها‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬الأمريكى،‭ ‬جون‭ ‬كيربى،‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬فى‭ ‬منظمة‭ ‬أوبك‭ ‬عارضت‭ ‬مسعى‭ ‬السعودية‭ ‬لخفض‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وأن‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬شعرت‭ ‬بأنها‭ ‬مدفوعة‭ ‬للتصويت‭ ‬ورفض‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭.‬

الخلاصة،‭ ‬أن‭ ‬اختبار‭ ‬ضغط‭ ‬للعلاقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬السعودية‭ ‬كشف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬التى‭ ‬تشكلت‭ ‬عقب‭ ‬الصدام‭ ‬الغربى‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬وشعور‭ ‬الجميع‭ ‬بأهمية‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬دولا‭ ‬خليجية‭ ‬بما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬نفطى‭ ‬ومالى‭ ‬باتت‭ ‬قوى‭ ‬فاعلة‭ ‬ولوبيهات‭ ‬ضغط‭ ‬بالداخل‭ ‬الأمريكى‭ ‬توجه‭ ‬دفة‭ ‬اختبار‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس،‭ ‬وربما‭ ‬الرئيس‭ ‬شخصيا،‭ ‬وفى‭ ‬حال‭ ‬فوت‭ ‬الإقليم‭ ‬الفرصة‭ ‬الآن‭ ‬والتزم‭ ‬بمعاهدات‭ ‬واتفاقات‭ ‬وتحالفات‭ ‬تسميها‭ ‬واشنطن‭ ‬إستراتيجية‭ ‬لكنها‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬مسمى‭ ‬الشريك‭ ‬وقت‭ ‬الصدام‭ ‬وتتعامل‭ ‬بمنطق‭ ‬الكفيل‭.‬

والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بنظرية‭ ‬الأقطاب‭ ‬وفرض‭ ‬تحالفات‭ ‬عليها‭ ‬سيفقدها‭ ‬توازنها‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحها‭ ‬القومية‭ ‬ومصالح‭ ‬شعوبها‭ ‬لصالح‭ ‬قوى‭ ‬عظمى‭ ‬تريد‭ ‬تحول‭ ‬الجميع‭ ‬لمجرد‭ ‬شرايين‭ ‬تغذية‭ ‬لجسدها‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬ابتلاع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لتقوية‭ ‬قبضتها‭ ‬وحماية‭ ‬شعبها‭ ‬قبل‭ ‬الجميع‭.‬

فى‭ ‬ظل‭ ‬وضع‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬فوق‭ ‬عجلة‭ ‬الحركة‭ ‬السريعة،‭ ‬أصبحت‭ ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لأمريكا‭ ‬التى‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬العربى‭ ‬فى‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وذهبت‭ ‬للتحاور‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬دون‭ ‬وضع‭ ‬شواغلها‭ ‬فى‭ ‬الحسبان،‭ ‬حتى‭ ‬التهديد‭ ‬بوقف‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬للمملكة‭ ‬التى‭ ‬بلغت‭ ‬63‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وفقا‭ ‬لآخر‭ ‬إحصائية‭ ‬صدرت‭ ‬فى‭ ‬نوفمبر‭ ‬2021‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬استفادة‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭.‬

سوق‭ ‬السلاح‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬بات‭ ‬أكثر‭ ‬رحابة‭ ‬وفاعلية‭ ‬عن‭ ‬الماضى،‭ ‬ودول‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬مشكلة‭ ‬لديها‭ ‬فى‭ ‬تنويع‭ ‬خياراتها،‭ ‬هذه‭ ‬الأسواق‭ ‬الجديدة‭ ‬كبدت‭ ‬واشنطن‭ ‬خسائر‭ ‬بالمليارات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬دفع‭ ‬البنتاجون‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضى‭ ‬لتشكيل‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسئولين،‭ ‬أطلقت‭ ‬عليه‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«وحدة‭ ‬النمر»‬‭ ‬ لفحص‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭ ‬المستمرة‭ ‬فى‭ ‬مبيعات‭ ‬السلاح‭ ‬وتنشيطه‭ ..‬والشاهد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬المتورطة‭ ‬فى‭ ‬دعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بأسلحة‭ ‬وعتاد‭ ‬بمليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬فى‭ ‬سياق‭ ‬حربها‭ ‬الباردة‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬ووضعها‭ ‬الصين‭ ‬كدولة‭ ‬مهددة‭ ‬لها،‭ ‬هى‭ ‬من‭ ‬تحتاج‭ ‬العرب‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭.‬
 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية