رئيس التحرير
عصام كامل

عودة عملاء السبوبة

لا أعتقد أنه يوجد عاقل في هذا البلد قد يقبل بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر، أو وضع عراقيل أمام عمل أى من المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية التى تعمل بالداخل لصالح حقوق البسطاء، غير أن يصل ببعضها إلى حد الاستجداء بالخارج والتحريض ضد صالح البلاد، فالأمر هنا بالتأكد يختلف ويحتاج إلى إعادة نظر.

 

فمنذ أيام بثت وكالة رويترز تقريرا أكدت فيه عزم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حجب مبلغ 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقررة لمصر، بسبب ما وصفته بفشلها فى الوفاء بشروط حقوق الإنسان، بعد ضغوط من جمعيات حقوقية مصرية طالبت الإدارة الأمريكية بحجب 300 مليون دولار من قيمة المساعدات، بسبب الانتهاكات الواسعة من السلطات المصرية لحقوق الإنسان.

 

المؤسف والثابت ضمنا مما نشر، أن حجب جزء من المعونة العسكرية الأمريكية لمصر يأتى استنادا إلى تقارير رفعتها منظمات حقوقية بالداخل إلى دولة أجنبية، وأثرت بالفعل على توجه الإدارة الأمريكية تجاة مصر، والأكثر من ذلك أن الاتجاه كان يسير نحو حجب مبلغ يزيد كثيرا عن ال 130 مليون دولار من قيمة المعونة المقررة ب 1.3 مليار دولار، غير أن محامي وزارة الخارجية الأمريكية أقروا بأن الحد الأقصى الذى يمكن حجبه لن يزيد عن 10% من قيمة المعونة المقررة.

 

وعلى الرغم من أن تقرير رويترز أكد على أن مصر ستتلقى 95 مليون دولار أخرى من الإدارة الأمريكية بموجب استثناء قانونى يتعلق بتمويل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود، إلا أنها نقلت عن مسئولين بالخارجية الأمريكية مخاوف إدارة بايدين من النهج الذى تتبعه مصر في ملف حقوق الإنسان والحريات، وهو توجه نابع بالتأكد من تقارير واردة من الداخل المصرى، بصرف النظر عن صحتها من عدمة.

 

أؤكد أننى لست هنا بصدد التحريض على المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية الموجودة بالداخل، والتى أعتقد أن عملها المكثف خلال الفترة الماضية أسفر عن الإفراج عن عدد كبير من السجناء، يعلم الجميع أن من بينهم من يستحق العقوبة، وهى خطوات تحسب بالتأكد لتلك الكيانات..

التحريض على مصر

 غير أن ما تم من بعضها من استعداء لدولة اجنبية على البلاد لا يمكن وصفة سوى بالعمالة والتخابر، ولاسيما بعد وصل الأمر إلى حد الاستشهاد بوقائع حدثت مع أفراد بعينهم داخل مصر.. ولا يعلم أغلب المصريين عنها شيء، ويتم استعراضها داخل جلسة علنية لمجلس الشيوخ الأمريكي، مما يضع كثيرا من علامات الاستفهام حول كيفية وصول مثل هذه المعلومات إلى قيادات أمريكية - بصرف النظر عن صحتها من عدمة-.

 

وهو ما حدثت بالفعل منذ أيام خلال جلسة علنية لمجلس الشيوخ الأمريكي، شن خلالها السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية وعضو لجنة المخصصات، هجوما شرسا على مصر، مطالبا إدارة بايدن بحجب 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقررة لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان، مستشهدا خلال الجلسة بوقائع لأفراد بعينهم، وأرقام عن عدد السجناء السياسيين والمفرج عنهم، من الصعب أن يكون قد حصل عليها سوى من الداخل المصرى.

 

للأسف أن أمر التحريض ضد مصر لم يتوقف في الداخل الامريكى عند  السيناتور كريس ميرفي حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية منذ أيام أيضا، أن 7 مشرعين بالكونجرس يتزعهم رئيس لجنة الشئون الخارجية، قد توجهوا برسالة إلى الخارجية الأمريكية طالبوا فيها بحجب 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقررة لمصر، لأسباب تتعلق بما أسموه الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، مستشهدين بتقرير الخارجية الأمريكية فى العام الماضى، وسياسيين بالسجون المصرية، ومقيمين بالولايات المتحدة الأمريكية زعموا أنهم يعانون من سوء المعاملة والاعتداءات والإهمال الطبى.

 

الثابت طبقا لما أكدت نيويورك تايمز، أن ضغوط منظمات الداخل على الإدارة الأمريكية قد نجحت، وقد تسفر عن حصول مصر على 170 مليون دولار فقط من قيمة المعونة المقررة، واستقطاع 130 مليون دولار، بعد أن قامت الخارجية الأمريكية خلال الأيام الماضية بتقديم 75 مليون دولار من المساعدات المشروطة، متجاهلة اعتراضات عدد من المشرعين الديمقراطيين، مؤكدة أن القاهرة استوفت شروط الكونجرس المتعلقة بإحراز تقدم بملف إطلاق سراح السجناء السياسيين.

 

 

أؤكد مرة أخرى اننى لست ضد المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية التى تعمل بالداخل لصالح حقوق البسطاء، غير أن ما سبق لا يعنى سوى أنه مايزال في مصر  كيانات تتخفى وراء ملف حقوق الإنسان وتعمل لصالح الخارج، على ذات نهج منظمات التمويلات الخارجية القذرة التى كانت سائدة حتى ما بعد 25 يناير 2011.. وكفى.

الجريدة الرسمية