رئيس التحرير
عصام كامل

وفاة طبيب شاب تكشف المسكوت عنه في ملف نوبتجيات الأطباء بالمستشفيات.. ومطالب بخفض ساعات العمل

مستشفى بنها الجامعي
مستشفى بنها الجامعي

شهدت الأيام الماضية وفاة طبيب شاب مقيم بقسم الجراحة بمستشفى بنها الجامعي بأزمة قلبية خلال نوبتجية العمل، وهي ليست الواقعة الأولى لوفاة أطباء مقيمين خلال نوبتجيات العمل فقد توفي أيضًا طبيب شاب في قصر العيني اختل توازنه وسقط من أعلى مبنى داخل المستشفى، الأمر الذي أثار حزنا في الوسط الطبي بسبب وفيات شباب الأطباء نتيجة ضغوط العمل وفتح ملف مشكلات الأطباء المقيمين سواء في نظام وساعات عمل النوبتجية الواحدة أو عدم توفر سكن آدمي لهم، بجانب الشكاوى المستمرة من طول ساعات العمل للأطباء بدون نوم مما يمثل ضغوط نفسية وعصبية عليهم.

نظام النوبتجيات
من جانبه قال الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن مشكلة الأطباء المقيمين فى مصر خاصة فى المستشفيات الجامعية يتم تكليف الطبيب المقيم بنوبتجيات 24 ساعة متواصلة، وأحيانا 48 ساعة، وهو أمر فوق طاقة البشر فى أي مكان فى العالم ويظل الطبيب فى يقظة باستمرار لا ينام، ويبذل مجهودا كبيرا مع الإرهاق والضغط العصبى والنفسى الشديد، لأنه يتعامل مع أرواح بشر والدقيقة تفرق فى اتخاذ القرار، مما يؤثر على المريض أيضًا، وليس الطبيب فقط.


وأضاف الطاهر لـ"فيتو" أن فى ظل وجود مخاطر للمهنة والاعتداء على الطبيب وعدم حمايته، لافتا إلى أن استمرار عدم النوم يسبب قلة التركيز مع المريض وعدم اتخاذ القرار السليم فى الوقت المناسب مما يضر بالمهنة والمواطن.


وطالب بضرورة وضع نظام دقيق لمنع وجود نوبتجية 24 ساعة متصلة أو أكثر، ويمكن السماح بذلك في الأقسام الداخلية فقط ومتابعة المريض المحجوز فى المستشفى، لأنه يمكن أن يجد وقتا ينام فيه ساعة أو ساعتين، عكس أقسام الطوارئ والاستقبال أو الرعاية المركزة يجب ألا يعمل بها الطبيب أكثر من 12 ساعة متصلة.


وأضاف أن نظام العمل بذلك الأسلوب فيه ظلم للطبيب والمريض، مشيرا إلى أن الأطباء بحاجة إلى زيادة الأجور، لأن الطبيب لو أخذ نوبتجية فى مكان يخرج على مستشفى آخر ليتسلم نوبتجية فى مكان آخر ليحسن من مستوى معيشته، وهو مضطر لذلك، لذا يجب تحسين أجور الأطباء ومنع ساعات العمل الطويلة.


وأضاف أن الطبيب المقيم من يكون فى مرحلة النيابة بعد انتهاء التكليف لمدة عامين فى القرى والأرياف ثم يلتحق بالتخصص للتدريب عليه فى فترة النيابة تكون لمدة 5 سنوات ليحصل على شهادة الدراسات العليا، مؤكدًا أن أجر النوبتجية فى 24 ساعة يكون مقابل 75 جنيها ما قبل خصم التأمينات، ولا يتخطى سعر الساعة 3 جنيهات، لافتا إلى أن منظومة الأجور تحتاج إلى زيادة كبيرة.


وأضاف أن هناك عدة مخاطر تحيط بالطبيب، منها نقل العدوى له من العمل بجانب الإصابة بالإرهاق البدنى والعصبى، وأمراض الضغط والسكر والقلب، وأى عدوى بكتيرية أو فيروسية، وتعتبر من أمراض المهنة.


الطب لا يرحم
فى نفس السياق قال الدكتور رشوان شعبان، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن الطب لا يرحم، ويوجد عجز فى عدد الأطباء، موضحًا: "لا يمكن لطبيب نوبتجى أن يقول إنه تعب" فالطبيب يعمل 24 ساعة ولو زميل له لم يأت يمكن أن يستكمل العمل 48 ساعة، موضحا أن طبيبا كان يعمل 72 ساعة متواصلة وخرج يقود سيارته توفى بسبب الإجهاد الشديد، وطبيب آخر اختل توازنه أيضًا بسبب ضغوط العمل والإجهاد وتوفى.


وأكد عضو مجلس نقابة الأطباء أنه لا يوجد قلب أو دورة دموية تتحمل كل ذلك التعب، وهم يتولون مهام فوق طاقة البشر، ولا أحد يشكر أو يقدر كما أن العمل أكثر من 12 ساعة لا يجعله يؤدى أداء صحيح، مضيفا أن الطبيب المقيم فى المستشفيات الجامعية يعمل كثيرا لكى يترقى ويحصل على الدرجات العلمية.


وتابع حديثه بأننا بحاجة إلى كل طبيب، ولا يمكن التفريط فيهم، وهم طاقة بشرية وثروة لا يمكن إهدارها، لذا يجب زيادة أعداد النواب والأطباء المقيمين ولا يحصل الطبيب المقيم على ساعات عمل أكثر من 12 ساعة ويعمل فى ظروف آدمية.


وأكد ضرورة زيادة أجر الطبيب فى المستشفيات الجامعية والتعليمية، لأنه يحصل على 40 جنيها كل 12 ساعة عمل، وتحسين الأجور لأن الأطباء يعملون بالسخرة، مشيرا إلى أن أكثر أمراض المهنة التى تصيب الأطباء القلب والسكر والضغط، وكذلك الأمراض المعدية وإصابات العمل والعدوى من المرضى.


وأشار إلى أن وفيات شباب الأطباء أثناء العمل يسمونها وفيات كارثية نظرًا لأن الطبيب الشاب ليس له معاش، لأن المعاش يتوقف على عدد سنوات العمل، كما أن أغلب الشباب المتوفين لهم أسر وأطفال صغار يحتاجون إلى دخل للإنفاق منه، موضحا أنه يجب منع تلك الكارثة، ولا شيء يعوض الطبيب، ووفاة الشباب خسارة ليس فقط لأهلهم بل للمجتمع كله، مؤكدا أن جهات العمل ترفض أن تحتسب وفيات شباب الأطباء على أنها بسبب العمل.


من جانبه قال الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن الفترة الأخيرة شهدت زيادة فى عدد وفيات الأطباء فى عمر صغير، سواء بسبب جائحة كورونا أو ظروف العمل الصعبة.


وأشار لـ"فيتو" أن الأطباء يعملون نوبتجيات، سواء فى العمل الحكومى أو الخاص، نظرا لأن الراتب لا يكفى، لافتا إلى أن هجرة الشباب خارج مصر بسبب ظروف العمل ونتيجة قلة فرص التدريب والتعليم الطبى المستمر، وهو أمر مهم للأطباء، ولا يكتفى الطبيب بشهادة البكالوريوس فقط، ويحصل على دوريات علمية لأحدث طرق العلاج وهى أمور مكلفة ليست مجانية.


وأضاف أن قرار تحمل جهة العمل مصروفات الدراسات العليا لا ينفذ، فضلا عن بيئة العمل غير الآمنة بسبب الاعتداءات المستمرة، كما أنه لا يوجد سكن لائق للأطباء ويكون الطبيب مرهقا ولا يجد مكانا للراحة.


وأكد أن شباب الأطباء هم قاعدة الهرم للعمل وأساسه، ونفقدهم بالسفر والهجرة، ويعمل الطبيب فى أكثر من مكان ليوفى احتياجاته مما يسبب ضغوطا نفسية وعصبية ومرضية، ويصاب الأطباء بأمراض الضغط والسكر وجلطات القلب والاكتئاب.

 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية