رئيس التحرير
عصام كامل

ما المراد من قول النبي محمد: «أفلح وأبيه إن صدق»؟ وهل المقصود منه الحلف؟

دار الإفتاء
دار الإفتاء

جاء سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه"ما المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ»؟ وهل المقصود منه الحلف؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

 روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه في حديث الرجل النجدي الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسلام، وفي آخره: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ» أَوْ «دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ».

وقد ثبتت هذا اللفظ في كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الصيغة وبغيرها من الصيغ، ومنها: ما رواه مسلم في "صحيحه" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهْ؛ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ» إلخ.

وروى ابن ماجه في "سننه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ نَبِّئْنِى بِأَحَقِّ النَّاسِ مِنِّى بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ، فَقَالَ: «نَعَمْ وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ؛ أُمُّكَ» إلخ.

وقد بين العلماء المراد من هذا اللفظ؛ قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (1/ 168، ط. دار إحياء التراث العربي): [ليس هذا حلفًا، وإنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته بالله سبحانه وتعالى، فهذا هو الجواب المرضي] اهـ.

وقال الإمام البيضاوي: [هذا اللفظ من جملة ما يزاد في الكلام لمجرد التقرير والتأكيد، ولا يراد به القسم، كما تزاد صيغة النداء لمجرد الاختصاص دون القصد إلى النداء] اهـ. من "فتح الباري" لابن حجر (11/ 534، ط. دار المعرفة).

الجريدة الرسمية