رئيس التحرير
عصام كامل

المصريون وأحوالهم

كتب الزميل المحترم أنور الهواري يسأل متابعيه على صفحته على الفيس بوك: هل لنا كمصريين خصائص قومية مشتركة؟ كيف نرى أنفسنا -كشعب- لو بصينا بصة جماعية في المرآة؟ كيف نرى أنفسنا بالمقارنة مع غيرنا من الشعوب؟ وبدت ردود الأفعال كاعترافات في شكل استفتاء حقيقي على سلوكنا وأحوالنا.
وبقدر ما كان التساؤل مهما كانت الإجابات مفاجأة ومشحونة بالصدق في تشخيص الأحوال لأمة تعرف نفسها ولا تخجل من نقائصها وتلك بداية جادة إن أردنا إصلاح أنفسنا ذلك أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا أنفسهم ومن المعروف أن الباحث يمكن أن يجد شيئا من هذا فيما كتبه عمرو بن العاص والجبرتي وجمال حمدان وسيد عويس، وكتاب اللورد كرومر عن مصر فيه تفاصيل هذه المسألة، وكتاب في أصول المسألة المصرية لصبحي وحيدة من أهم الكتب في هذا المضمار وهو تأريخ لأحوال الأمة المصرية عبر الزمن وهو ما يحتاج لبحث رصين في الثابت والمتغير في أحوال المصريين عبر الزمن..

 

تشخيص أحوال المصريين

 

 لكن المؤكد إننا نتكلم عن التاريخ أكثر مما نتكلم عن المستقبل ولدينا طاقة كبيرة في الاحتجاج وطاقة أكبر على المشاهدة والتشجيع. وتلك بعض الآراء:

 - بالتأكيد لا يوجد لدينا كمصريين خصائص قومية مشتركة ثابتة عبر العصور تميزنا عن بقية الشعوب، فكل الخصائص والعادات والتقاليد تتغير من زمن إلى زمن ومن مكان لآخر داخل مصر نفسها، فمصر القاهرة تختلف عن مصر الصعيد والريف، ومصر الساحلية تختلف عن مصر الداخلية، ومصر الطبقة العليا تختلف عن مصر الطبقات الدنيا.

 

 - مصر مثل بنك البذور فيها من كل عرق ممثلون فقد كانت واحة وسط صحراء وملجأ لكل جوعان هارب مضطهد وربما كان ذلك سببا إننا كمصريين ليس لدينا العرق النقي الذي يؤلف نوعا من القيم القومية المشتركة.

 

- عدم ثقة المصرى في الحصول على حقه علمه مبدأ اخطف واجرى، وهذا يفسر سلوك المصريين فى البوفيه المفتوح، كما يفسر فشلهم الذريع فى أعمال التجارة.

 

- الفهلوة والصبر الذى يصل إلى التبلد والذكاء والخبرة والطيبة والجدعنة وقت الشدة والخوف والنفاق.. والضحكة والسخرية والاعتماد على الآخر والكسل وثقافة الخنوع -إللي يجوز أمي أقول له يا عمي، الإيد اللي ماتقدرش تقطعها بوسها،.إذا كان لك عند الكلب حاجة قول له يا سيدي، يا بخت من بات مغلوب وما باتش غالب، اللي ما تقدر له اصبر له اللي عنده عيش وبله ده عنده الخير كله، الباب اللي يجي لك منه الريح سده واستريح، إن رحت بلد بيعبدوا العجل.. حش وارميله-.


 - إحنا مشتركين في خفة الدم، كلنا بنحب الألش والهزار، كلنا بنحب النكتة الحلوة أقل حاجة تفرحنا وأبسط موقف محزن بيزعلنا، عواطفنا سريعة التأثر. إحنا شعب حنين يصعب عليه نفسه وبيصعب عليه حال غيره وديما متعلق بماضيه وذكرياته. إحنا شعب كريم دايما يحب يظهر طابع الكرم في تعاملاته حتى لو بكباية شاي، إحنا شعب عنده إيمان شديد بالوطن وبيحب بلده. إحنا شعب يحب الود ويحب البساطة والابتسامة.

-  المصرى نفسه قصير ولم يتعود على إتباع المعايير وصولا للنتيجة المرجوة، فهو يميل لاختصار واختزال الخطوات نتيجة تعوده على غياب الرقابة والمساءلة؛ وبالتالي الجودة.

- القهر والديكتاتورية على مر العصور أورثت المصريين صفة اللوع للتحايل على الظروف.

- المصريون بصفة عامة شعب طيب ومسالم ومعطاء ولكنهم تعرضوا لضغوط معيشية هائلة كانت كفيلة بتدمير شعوب أخرى.. تلك الظروف كان لها أثرها الطبيعى المتوقع عليهم، وإن كنت أرى أن مجرد قدرة المصرى على الابتسام والبشاشة فى ظل ظروفه المعيشية القاهرة هى معجزة حقيقية تدل على أن فى داخله قدرة غريبة على الصبر والتحمل.

 

 - التراكم الحضاري مكون رئيسى من مكونات الشخصية المصرية يظهر في وقت الأزمات مثل حرب 1973 أو ثورة يناير، يندهش الإنسان عندها من اجتماع الناس على التصرف بوعي وتحضر وخوف حقيقي على وطنهم.

 

 

 - والأعجب إننا لسنا مذهبا دينيا واحدا، وإن كنا جميعا من أهل السنة والجماعة وليس لنا زي واحد أو حتى متقارب وليس لنا لهجة واحدة ولا حتى مزاج واحد أو طباع واحدة وحتى لم نقم بكبارنا فلا نحن تبنينا الشافعية ونشرناها ولا قمنا بالليث ابن سعد الذي قال إنه كان أفقه من مالك إلا أن أهله لم يقوموا به. 

خلاصته إننا بلد حضاري عريق لديه قدرة تلقائية على استيعاب الآخر وبلعه وهضمه وإعادة تمصيره بكل سلاسة.

الجريدة الرسمية