رئيس التحرير
عصام كامل

زي النهاردة.. فلاحون ثوار مغاربة ينتصرون على الجيش الإسباني في معركة أنوال

معركة أنوال
معركة أنوال

في مثل هذا اليوم من عام 1921 هزم فلاحون مغاربة ثوار في المغرب الجنود الإسبان في معركة أنوال، وتسببت نتائج المعركة في أزمات سياسية كبرى في الداخل الإسباني. 

عن المعركة وكواليسها 

خرج مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 الذي وضع المغرب تحت الحماية الأجنبية ليشعل النار في المنطقة، إذ استهدفت إسبانيا شماله وجنوبه بينما ركزت فرنسا على وسطه أما طنجة فكانت منطقة دولية.

واجهت إسبانيا أثناء تغلغلها في منطقة الريف الشرقي مقاومة شرسة وحركة جهادية قادها محمد الشريف أمزيان من سنة 1906 إلى 1912، كانت حملة الشريف تهدف إلى عرقلة تغلغل الإسبان في البلاد خاصة بعد شق السكة الحديدية لاستغلال مناجم الحديد في منطقتي أفرا وجبل إكسان. 

كبد الشريف الإسبان خسائر مادية وبشرية، وبعد موته في 15 ماي 1912 واصل الثوار من الفلاحين النضال المستميت ضد التكالب الاستعماري الإسباني-الفرنسي، ووقفوا في وجه أطماع الحكام الإسبان والطبقة الأرستقراطية المناصرة لسياسة الحرب وأطماع الحزب الحاكم. 

كانت إسبانيا لديها أطماع في الريف الشرقي تتمثل في احتلال الحسيمة والحصول على خيرات الريف واستغلال معادنها بعد استيلائها على الناظور وتطوان والاستعداد للانقضاض لاحتلال شفشاون.

قرر المجاهدون تأسيس إمارة جهادية بتوحيد قبائل الريف مثل: كزناية وبني ورياغل وبني توزين وتمسمان، وأسسوا الإمارة على أحكام شريعة الله وأنظمة الإدارة الحديثة، وأبعد الريفيين عن الفوضى والثأر، وأجبرهم على الاحتكام إلى عدالة الشرع والقضاء الإسلامي. 

 

ثم أنشأوا جيشا أحسنوا تنظيمه على الرغم من نقص العدد والعتاد، وكانوا مثالا في الشجاعة والبطولة والعدل والتشبع بالقيم الإسلامية؛ وقدم الريفيون نموذجا لثورة شعبية من الجبليين والفلاحين للدفاع عن أغراضهم وأعراضهم باسم الجهاد والحق المبين.

أحداث المعركة

بدأت إسبانيا تعقد أملا على احتلال خليج الحسيمة بعد أن عقد المقيم العام الجنرال بيرينغير صلحا مع قبائل الريف، واستقبل بحفاوة من قبائل الأعيان وبعض الرؤساء من بني ورياغل وبني سعيد وبنطيب. 

وعاد المقيم العام إلى تطوان متفائلا مسرورا ومشيدا بعمل سلبستري القائد العام للجيوش الغازية المعتدية. كما اطمأن وزير الحرب الإسباني «إيزا» إلى هذا الوضع المريح عسكريا وسياسيا. 

وعلى الرغم من هذا التفاؤل الزائد، كان الريفيون وخاصة رجال بني سعيد وبني وليشك وأهل كرت على أهبة للانقضاض على عدوهم الذي أحرق غلتهم ومنازلهم، وصادر أغنامهم دون أن يدفع لهم تعويضا مقابل ذلك؛ ودفعهم إلى الهجرة نحو الجزائر اتقاء بطشه والفقر والجفاف. 

نشبت معركة حامية الوطيس دامت خمسة أيام شارك فيها الأسبان بـ25 ألف جندي مقابل ألفي مجاهد، لتشتعل الحرب حتى صباح 21 يوليو من نفس السنة، وانتهت بهزيمة ساحقة بعد أن منع الثوار كل الإمدادات والتموينات التي تحاول فك الحصار على جيش العدو. 

أدرك المجاهدون نقطة ضعف الجنود الإسبان المحاصرين المتمثلة في اعتمادهم على استهلاك مياه «عين عبد الرحمن» بـ«وادي الحمام» الفاصل بين «إغريبن» وأنوال، فركزوا حصارهم حول هذا النبع المائي، وبذلك حرم الجنود الإسبان من الماء، واشتد عطشهم إلى درجة اضطرارهم إلى شرب عصير التوابل وماء العطر والمداد ولعق الأحجار، بل وصل بهم الأمر إلى شرب بولهم مع تلذيذه بالسكر كما جاء في المصادر الإسبانية.

وقد تتبع الثوار فلول الجيش الإسباني، وألحقوا به عدة هزائم في عدة مواقع ومناطق مثل دريوش وجبل العروي وسلوان فأوصله حتى عقر داره بمليلية.

الجريدة الرسمية