رئيس التحرير
عصام كامل

الأزمات تلاحق أوروبا.. جفاف وموجات حر غير مسبوقة تفوق قسوتها حرب أوكرانيا.. ارتفاع نادر فى فرنسا ووفيات بإسبانيا

موجة حر بأوروبا
موجة حر بأوروبا

عصفت الأزمات الاقتصادية التي تبعت جائحة كورونا بأوروبا على مدار عامين، ثم الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها الاقتصادية الصعبة على القارة العجوز، ليأتي الطقس الحار والتهديدات بالجفاف لتكمل مسيرة الأزمات التي تقع فيها الدول الأوروبية على مدار الأشهر الماضية.

موجة الحر هذه هي الثانية التي تسجل في أوروبا في غضون شهر. ويعود تكاثر هذه الظواهر إلى التداعيات المباشرة للاحترار المناخي بحسب العلماء إذ إن انبعاثات غازات الدفيئة تزيد من قوتها ومن مدتها وتواترها أيضا.

ويتسبب ذلك بحرائق غابات قضى فيها عدة عناصر من أجهزة الإنقاذ ومكافحة الحرائق كان آخرهم إطفائي توفي جراء حروق أصيب بها في مقاطعة ثامورا في شمال غرب إسبانيا. في فرنسا والبرتغال وإسبانيا واليونان أتت الحرائق على آلاف الهكتارات من الغابات فيما اضطر عدد كبير من السكان والسياح إلى مغادرة أماكن سكنهم.


درجات حرارة قياسية

يتوقع أن تسجل مستويات حرارة قياسية في فرنسا  وبريطانيا  الاثنين تصل إلى حد 40 درجة مئوية مع هيمنة موجة حر على أوروبا الغربية منذ أيام.

وقد يكون الاثنين أكثر الأيام حرا في تاريخ فرنسا إذ ستتجاوز الحرارة القصوى في كل المناطق الثلاثين درجة مئوية فيما ستراوح بين 38 و40 درجة في جزء كبير من البلاد.

وحذرت هيئة الأرصاد الجوية "ميتيو فرانس" من "أن الحر يتعاظم ويمتد ليشمل البلاد برمتها" متوقعة تسجيل مستويات قياسية خصوصا في غرب البلاد وجنوب غربها.

وأوضحت "في بعض مناطق الجنوب الغربي قد تصل الحرارة" إلى 44 درجة مئوية الاثنين تليها "ليلة شديدة الحر".

وستبلغ موجة الحر الخامسة والأربعون التي تضرب فرنسا منذ العام 1947، ذروتها على الواجهة الأطلسية للبلاد ولا سيما في منطقة بريتانييه التي كانت تحميها حتى الآن.

ويتوقع أن ترافق موجة الحر هذه مستويات قياسية أيضا في تلوث الجو مع تفاقم متوقع الاثنين في تركز الأوزون لا سيما في منطقة الأطلسي وجنوب شرق فرنسا بحسب منصة "بريف إير" الوطنية لتوقعات جودة الهواء.

أول إنذار أحمر 


في المملكة المتحدة البريطانية  أصدرت هيئة الأرصاد الجوية أول إنذار "أحمر" يتعلق بالحرارة القصوى ما يعني أن ثمة "خطرا على الحياة"، وقد تتجاوز الحرارة الأربعين درجة مئوية في جنوب إنكلترا للمرة الأولى الاثنين والثلاثاء على ما حذرت هيئة "ميت أوفيس".

وقوع قتلى 


وكانت موجة الحر التي مرت أولا بإسبانيا تسببت بوقوع قتلى، فقد توفى رجل في الخمسين من العمر الأحد بسبب الحر مع تجاوز حرارة جسمه الأربعين درجة مئوية في توريخون دي أردوث قرب مدريد، على ما أفادت أجهزة الطوارئ، وكان توفي عامل تنظيفات في مدريد يبلغ الستين من العمر للأسباب نفسها السبت.

والأحد بلغت الحرارة في مدريد 39 درجة مئوية و39،7 في اشبيلية في جنوب البلاد و43،4 في دون بينيتو قرب باداخوث في الغرب.

مكافحة الحر

في هولندا أعلن المعهد الهولندي للصحة العامة والبيئة الأحد خطة وطنية لمكافحة الحر وتحذيرا من ضباب دخاني اعتبارا من الاثنين في كل مناطق البلاد متوقعا ارتفاعا في الحرارة في الأيام المقبلة قد يصل إلى 35 درجة مئوية الاثنين في الجنوب و38 درجة مئوية في بعض المناطق الثلاثاء.


خطر الجفاف 


وفي السياق ذاته حذر تابعين للمفوضية الأوروبية، اليوم الاثنين، من أن حوالي نصف أراضي الاتحاد الأوروبي باتت معرضة لخطر الجفاف، وذلك في الوقت التي تعاني فيه دول جنوب غرب أوروبا تحت وطأة موجة حر قاسية.


وفي تقرير لشهر يوليو، أفاد مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية أن 46 % من أراضي الاتحاد الأوروبي معرضة لجفاف بمستوى يستدعي التحذير منه و11 % عند مستوى الإنذار إذ باتت المحاصيل تعاني من نقص المياه.

حوض نهر بو

وأفاد الاتحاد الأوروبي بأن البلد الأكثر تأثّرا هي إيطاليا حيث يواجه حوض نهر بو في شمال البلاد أعلى مستوى من الجفاف الشديد.

وفي إسبانيا، باتت كميات المياه في الخزانات أقل بنسبة 31 % من المعدل المسجل خلال عشر سنوات، بينما بلغت كمية المياه اللازمة لإنتاج الطاقة الكهرمائية نصف معدلها في السنوات السبع السابقة. وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

كما حذر باحثو الاتحاد الأوروبي من أن نقص المياه وشدة الحرارة يتسببان بتراجع المحاصيل في فرنسا ورومانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا.

وتشير توقعات الطقس إلى أن الوضع سيستمر، بحسب التقرير، وهو ما سيفاقم تداعيات "الوضع الخطير للغاية" حاليا على الزراعة والطاقة وموارد المياه.

الاحتباس الحراري

فيما حذر خبير ألماني في مجال الأرصاد من أن الوقت قد نفد بالفعل أمام محاولات الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، لترتفع بواقع 1.5 درجة كحد أقصى مقارنة بما قبل الثورة الصناعية.

ويأتي التحذير قبيل انطلاق "حوار بترسبرج للمناخ" في العاصمة الألمانية برلين اليوم الاثنين، ولمدة يومين.

وقال الخبير والباحث في مجال المناخ مجيب لطيف لمجموعة "بايرن" الإعلامية اليوم: "بالنظر إلى المعدلات الحالية لانبعاثات غازات الدفيئة، سنتجاوز هذا المستوى خلال أقل من عشر سنوات".

فات الأوان


وأضاف: "إذا ما نظرنا إلى ما يفعله الساسة في أنحاء العالم حاليا، فنحن في سبيلنا إلى تسجيل أكثر إلى 3 درجات... إننا نقترب من النقطة التي يتعين على المرء أن يقر فيها: بأنه قد فات الأوان".

وشدد لطيف على أن حدوث ارتفاع في درجة حرارة الأرض بواقع 3 درجات سيكون "كارثة"، معربا عن أسفه حيث يبدو أنه كانت هناك دائما قضايا أكثر إلحاحا من حماية المناخ.

ويشارك وزراء من حوالي 40 دولة في حوار بترسبرج للمناخ، لمناقشة الخطوات المستقبلية في مجال مكافحة التغير المناخي.
 

الجريدة الرسمية