رئيس التحرير
عصام كامل

زي النهاردة.. وفاة الشيخ محمد عبده أبرز رموز دعاة الإصلاح في التاريخ الإسلامي

الشيخ محمد عبده
الشيخ محمد عبده

في مثل هذا اليوم من عام 1905 توفى الإمام العلامة محمد عبده، المفكر والعالم الدين والفقيه والقاضي والمجدد الإسلامي المصري، ويعتبر أحد أهم رموز دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي ورمز التجديد في الفقه الإسلامي، إذ ساهم في إنشاء حركة فكرية تجديدية إسلامية أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين تهدف إلى القضاء على الجمود الفكري والحضاري وإعادة إحياء الأمة الإسلامية لتواكب متطلبات العصر.

 

عن نشأته وتطور حياته 

 

ولد محمد عبده حسن خير الله سنة عام 1849 في قرية محلة نصر بمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة لأبٍ كان جَدّهُ من التركمان، وأم مصرية تنتمي إلي قبيلة بني عدي العربية. 

 

درس في طنطا إلى أن أتم الثالثة عشرة حيث التحق بالجامع الأحمدي وأرسله أبوه- كسائر أبناء قريته- إلى الكُتّاب، وتلقى دروسه الأولى على يد شيخ القرية، وعندما شبَّ الابن أرسله أبوه إلى “الجامع الأحمدي”- مسجد السيد البدوي- بطنطا لقربه من بلدته؛ ليجوّد القرآن بعد أن حفظه، ويدرس شيئًا من علوم الفقه واللغة العربية. 

 

عندما بلغ الخامسة عشرة من عمره استمر في التردد على “الجامع الأحمدي” إلا أنه لم يستطع أن يتجاوب مع المقررات الدراسية أو نظم الدراسة التي كانت تعتمد على المتون والشروح التي تخلو من التقنين البسيط للعلوم، وتفتقد الوضوح في العرض.

 

 قرر أن يترك الدراسة ويتجه إلى الزراعة، لكن أباه أصر على تعليمه، فهرب إلى بلدة قريبة فيها بعض أخوال أبيه، وهناك التقى بالشيخ الصوفي “درويش خضر”- خال أبيه- الذي كان له أكبر الأثر في تغيير مجرى حياته. 

 

كان الشيخ درويش متأثرًا بتعاليم السنوسية الصوفية التي تتفق مع العودة إلى الإسلام الخالص في بساطته الأولى، وتنقيته مما شابه من بدع وخرافات واستطاع الشيخ “درويش” أن يعيد الثقة إلى محمد عبده. 

 

عاد  إلى الجامع الأحمدي، وقد أصبح أكثر ثقة بنفسه، وأكثر فهمًا للدروس التي يتلقاها هناك، ومع الوقت صار شيخًا ومعلمًا لزملائه يشرح لهم ما غمض عليهم قبل موعد شرح الأستاذ. وهكذا تهيأ له أن يسير بخطى ثابتة على طريق العلم والمعرفة. 

 

تعليمه الأزهري 

 

في سنة 1866م التحق بالجامع الأزهر، واستمر يدرس في “الأزهر” اثني عشر عامًا، حتى نال شهادة العالمية سنة عام 1877م. 

 

تأثر الشيخ “محمد عبده” بعدد من كبار المفكرين والرموز المصرية والإسلامية مثل  جمال الدين الأفغاني الذي تتلمذ على يديه، ولازم حلقات درسه فتوطّدت الصلة بينهما وأصبحا صديقين. 

 

اتصل محمد عبده بعدد من الجرائد، فكان يكتب في “الأهرام” مقالات في الإصلاح الخلقي والاجتماعي، وكتب مقالا في “الكتابة والقلم”، وآخر في “المدبر الإنساني والمدبر العقلي والروحاني"، وثالثا في “العلوم العقلية والدعوة إلى العلوم العصرية”.

 

إشتغاله بالسياسة.. الثورة العرابية

 

اشترك في ثورة أحمد عرابي ضد الإنجليز رغم أنه وقف منها موقف المتشكك في البداية لأنه كان صاحب توجه إصلاحى يرفض التصادم إلا أنه شارك فيها في نهاية الأمر.

 

بعد فشل الثورة حكم عليه بالسجن ثم بالنفي إلى بيروت لمدة ثلاث سنوات، وسافر بدعوة من أستاذه جمال الدين الأفغاني إلى باريس سنة 1884، وأسس صحيفة العروة الوثقى، وفي سنة 1885 غادر باريس إلى بيروت، وفي ذات العام أسس جمعية سرية بذات الاسم، العروة الوثقى.

 

حياته بعد الثورة العرابية

 

في سنة 1886 اشتغل بالتدريس بالمدرسة السلطانية وفي بيروت تزوج من زوجته الثانية بعد وفاة زوجته الأولى، وفي سنة 1889 عاد محمد عبده إلى مصر بعفو من الخديوي توفيق، ووساطة تلميذه سعد زغلول وإلحاح نازلي فاضل على اللورد كرومر كي يعفو عنه ويأمر الخديوي توفيق أن يصدر العفو وقد كان، وقد اشترط عليه كرومر ألا يعمل بالسياسة فقبل.

 

عام 1889م عين قاضيًا بمحكمة بنها، ثم انتقل إلى محكمة الزقازيق ثم محكمة عابدين ثم ارتقى إلى منصب مستشار في محكمة الاستئناف عام 1891م، وفي 25 يونيو 1890م عين عضوًا في مجلس شورى القوانين وفي سنة 1900م أسس جمعية إحياء العلوم العربية لنشر المخطوطات، وزار العديد من الدول الأوروبية والعربية.

 

مفتي الديار المصرية

 

في 3 يونيو عام 1899 صدر مرسوم خديوي وقعه الخديوي عباس حلمي الثاني بتعيين الشيخ محمد عبده مفتيًا للديار المصرية، وكان منصب الإفتاء يضاف لمن يشغل وظيفة مشيخة الجامع الأزهر في السابق لكن بتعيين محمد عبده استقل بمنصب الإفتاء عن منصب مشيخة الجامع الأزهر، ليصبح أول مفتي مستقل لمصر عن المشيخة.

 

منهجه الإصلاحي 

 

كانت نزعة محمد عبده إصلاحية، إذ كان  يرى أن المشكلة تكمن في ضعف الأمة الإسلامية نفسها، لأنها تأخرت ولم يعد وعيها ووضعها يمكّنها من مواجهة تحديات الاستعمار والاستبداد، بالتالي تربية وتوعية الأمة يجب أن تسبق طلب الحرية حتى تكون الأمة جديرة بالشورى والحرية.

 

رأيه في التصوف

 

يقول محمد عبده في التصوف: "لم توجد في أمة من الأمم من يضاهي الصوفية في علم الأخلاق وتربية النفوس بضعف هذه الطبقة فقدنا الدين"

 

وفاته

 

في الساعة الخامسة مساء يوم 11 يوليو عام 1905م توفي الشيخ بالإسكندرية بعد معاناة من مرض السرطان عن ست وخمسين سنة، ودفن بالقاهرة ورثاه العديد من الشعراء.

الجريدة الرسمية