رئيس التحرير
عصام كامل

ارتدادات حملة تمرد بالمغرب العربى


إذا كانت تجربة الجزائر ماثلة في المشهد السياسي بالمغرب العربي.. والتي كانت سببا في ظهور الجماعات الإسلامية المسلحة.. نتيجة إلغاء فوز جبهة الإنقاد الإسلامية بالانتخابات البلدية بالجزائر، والتي قادها الجيش الجزائري والتي هب ضحيتها المئات من الأبرياء الجزائريين.


الحيرة تشوش على العقل السياسي المغاربي، بين ربيع عربي وربيع عسكري قادم.. بين ديمقراطية الاقتراع وشرعية الثورة.. وبين علمانية الدولة وأسلمة الدولة.. لم يستطع العقل السياسي بالمغرب العربي فهم الالتباس الذي وقع في مصر.. حتى إن السفير الجديد لمصر بالمغرب تدخل لدى الصحف المغربية هاتفيا معيبا عليها استعمال تعبير "الانقلاب" ليوضح لهم أن ما جرى بمصر ليس انقلابا عسكريا وأن ما قام به الجنرال السيسي ضد الرئيس المعزول إنما هو استجابة لإرادة الشعب المصري.

من هنا يثور السؤال التالي:
هل سيناريو حملة تمرد المصري قريب أم بعيد على المغرب العربي؟
في المغرب النخبة السياسية المعارضة ترى في التجربة الإسلامية، تجربة مهزوزة كتجربة الإخوان بمصر وترى التخلص منهم بأقرب وقت عن طريق إسقاط الالتفات الحكومي معهم.. بينما الشباب المغربي يرى في حملة تمرد وسيلة للضغط على الحكومة الإسلامية من أجل تقديم استقالتها وإحلال حكومة جديدة محلها تكون مدنية تتمثل إرادة الشعب.. وقد سعى من خلال الشبكة الاجتماعية إطلاق حملة تمرد مغربية يكون انطلاقها يوم 17 يوليو تعمل عن طريق الاحتجاجات الشعبية على إسقاط حكومة بن كيران الإسلامية.

في تونس، المعارضة العلمانية تريد الانقضاض على هذه التجربة الرائدة بالوطن العربي واستثمارها لعزل خصومها الإسلاميين من المشهد السياسي التونسي إلى الأبد.

قبل عامين ونصف العام، فجرت تونس كأول بلد عربي عانى من ديكتاتورية بن على، انتفاضات الربيع العربي التي انتقلت إلى مصر وليبيا وسوريا.. وأدت أول انتخابات في تونس مع الأسف إلى وصول إسلاميين معتدلين للحكم وهو ما حدث أيضا في مصر لكن تدخل الجيش المصري لعزل الرئيس الإسلامي المنتخب بعد ضغوط إرادة شعبية كبيرة ألقى بسرعة بظلاله على تونس.

ولم ينتظر علمانيو تونس طويلا كي يتحركوا ضد الإسلاميين، فأطلق شبان حركة تمرد مثل حركة تمرد المصرية بهدف إسقاط الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية وحل المجلس التأسيسي المكلف بصياغة دستور جديد للبلاد.. وقال منظمو هذه الحركة إنهم جمعوا 200 ألف توقيع.

وبعد يوم واحد من الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، سارع حزب نداء تونس وهو من أبرز أحزاب المعارضة العلمانية في تونس لتهنئة المصريين بانتصارهم، لكنه استغل الموقف ليدعو إلى حل حكومة الإسلاميين وتشكيل حكومة إنقاذ وطني في خطوة غير مسبوقة.

وقال بيان لحزب نداء تونس، إن فشل الحكومة السياسي والاقتصادي وتفشي العنف أسباب تبرر الدعوة لحكومة إنقاذ لتسيير شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية.

قال الصديق: "نحن ندعو إلى حكومة إنقاذ لكن إذا أصر خصومنا على تجاهل مطلبنا فسنذهب لذلك بفرضه بإرادة شعبية سلمية ضاغطة.. نحن لا نخاف النزول للميدان ولو قتلونا".

الجميل في حملة تمرد المصرية، أنها أظهرت الجانب الخفي للقوى الضاغطة للشارع العربي كقوة اقتراحية لتغيير مسار الأمة العربية. شرعية الإسلاميين سقطت وانتهت إلى مزبلة التاريخ بسبب فشلهم السياسي والأمني والاقتصادي وحتى الاجتماعي.. لأنهم يعيشون خارج دائرة مجتمعهم ويفكرون بعقلية الجماعة الدعوية.

ارتدادات حملة تمرد قادمة على المشهد السياسي المغاربي، كقوة ناعمة تترسم معالم خارطة جديدة مبنية على دولة المواطنة. وتجعل من الدين لله والوطن للجميع، وترسى معالم دولة ديمقراطية وحداثية تؤمن بإرادة الشعوب العربية.
الجريدة الرسمية