رئيس التحرير
عصام كامل

فاتورة الديون.. حلول اقتصادية للخروج من النفق المظلم...و3 محاور لإصلاح الاقتصاد

هاني توفيق الخبير
هاني توفيق الخبير الاقتصادي

حالة من الجدل أثارتها تصريحات رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي عن خططه؛ لطرح بعض الأصول المملوكة للدولة وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري. 

"مدبولي" كشف عن مجموعة من الإجراءات الجديدة والأهداف الطموحة المصممة لإعادة هيكلة الاقتصاد لصالح القطاع الخاص، كما أعلن عن خطة الحكومة لجذب استثمارات جديدة بـ 40 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة من خلال بيع حصص في أصول مملوكة للدولة إلى مستثمرين محليين ودوليين. 

وتهدف الحكومة إلى جمع 10 مليارات دولار سنويا من خلال طرح مجموعة من الأصول أمام القطاع الخاص. وفي الوقت الذي ثمن فيه خبراء ومتخصصون هذه الخطوات ووصفوها بالإصلاحية والمهمة، فإن هناك فريقًا آخر يراها دون ذلك وحذر منها، معتبرًا أن بيع الأصول لسداد الديون مغامرة غير محسوبة..."فيتو" تفتح حوارًا مجتمعيًا حول هذه القضية وتداعياتها.

الدين العام

وفي هذا السياق كشف عدد من خبراء الاقتصاد أهمية خفض حجم الدين العام دون المساس بأصول الدولة في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وطرحوا العديد من البدائل لزيادة الحصيلة من العملة الصعبة وتقليل نسبة الدين العام، كما طرحوا حزمة من الرؤى والبدائل للخروج من الأزمة.

إلى ذلك قال الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إنه على الرغم من ارتفاع الدين الخارجي الذي وصل إلى 145.5 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من العام المالي الجاري 2021/2022 إلا أن مصر لا تزال في الحدود الآمنة، مضيفًا لـ "فيتو": الحكومة وضعت خطة لسداد الدين الخارجي لمصر بجانب تأليف برئاسة رئيس الوزراء لتخفيض الدين العام وذلك بعد ارتفاع أسعار الفائدة في البنوك العالمية المركزية.

وعن الطريقة المٌثلى لسداد مصر لديونها، أشار الفقي، إلى أن المحور الأول يكمن في أهمية استغلال المنح والقروض التي تحصل عليها الدولة من الخارج في تمويل مشروعات استثمارية ذات عائد وفقًا لجدول زمني محدد، لزيادة نمو الناتج المحلي بشكل أسرع من الدين للقدرة على السداد في المواعيد المقررة، فيما يتلحص المحور الثاني  في إعادة هيكلة الدين العام سواء كان محليًا أو خارجيًا من خلال زيادة فترة استحقاق الدين والتقليل من القروض قصيرة الأجل، مشيرًا إلى أن الدين متوسط وطويل الأجل يُمثل نسبة 90% من الدين العام وهو يعطي متنفس للسداد.

فيما يكون المحور الثالث في خفض حجم الدين الخارجي عبر زيادة دخل الدولة من النقد الأجنبي من مواردها الرئيسية وهي التصدير وتحويلات العاملين بالخارج والسياحة وإيرادات قناة السويس والاستثمار الأجنبي المباشر.

تحفيز الصناعة

الفقي شدد على أهمية تحفيز الصناعة بغرض التصدير، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سواء كانت من دول الخليج العربي أو غيرها في ظل ما تتمتع به من مزايا تنافسية سواء الاستقرار السياسي والأمني وتعدد الفرص الاستثمارية المُتاحة، وتعظيم العائد من قناة السويس والمنطقة الاقتصادية المحيطة بها بجانب زيادة. وأكد الفقي، على أهمية تيسير الإجراءات الحكومية المتعلقة بتخصيص الأراضي الصناعية للمستثمر، بجانب تحديد التعامل مع جهة واحدة في الحكومة، وتوفير عمالة متدربة على أعلى مستوى لتكون على مستوى عالي من الكفاءة في إدارة الآلات وخطوط الإنتاج الحديثة.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق، إنه على الرغم من ارتفاع نسبة الديون في مصر إلا أنها ليست عائقا ولكن الأزمة تكمن في مدى القدرة على السداد، ولكي نستطيع الالتزام بسداد الدين الخارجي وتخفيض نسبة الدين العام يجب زيادة الناتج المحلي.

وأضاف "توفيق" لـ "فيتو"، أن نسبة الديون في بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية والصين تتخطى نسبة الـ 300% ولكن لا تمثل لها أزمة كونها دولا منتجة وتستثمر القروض في إنشاء مصانع وزيادة صادراتها، مشددًا على  أهمية تشكيل لجنة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي؛ لترشيد ملف الاقتراض من الخارج، وقصره فقط على المشروعات ذات الأولوية، وذلك لتحديد مصادر صرف القروض وتوجيهها في المكان الأمثل.

وحذر توفيق، من خطورة توجيه كافة القروض إلى البنية التحتية وإنشاء المدن الجديدة  كونها أصولًا غير مدرة للدخل على المدى القصير، مشيرًا إلى أهمية خلق توازن في الاقتراض؛ بغرض الإنتاج والتصدير وسداد ما علينا من قروض وبين ما ننفقه على البنية التحتية أو الفوقية التي يتأخر العائد منها.

توفيق أكد على أهمية زيادة دخل مصر من الدولار من خلال الحفاظ على المستثمرين الحاليين بجانب زيادة الاستثمارات العربية والأجنبية وإقامة العديد من المشاريع ذات العائد الاقتصادي على المدى القصير، وارتفاع أوجه التصدير مشيرًا إلى أن مصر غنية جدا بالموارد الطبيعية والبشرية، ولديها مصادر دخل لا نهائية، منوهًا إلى أهمية إعادة جدولة بعض الديون وطرح سندات جديدة لكى يتم دفع السندات المستحقة في الفترة الحالية، ويتم تأخير استحقاقها إلى أعوام قادمة بجانب زيادات في رءوس الأموال في المصانع التي تملكها الدولة وعرض هذه الزيادات على المستثمرين العرب والأجانب لشرائها وبالتالي سنحصل على المزيد من العملة الصعبة وفي ذات الوقت نزيد من الاستثمارات والصادرات دون بيع حصة الدولة الأصلية في المنشأة.

فيروس كورونا

أستاذ الاقتصاد الكلي الدكتور عماد كمال، أرجع الزيادة الكبيرة التي تعرضت لها الديون المصرية خلال السنوات الأخيرة إلى تداعيات فيروس كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدًا قدرة البنك المركزي المصري على الوفاء بكل الالتزامات والاستحقاقات الخاصة بالقروض الخارجية التي يتم دفعها للدول بشكل مستمر، مؤكدا لـ"فيتو" أن الديون في مصر مستقرة ولا يوجد بها أي أزمات، لأن مصر ملتزمة بسداد المستحقات ولا تتأخر في سداد أية التزامات خارجية، ولكن من المهم أن تعتمد الدولة سياسة التقليل من نسبة الدين العام، والديون الخارجية، لتخفيف الأثقال على الموازنة العامة للدولة.

 

وعن تخطي أزمة الديون، قال  رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الدكتور رشاد عبده، إن الدولة المصرية تحتاج إلى سياسات اقتصادية واضحة تساعدها على تجاوز الأزمات المختلفة التي تضطرها إلى الاقتراض من الخارج وتراكم الديون عليها كل عام، مضيفًا لـ "فيتو": أسباب ارتفاع الديون في مصر، تتمثل في استيراد السلع الأساسية بالدولار، بالإضافة إلى الزيادة السكانية الكبيرة التي تعدت حاجز الـ 100 مليون مواطن.

 

وعن طرق سداد مصر لديونها، يرى “عبده” أن الدولة تحتاج إلى قرارات جادة من الحكومة لوضع مخطط زمني يتم من خلاله سداد الديون، بدون اللجوء إلى بيع الأصول أو طرحها في البورصة للمستثمرين المصريين والأجانب، مضيفا أن من أهم الحلول زيادة إيرادات قناة السويس عبر خطة ترويجية ضخمة في كافة دول العالم، والتي سوف تعود على مصر بعائدات تتراوح ما بين 60 إلى 80 مليار سنويا، فضلا عن ضرورة دعم الصناعة المحلية وتوطين العديد من الصناعات المستورد من الخارج، وتقديم منتج محلي بجودة عالية، للتقليل من الاستيراد ودعم التصدير بشكل كبير، للحصول على العائدات الدولارية التي تساهم في سداد الديون الخارجية والداخلية، والحد من ارتفاعها المستمر.

 

برلمانيًا.. يرى وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ياسر عمر، أن الاقتراض من الخارج أمر لا مفر منه للدولة، فهو الطريق الوحيد أمام الحكومة لسد عجز الموازنة وسداد الديون، مضيفًا لـ«فيتو»: لكن رغم ذلك، لا بد أن يكون هناك إدارة جيدة للأمور المالية بالحكومة وترشيد للإنفاق، بحيث يتم تقليل تلك الديون بقدر الإمكان.

 

وقال النائب محمود سامى عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشيوخ، إن التحديات الاقتصادية تتطلب من الحكومة الإسراع فى خطوات الإصلاح الهيكلى، للحد من أعباء الديون الداخلية والخارجية، مطالبًا بالبحث عن موارد مالية جديدة، والحد من الاستيراد، وبناء اقتصاد حقيقى، لمواجهة تلك التحديات.

عضو مجلس الشيوخ شدد على  أهمية الإسراع فى إشراك القطاع الخاص وتوسيع قاعدته، مشيرا إلى أن الفترة الماضية شهدت معوقات عديدة أمام القطاع الخاص، رغم أن ذلك القطاع من شأنه تحقيق التنمية المستدامة الحقيقية.

وتابع: الأزمة الحالية كشفت أهمية القطاع الخاص، ولكن رغم تلك الخطوات الحكومية الأخيرة، إلا أن تطبيق الحلول على أرض الواقع لن يكون قريبا حيث لن يكون قبل عامين على الأقل.

وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى ضرورة إجراء دراسة دقيقة حول نوعية الأصول التى يمكن استثمارها، وبحث مختلف طرق توفير الموارد وإعادة تدوير القروض، لا سيما أن الاقتراض أصبح أمرا صعبا فى هذه الفترة بسبب التغييرات الاقتصادية.

مصادر تمويل

وقال النائب عاطف مغاورى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب، إن على الحكومة البحث عن مصادر تمويل لسداد الديون الداخلية والخارجية بعيدا عن الاقتراض، مستشهدا بمثل شعبى قائلا: "قبل ما تسأل جارك فتش فى بيتك سبع مرات"، ما يعنى أن على الحكومة أن تبحث كثيرا عن وسائل وموارد لسداد الديون قبل أن تقترض من الخارج، وتورث الأجيال القادمة ديونًا، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات تحد من الاستدانة. كما طالب الدولة بالبحث عن موارد جديدة مثل فرض ضريبة على مظاهر الإنفاق، قائلا، هناك مظاهر إنفاق باهظة لا تتماشى مع ما هو معلن أو يتم حصره من أملاك وممتلكات لبعض الشخصيات، ما يتطلب من الدولة إعادة النظر فى تلك المظاهر وفرض ضريبة عليها، لصالح سداد الديون وتخفيف الأعباء عن المواطن البسيط.

 

وقال لا يمكن الاستغناء نهائيا عن القروض، لكن علينا البحث عن مصادر تمويل محلية، مشيرا إلى أن هناك تقريرا يؤكد أن مصر لديها ١٧ ألف شخص ثرواتهم تتعدى المليار جنيه، ما يتطلب استحدث قانون لفرض الضرائب عليه من أجل أخذ حق الدولة وتقليل الاعتماد على الخارج.

وتابع، أيضًا لا بد من الإسراع فى برنامج إحلال الواردات، ووقف استيراد ما يتم إنتاجه محليا وكذلك تقليل الارتباط بالدولار من خلال الربط بالعملات الأخرى والصفقات التبادلية.

 

الخبير الاقتصادي الدكتور علاء رزق  يرى أن الأمر يقاس بقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المادية والتزامات ديونها اتجاه العالم الخارجي، مشيرًا إلي أن مصر سددت ما يقرب من 24 مليار دولار، وهذا وإن دل يدل علي أن الاقتصاد المصري قادر علي الوفاء بالتزاماته، وذلك يعطي شهادة ثقة موثقة بأنه مهما بلغت حجم الديون، مصر قادرة علي الوفاء بها.

 

الديون بلغت الآن ما يقرب من 400 مليار دولار، وفق ما أكده "رزق"، وإذا تم تفنيد الأموال التي تم اقتراضها تجد أنها أنفقت على البنية الأساسية، ولا يمكن لأي اقتصاد أن يقف على قدميه إلا في وجود بنية أساسية قادر بالفعل على إشباع احتياجات المواطن الداخلي، وقادرة على جذب الاستثمارات المحلية "القطاع الخاص"، وهو ما شجع فكرة تخارج الدولة المصرية من 79 مشروعا لصالح القطاع الخاص، وذلك يدل على أن الدولة المصرية تنظر للقطاع الخاص على أنه شريك محوري في النجاح الفترة القادمة.

 

وشدد "رزق" على أنه لابد من وجود قدرة حقيقية على إدارة المديونية الحرجة، بإعطاء فرصة للقطاع الخاص بالمشاركة، لأن مشاركته تدفع الدولة لتوفير البنية الأساسية مثل الكهرباء والنقل والمياه، وكل ذلك تم تأسيسه بفضل أموال القروض، منوها القطاع الخاص عند شرائه تلك الخدمات الأساسية سيوفر عوائد مالية، وبالتالي سيتم سداد الديون من خلال تلك العوائد المالية، منوها بدون مشاركة القطاع الخاص لم يتوفر عوائد من مشروعات تأسيس البنية الأساسية، وبالتالي لم تستطع الدولة سداد الديون وفوائدها.

وكشف الخبير الاقتصادي أن مصطفي مدبولي رئيس الوزراء أوضح أن الدولة لن تكرر مرة أخرى فكرة الخصخصة، بمجرد البيع لسد عجز الموازنة، وبالتالي الدولة لم تتجه إلى بيع أصوالها ولكنه تعمل على الاستغلال الأمثل لأصوال الدولة، من خلال إدارتها ووضعها تحت تصرف المستثمر المحلي والأجنبي ليكون أحد عوامل الجذب الحقيقي للاستثمارات العالمية، فالهدف من ذلك تحسين مناخ الاستثمار.

وتعظيم الصادرات للوصول لـ100 مليارات صادرات خلال العامين القادمين، وبذلك نستطيع ضمان بعد نجاح تلك الشركات وعملها بالكفاءة المطلوبة القدرة على تغذية السوق المحلي، وبالتالي تنظيم الاستيراد وتقليله، وبالتالي تقليل التوجه إلي الاقتراض، لذلك هدف الدولة من الاقتراض أنه إطار عام لتحسين مناخ الاستثمار من أجل زيادة الصادرات ل100 مليار في ظل تقليل كمية الاستيراد ل50 مليار دولار، كل ذلك سيجعل الدولة المصرية قادرة على الإدارة الجديدة للديون.

 

وناقش الخبير الاقتصادي تصريح الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأن أمل الدولة الوصول لناتج محلي إجمالي تريليون دولار، وحاليا وصل الإجمالي المحلي 430 مليار دولار، وأوضح "رزق" أن الوصول لتلك القيمة لن تكن إلا من خلال الاقتراض وذلك ليس دعوة للاقتراض ولكنها دعوة لإدارة الأموال، بصورة تضمن تغطية التكلفة وتحقيق فوائض نستطيع من خلالها تحقيق استثمار إضافي وتوفير فرص عمل، لأنه عند زيادة التصدير بمقدار مليار دولار تزيد فرص العمل 240 ألف فرصة عمل، وذلك يعد احتواء لمشكلة التضخم والبطالة والكثير من المشاكل الأخرى.

وأكد "رزق" أن كل دول العالم عليها ديون ويتجهون إلى الاقتراض، ولكن الدولة الناجحة هي التي تحافظ على نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي، ومصر في فترة من الفترات تخطت حاجز 100% وحاليا عند حاجز 98%، وفي طريقنا إلي أن نصل إلي 60%، فلا يجب النظر إلى القروض نظرة سطحية، فالقروض ليس سيئ في مجمله، ولكن السيئ سحب القرض وعدم القدرة على توظيفه بالشكل الأمثل، وإقامة بنية تحتية تكون قادرة على جذب استثمارات القطاع الخاص والعالمي، أو عدم القدرة علي تحويل تلك القروض لبرامج خاصة بالإصلاح الاقتصادي.

وأشار الخبير الاقتصادي أنه يشجع ويتقبل اقتراض 100 مليار دولار، لاستصلاح 7 ملايين فدان في مصر، لأن استصلاح 7 ملايين فدان يعني حوالي 80% من أراضي مصر، بما يعد أولا مضاعفة الرقعة الزراعية، ثانيا زيادة الصادرات المصرية الزراعية لقيمة تعوض تلك التكاليف، ثالثا والأهم تحقيق الأمن الغذائي، وضمان توفير فرص العمل، وبالتالي خلخلت التركيبة السكانية، وبالتالي تعمير وبناء مدن جديدة.

واختتم قائلا: الهدف الأساسي إدارة جيدة للديون الحرجة وربطها بالناتج المحلي الإجمالي، لابد من المحافظة على أصوال الدولة ووضعها تحت الاستغلال الأمثل بما لا يضيع حقوق الأجيال القادمة، وذلك مفهوم التنمية المستدامة، لابد من التعلم من أخطاء الماضي بالتوجه إلي الخصخصة من خلال آليات غير مدروسة وضاعت من خلالها موارد وأصول الدولة وحقوق المواطنين والعمال، فلابد من الانتباه إلى تلك المشاكل التي من الممكن أن تؤثر على الاقتصاد والحياة الاقتصادية والاجتماعية في مصر.

الإصلاح الاقتصادي

ومن جانبه، يرى الدكتور كريم عادل الخبير الاقتصادي، أنه على مدار 8 سنوات نجحت الدولة المصرية في الوفاء بديونها السيادية تجاه مختلف المؤسسات المالية الدولية، وجاء ذلك نتيجة لنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي والسياسات المالية والنقدية المرنة والمتوازنة الذي ساهم في زيادة موارد الدولة وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وحصلت الدولة المصرية على العديد من الإشادات الدولية من الجهات المُقرضة بذلك، وأكد على ذلك تثبيت التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصري في وقت تراجعت فيه تصنيفات العديد من الدول، فالوفاء بالديون السيادية والتزامات الدولة الخارجية يعد أحد أهم المؤشرات على قوة الاقتصاد،  فضلًا عن مساهمة ذلك في جذب للاستثمارات، فالدولة القادرة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية ستكون قادرة على الوفاء بحقوق المستثمرين فيها.

 

وأوضح "عادل" أنه حرصًا من الدولة المصرية على تنمية مواردها جاء صندوق مصر السيادي ليقوم بدوره في إعادة هيكلة الأصول الغير مستغلة داخل الدولة المصرية،  بهدف إعادتها ضمن المنظومة الاقتصادية للدولة المصرية وتعظيم الاستفادة منها، سواء من خلال إعادة تشغيلها أو فتح مجال الشراكة مع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي فيها.

وكشف الخبير الاقتصادي أن استراتيجية الدولة جاءت لدمج القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، بهدف زيادة مواردها وتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي، الذي وإن حدث فإنه يأتي في إطار المستهدفات التنموية للدولة وبما يساهم في تنفيذ المزيد من المشروعات القومية التي تدعم أهداف الدولة وتحقق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها، ودلالة ذلك أن كافة الدول بما في ذلك الدول الكبرى تلجأ إلى ذلك، بما في ذلك إصدار الصكوك وأذون الخزانة والسندات الحكومية باعتبارها أحد أهم مصادر التمويل اللازم للمشروعات. 

واختتم قائلا: في ظل المزيد من المشروعات القومية والإنتاجية ودعم للقطاع الصناعي. وجذب استثمارت جديدة للدخول في مشروعات جديدة تضيف للاقتصاد المصري،  ستصبح الدولة قادرة على الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها الخارجية، وتتحول تدريجيًا إلى القدرة على توفير موارد تمويل ذاتية دون الحاجة إلى الاقتراض الخارجي.

وحزبيًا..أكد أحمد بهاء شعبان رئيس الحزب الاشتراكى المصرى أن تسديد الديون بعيدا عن بيع الأصول يحتاج إلى نظرة جديدة غير تقليدية لمواجهة الأزمة الراهنة وخاصة أننا نواجه الأزمة بما يزيد مشكلتها، مضيفًا لـ"فيتو": لابد من سياسة اقتصادية جديدة تضع حد للاستدانة وأن تكون سياسة جديدة قائمة على الإنتاج وعدم الإفراط فى الاستيراد من الخارج لمواد وأدوات وأطعمة لا قيمة لها لكنها تستهلك أموالا كبيرة للغاية.

واستطرد: لابد من وضع خطة جديدة للزراعة بحيث يتم الاكتفاء الاستراتيجى من الزراعة وخاصة انها تستهلك كثيرا من العملة الصعبة قائلا" احنا الدولة ال علمنا البشرية الزراعة" موضحا إلى أن المواد الذى كانت تملىء الوادى أصبحنا نستوردها من الخارج والاعتماد على الذات وتقليل حجم المستورد إلى آدنى حد هذه شروط ضرورية للحد من الاستدانة.

وأشار شعبان: بعدما تقدم قطاع السياحة لدينا نكتشف بعد ذلك أن مصر تستقبل أقل من دول لم تملك ما نملكه من مقومات سياحية لذلك ادعو لمؤتمر اقتصادى وطنى شامل يضم كل العناصر الاقتصادية والاكاديمية ورجال الأعمال والفكر لمناقشة الأزمة الاقتصادية وكيفية الخروج منها وأيضا مؤتمر لمناقشة قضية الزراعة والمياه وأيضا قضية التعليم وأؤكد أن المدخل الأساسى لمواجهة الأزمات هو الثقة فى الشعب المصرى.

وأوضح شعبان: إلى أن وزير قطاع الأعمال لا يجب أن نفرط فى إدانته لأنه ينفذ سياسات، لافتا إلى أن بيع مصنع مثل الحديد والصلب كارثة كبرى فى وقت خطأ ولم أكن أتصور أن يخطو وزير قطاع الأعمال مثل هذه الخطوة وحده لذلك نحن فى حاجة لسياسات جديدة نعظم فيها دور العلماء الموجودين فى مصر.

وأكد عاطف مغاورى عضو مجلس النواب أن المبالغ المرصودة لسداد الديون والفوائد تستهلك كم من الموازنة العامة للدولة لافتا إلى أن الجزء المتبقى للاستثمار يتضاءل بسبب الديون وخاصة أنه كلما زاد نصيب الفوائد والديون يتناقص ما هو فائض للتنمية.

وأضاف مغاورى لـ"فيتو": لابد من وجود عدة بدائل أولها قبل التفكير فى الاقتراض هو التفكير فى موارد داخلية ومحلية مشيرا إلى أنه وفقا لاحصائيات خارجية لدينا ١٧ ألف ملياردير  أى ١٧ ألف تفوق ثروتهم المليار إضافة إلى أن لدينا ٦٠% من الاقتصاد غير رسمى ولا يسدد التزاماته للدولة وطالب بضرورة اتخاذ إجراءات محكمة لدمج هذا الاقتصاد.

وأوضح مغاورى: الحكومة بتخطط للي تحت أيدها لكن الكتلة الكبرى غير موجودة لا تحكمها بقاعدة ولا تسدد التزاماتها موضحا إلى أن فكرة الاقرارات الضريبية الكثير يتلاعب بها وأيضا لابد من المحاسبة على مظاهر الإنفاق فهناك أفراح تتعدى الملايين وأحيانا تأتى لها لوزام الضيافة من الخارج وأن يتم فرض ضريبة على الثروة تفرض لمرة واحدة.

وقالت فريدة النقاش القيادية بحزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ أن الحل الوحيد لتسديد الديون بعيد عن بيع الأصول ودون مضاعفة الأعباء على الفقراء هو زيادة الإنتاج وهو الحل الذى يعرفه جميع الاقتصاديين والسياسيين زيادة الإنتاج ودفعة المصانع لافتة إلى أنه لا حل سوى ذلك/ مضيفًا لـ"فيتو": الصناعة والزراعة أهم أشكال الإنتاج الذى يؤدى إلى نمو الاقتصاد وحياة الناس مشيرة إلى أن مسألة بيع الأصول كارثة كبرى وخاصة أن مصر خاضت معارك كبيرة للغاية من أجل أن تسترد الأصول من يد الأجانب والكيانات الخاصة واسترداد قناة السويس قامت بسببها معركة كبيرة موضحة إلى أن هذه الأصول ملك للشعب المصري ولا يجوز التصرف فيها دون حوار مجتمعي كبير جدا.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية