رئيس التحرير
عصام كامل

ومن سرق ثورة يونيو ؟

يثور الناس عادة حين يختنقون من الظلم والاستبداد والفساد وتضيق بهم سبل التعبير، حين يرون الحكام التفت حولهم بطانة منعت عن الحاكم أصوات الحقيقة، وفى التاريخ أن المخلصين يقومون بالثورات، لكن اللصوص يقفزون على المنصات. في تاريخنا القريب والمعاصر وقعت سرقتان ساطعتان، الأولى وقعت لما يسمى بثورة الخامس والعشرين من يناير عام ٢٠١٢، والثانية وقعت وتقع لثورة الشعب العظيمة في الثلاثين من يونيو.

 

يناير سرقها الإخوان من المأجورين في دكاكين حقوق الإنسان، الذين استغلوا سخط الناس في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الراحل حسنى مبارك، وثوروا برامج التوك شو تثويرا بلغ حد التحريض العلنى المشبع بالأكاذيب مخلوطة بالحقائق، وسيول من النقد والسباب والملاحقة والحط من قدر المسئولين، وكان ذلك كله تطبيقا عمليا للتلقين المذهبي المخابراتى في مدارس صربيا تحت عنوان التغيير السلمي للسلطة.. 

سرقة الثورة

 

على أية حال فإن لصا قد سرقه لص آخر كان يخطط ويتحفز وينتظر إشارة الانقضاض، وبالفعل تلقوها حين أعلن أوباما أن علي مبارك أن يرحل الآن يعني الآن، وحين أبلغ أوباما أحمد عبد العاطي في محطة الاستخبارات بإسطنبول، أن على الإخوان النزول الآن للمشاركة في أحداث الإطاحة بالرئيس مبارك وقال بالحرف:Now Or Never.أحمد عبد العاطي عمل لاحقا سكرتير مكتب مرسي !


نزلوا ورأينا يوسف القرضاوى يعتلي منبر الأزهر، ومنصة التحرير، ويزيح في صعوده وائل غنيم. لص إذن سرق لصا واستمرت السرقة عاما، رأي الشعب طوال تلك السنة عملية تحويل ممنهجة للهوية، وصار أهل مصر فسطاطين: الإخوان المسلمون، أما بقية الشعب من غيرهم فهم الكفار!
حزب الكنبة انفجر وخرج في الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، جموع الشعب خرجت بالملايين، تمردت على دعاة الفتنة والتكفير، لصوص اللصوص، واستجاب الجيش لنداء الشعب، وقدم وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي رأسه فداء للأمة التي هتفت “انزل ياسيسي انزل ياسيسي”.. 

 

قاد السيسي ثورة الثلاثين وطمأن الناس، وقال أنتم بأعيننا، وظهر حنان الرجل في كل كلماته وأعماله وخطواته، ولم يختلف السيسي الذي بدأ فريقا والآن رئيسا، هو هو الرجل خط مستقيم وصادق وأمين ووطنى رومانسي فائق الرومانسية.. وتمر السنون، ويتغير وجه العمران في البلاد، ولا تتغير وجوه اللصوص الجدد!


لصوص جدد


الحق أنهم هم ذاتهم من مهدوا التربة السياسية للثوران والفوران وتسخيط الناس ثلاث سنوات كاملة قبيل أحداث ٢٥ يناير٢٠١١، وهم الذين جاءوا بالعملاء، وفيهم متهمون بالتمويل الخارجي، وهم الذين قدموا الإخوان ومرورهم للناس، ولما انقلب اللص الجديد على من ساعده على بلوغ السلطة، وهدد بالمشانق والمحارق، تحولوا كالحرباء إلى ثورة الشعب والجيش في الثلاثين من يونيو٢٠١٣، وصنعوا من تحولاتهم الأسطورية أموالا وثروات، وخرجوا على الناس ويخرجون بوجوه نضرة، ينصحونهم بالصبر على مصابهم الأليم في معايشهم !


هل إعلاميو الإخوان والعملاء هم وحدهم من سرقوا ثورة الشعب؟ كلا ! المنافقون يزاحمون، ويسخرون الدين تارة، والوطنية الكاذبة تارة أخرى، ويشاركون بتقلباتهم وتحولاتهم في الفتاوى في إرباك الوجدان العام وترسيخ حالة من التنافر والجدل المجتمعي، في التوافه!


المنافقون فقط؟ كلا ! هنالك أيضا محميات من الأشخاص، بلغوا مناصب أعلى من مستواهم الضحل المخجل، ويمثلون عبئا على صانع القرار، هؤلاء يعيشون في كنف مراكز قوة ولدت وتمارس وظيفة من وظائف الله: المنح والمنع. إقصاء فلان وتقريب علان!
 

 

من سرق يونيو أيضا؟ المكوشون.. انظر حولك وتمعن يا صاحب القرار: واحد نقيب ورئيس هيئة ومقدم برامج، والقانون يمنع الجمع بين النقابة ورئاسة هيئة! التكويش من أخطر أعراض السخط المتحفز حاليا.. إنما ننبه قبل فوات الأوان، نرى الاحتقان بالغا، ليس على أداء القيادة السياسية أبدًا، فالرئيس يعمل مخلصا، ويتمنى أن يجعل كل مصري سعيدا آمنا، لكن هنالك من يحارب ذلك، وهناك من ينتفع وهناك من اغتنى بالمكر والتقلب، ويدفع الناس إلى الاحتقان. الآ هل بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية