رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة فرضية الحجاب تعود من جديد.. الهلالي يثير الجدل بتضعيف أدلة الثبوت.. عباس شومان: لا ينكرها إلا جاهل ضال.. والأزهر يوضح حكم الشرع

حكم اتداء الحجاب
حكم اتداء الحجاب

عادت أزمة فرضية الحجاب من جديد لتطفو على الساحة الدينية، وذلك بعد التصريحات المثيرة التى خرج بها الدكتور سعد الدين الهلالي؛ أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر؛ وذلك بعد أن أوضح أن الحديث الشريف الخاص بالتوجيه بارتداء المرأة الحجاب يعد أكثر من ضعيف، وأن تفسير قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} يحتاج إلى ما يوضحه؛ بحيث يكون إلا ما ظهر منها عرفا، أو ما ظهر منها شرعا.

تصريحات سعد الهلالي عن الحجاب 

وقال الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن تيار الإسلام السياسي لا يريدون وجه الله، بل يريدون وجه الجهات التى تحميهم، وكأنهم هم من نشروا الإسلام فى مصر.

وأضاف خلال لقائه ببرنامج "الحكاية"، مع الإعلامى عمرو أديب على قناة “إم بي سي مصر” مساء الأحد: "لما قالوا هنعمل مليونية النقاب، ومليونية الحجاب والشريعة، والمليونيات التى تتعامل مع العبادات والعادات، ويجعلونها كأساس مظهري".

وتابع: "تحدثوا عن الحجاب ويقولوا تحمى نفسك من الذباب والذبح، ويمنع من التحرش، وانتى عليكى تعترفى إنك عاصية وتخرجى من غير حجاب"، متسائلا: "هل تريدون أن تخرج المرأة غير المحجبة وتشعر أنها عاصية لله؟ أو تعلم أنها غير مقتنعة أن ستر الرأس يكون فرضا دينيا وفهمت أن الحشمة هى الأساس، وتلقى الله بقلبها أم بقلب غيرها".

وأردف: "الآية التى تقول: يدنين عليهن من جلابيبهن، ليس لها علاقة بالرأس، كيف يلبس الجلباب؟ عند الرقبة والجلباب وانت نازل، ايه دخل دى بالحجاب؟".

وذكر أن حديث الحجاب، الوجه والكفين، رواه أبو داود ومات 275 هجرية، وسيدنا النبى مات 11 هجرية، ولم يظهر الحديث إلا بعد وفاة الرسول بـ 240 سنة، وكان أبو داوود أمينا، وقال عن خالد بن دريك، عن عائشة، أن أسماء بنت أبو بكر الصديق دخلت على الرسول، وعليها لباس رقاق، وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه، قال أبو داوود: خالد بن دريك لم يدرك عائشة، فالحديث أكثر من ضعيف.

واستطرد سعد الدين الهلالي: "النساء فى عهد الرسول والصحابة، كانت حرة طليقة وتتعامل عرفيا، لأن الله يكرم الإنسان بإعطائه سلطته على نفسه".

حكم الحجاب 

ومن جانبه أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف السابق، أن الحجاب فريضة محكمة كالصلاة، وذلك بعد إجماع فرضيتها من قبل علماء  المسلمين في كل العصور.

وكتب “شومان” عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: "الحجاب فريضة محكمة كالصلاة، ولا ينكر فرضيته إلا جاهل ضال، فقد أجمع على فرضيته علماء المسلمين في كل العصور، فكفوا عن إرضاء البشر على حساب دينكم".

الأزهر يوضح موقف الحجاب 

وكان مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية قد أوضح في وقت سابق، حكم فرضية الحجاب، وذلك عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” وذلك على النحو التالي:

الحجاب فرضٌ بنصوص قرآنيةٍ قطعيةِ الثبوتِ والدلالة، وانتشرت في الآونة الأخيرة بعضُ الأفكار والفتاوىٰ التي تدَّعي عدمَ فرضية الحجاب، ولا شك أن مثل هذه الأفكار إنّما هي ادعاءاتٌ لا تمت للإسلام بصلة.

فالحجاب فرضٌ ثبت وجوبُه بنصوص قرآنيةٍ قطعيةِ الثبوتِ والدلالة، وليس لأحدٍ أن يخالف الأحكام الثابتة، كما أنه لا يُقبل من العامة أو غير المتخصصين - مهما كانت ثقافتهم- الخوض فيها.

أدلة ثبوت فرضية الحجاب 

ومن الآيات القرآنية قطعية الثبوت والدلالة التي نصت علىٰ أن الحجاب فرضٌ علىٰ كل النساء المسلمات، قول الله ﷻ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...} [النور: 31]، وقوله ﷻ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59].

وإن المتأمل بإنصافٍ لقضيةِ فرضِ الحجابِ يجدُ أنه فُرض لصالح المرأة؛ فالزِّيُّ الإسلامي الذي ينبغي للمرأة أن ترتديه، هو دعوة تتماشىٰ مع الفطرة البشرية قبل أن يكون أمرًا من أوامر الدين؛ فالإسلام حين أباح للمرأة كشفَ الوجه والكفين، وأمرها بستر ما عداهما، فقد أراد أن يحفظ عليها فطرتها، ويُبقي علىٰ أنوثتها، ومكانِها في قلب الرجل.

إضافةً إلىٰ أن الطبيعة تدعو الأنثىٰ أن تتمنَّع علىٰ الذكر، وأن تقيم بينه وبينها أكثرَ من حجاب ساتر؛ حتىٰ تظل دائمًا مطلوبةً عنده، ويظل هو يبحث عنها، ويسلك السبل المشروعة للوصول إليها؛ فإذا وصل إليها بعد شوق ومعاناة عن طريق الزواج، كانت عزيزة عليه، كريمة عنده.

ونوضح من خلال ما سبق أن الذي فرضه الإسلام علىٰ المرأة من ارتداء هذا الزي الذى تستر به مفاتنها عن الرجال لم يكن إلا ليحافظ به علىٰ فطرتها، ونحن لا نُلزمُ به مسلمةً أسلمت وجهها لله ﷻ؛ فمن ارتدتْهُ فقد أدَّتْ فرض اللهِ عليها، ومن تركته فقد فرطت. 

ونهيب بمن يروِّجون مثلَ هذه الأحكام والفتاوىٰ أن يكفُّوا ألسنتهم عن إطلاق الأحكام الشرعية دون سند أو دليل، وأن يتركوا أمر الفتوىٰ للمتخصصين من العلماء، وألا يزجّوا بأنفسهم في أمور ليسوا لها بأهل، وأن ينتبهوا لقول الله: {وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلࣱ وَهَـٰذَا حَرَامࣱ لِّتَفۡتَرُوا۟ عَلَى اللهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَفۡتَرُونَ عَلَى اللهِ ٱلۡكَذِبَ لَا یُفۡلِحُونَ} [النحل: 116]، ولقول بعضِ السلف: «أجرؤكم علىٰ الفُتيا أجرؤكم علىٰ النار» أخرجه الدارميُّ في سننه.

الجريدة الرسمية