رئيس التحرير
عصام كامل

بوكخوريس يا حكومة!

تابعت الأخبار المنشورة عن اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب برئاسة الدكتور فخرى الفقى خلال اجتماعها أمس الثلاثاء لمناقشة مشروع قانون تقدمت به الحكومة وبالتحديد وزارة المالية بالتجاوز عن خمسين في المائة من مقابل التأخير والضريبة الإضافية، وتجديد العمل بالقانون رقم 79 لسنة 2016 في شأن إنهاء المنازعات الضريبية.


واشترط مشروع القانون أن يقوم الممول أو المكلف بسداد أصل دين الضريبة أو الرسم كـاملا حتى تـاريخ العمـل بهـذا القانون، أو حتى 15 يوليـو ۲۰۲۲، على أن يسدد نسبة الخمسين في المائة الباقية التي لم يتم التجاوز عنها خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون.
 

سعدت بمشروع القانون الذى تقدمت به الحكومة لمجلس النواب لسببين، الأول أن الحكومة تريد توصيل رسالة بمفادها أنها تشعر بالآم المواطن وتحاول أن تخفف عنه في ظل الازمات الاقتصادية التي يمر بها العالم منذ سنوات بسبب كورونا وأخير بالحرب الروسية الأوكرانية بالتجاوز عن 50 % من مقابل التأخير والضريبة الإضافية. لكن الخطوة الحكومية طبعا لم تعجب  نواب الشعب وهو ما أسعدنى، أما السبب الثاني، أن المواطن بهذا التفاعل البرلماني قد يشعر أن له نواب يدافعون عنه ويشعرون به أكثر مما تشعر به الحكومة وهذا هو جوهر الديمقراطية.


النواب طلبوا أن يكون الإعفاء من فوائد التأخير 100 % وإمتداد المهلة إلى 31 يوليو 2022 بدلا من 15 يوليو 2022 لوجود اجازات عيد الأضحى المبارك.

تحسين الأداء المالي


بداية  لا أعرف كيف تتقدم الحكومة بمشروع قانون يكون مداه الزمنى في التطبيق أيام ثم يطالب النواب بزيادته لأيام أخرى تنتهى في 31 يوليو 2022، والسؤال المنطقى الذى أرى إن اجابته منطقية أيضا: هل يتحقق هدف وزارة المالية من مشروع القانون؟  
 

أولا، نحن مع هدف وزارة المالية وسعيها لتحسين الأداء المالي والحرص على تحصيل حقوق الخزانة العامة للدولة، ولتخفيف الأعباء التي يتحملها ممولى الضرائب خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التي يمر بها العالم أجمع، وتنشيط المتحصلات الضريبية سواء أكانت عن أصل دين الضريبة أو الرسم أو مقابل التأخير أو الضريبة الاضافية، واستكمالًا للنهج الذي اتبعته وزارة المالية.


كما تهدف وزارة المالية ونحن معها  للحد مـن المنازعات الضريبية وسرعة تسويتها بما يسهم في توطيد جسور الثقة بين الإدارة الضريبية والممولين لدعم توجه الدولة لمساندة الأنشطة الاقتصادية وتحفيز الإنتاج. والسؤال هل تحصيل 270 مليار جنيه  هي جملة متأخرات ضريبية ولو أضفنا أموال التأمينات سنصل لتريليون جنيه.. أقول  هل سيكون ممكنا في ظل الظروف الصعبة؟ نعم المبلغ ضخم والمواطن يحتاج تسوية أموره مع الحكومة.. لذلك يكون الطلب ملائما أن نرفع النسبة من  50% إلى 100% وتكون الفترة المسموح بها للسداد أطول.


مدونة بوكخوريس
 

من هذه المناقشات وجدتنى امام مدونة فرعونية شهيرة إسمها مدونة بوكخوريس للقانون في مصر الفرعونية.. وبعيدا عن النصوص القانونية في هذه المدونة التي أصدرها الملك بوكخوريس مؤسس الأسرة الرابعة والعشرين ( 718 – 712 قبل الميلاد) لتنظيم حياة المصريين منذ نحو 3 الاف سنة أو بالتحديد منذ 2734 عاما ونحن في عام 2022.


نجد قواعد قانونية عديدة  في هذه المدونة يمكننا أن نناقشها فيما بعد  لنرى مدى التحضر الذى عاشته العقلية المصرية منذ أكثر من 7 الآف سنة.. لكن فىيما له علاقة بمشروع قانون الحكومة نجد أحد بنود هذه المدونة الشهيرة يضع حدا أقصى للفوائد على القرض بما لايزيد عن 30% للقروض النقدية و33.3% للقروض العينية وحظرت على الدائن آنذاك تقاضى فوائد على متجمد الفوائد.


ومن المدونة القديمة هناك نصوص في القانون المدنى الحالي تؤكد عدم جواز زيادة الفوائد المدنية عن 4 % والتجارية 5% ومع ذلك نجد أن الفوائد على ديون الضرائب تتجاوز ال 15 %، بل وتحصل أيضا  فوائد على الفوائد التي تؤكد العديد من النصوص القانونية الأخرى عدم جواز تحصيل فوائد بنكية عن  الفوائد.

  


والمسألة ليست خاصة بوزارة المالية لكن ما تفعله البنوك في سياسة القروض وفوائدها تجعل المستثمرين يحجمون عن الاقتراض لاقامة مشروعات استثمارية، لذلك أرجو من  خبراء البنوك وخبراء البنك المركزى مراجعة هذه اللوائح البنكية حتى ينتعش الاقتصاد من خلال حركة الاقتراض سواء كانت للمواطنين أو البنوك، وهو ما نسعى له جميعا مع مقارنة حجم المكاسب لو استمرت هذه السياسات البنكية ومقارنتها لو عدلناها وفقا لأسس اقتصادية أيضا!
Yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية