رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة الدكتور موافي!

مع حفظ كل الألقاب للدكتور حسام موافي أستاذ الطب المعروف إلا أن أزمة تصريحاته الأخيرة كانت كاشفة لعدة قيم في مجتمعنا هي إلي تراجع  بكل أسي.. قيمة التفكير.. قيمة النقل الأمين عن الغير.. قيمة الحوار.. قيمة الاختلاف.. قيمة التعبير عن الذات.. كلها إلي الخلف! 

 

من هاجموا تصريحات الدكتور حسام موافي انطلقوا من فرضية صحة ما بلغهم.. ثم انحازوا للعلم وفقط دون أي اعتبارات أخرى! ومن دافعوا عن الرجل انحازوا إلي مكانته لديهم وإلي ثقتهم فيه دون أي اعتبار للعلم أو أي اعتبارات أخري!

ثقافة الاختلاف


وبلا ضجيج يخرج الرجل في هدوء.. يطبق ما يقوله منذ سنوات وبغير أي انفعال ليؤكد أن تصريحاته ببساطة هي كذا وكذا.. وأنه لا يمكنه بأي حال أن يتجاهل علما مهما اسمه الطب النفسي ، وهو ما لا يقبله عمره ولا علمه.. وإنما ملاحظاته علي زوار عيادته تؤكد أن المؤمنين من كل الأديان تزيد قدرتهم علي مواجهة الأزمات النفسية!


المهاجمون إذا تأنوا وراجعوا التصريحات لكفاهم ذلك شر المعركة التي جرت!.. والمدافعون عنه إذا راجعوا سيرة الرجل وكيف يحترم العلم لأنتظروا توضيحاته ولكفاهم أيضا المعركة التي جرت!
الآن.. انتهت الأزمة وانتصر العلم مع الإيمان.. والإيمان علاقة بين العبد وربه لا يمكن قياسها ولا يصح ولا يحق التفتيش فيها.. والعلم مناهج وفرضيات وبحث وتجريب وفئات وعينات ثم مشاهدات وإحصائيات وحزم معلومات وجداول وأرقام.. ورأي الدكتور حسام موافي في مرضاه لا يرقي إلي التجارب العلمية ذات النتائج المعتبرة المعتمدة.. وقد أشار إلي ذلك بنفسه وبغير تكبر.. 

 

 

ولكن يتبقي من القصة كلها -وهي قصة نخبة- أخطر ما فيها: لماذا لا نجتهد في البحث عن المعلومات ومصادرها وصحتها؟ لماذا نهيل التراب فجأة علي تاريخ وسمعة كل من نختلف معهم؟! لماذا نتجاوز الموضوعي إلي الشخصي وننتقل من المناقشات إلي الاتهامات ومن الاختلاف إلى الخلاف والذي قد يصل إلى البذاءة بل إلي التكفير والتشكيك في الضمائر والنيات.. إيمان الناس وعقائدهم؟! لماذا نلجأ إلى المفردات السوقية للتعبير عن أفكار هي أصلا جيدة ومحترمة؟! كيف يستويان؟!  كيف يجتمعان؟! كيف وصلنا إلى هذا الذي رأيناه؟! كيف وصلنا إلى هذا الذي جري؟! 

الجريدة الرسمية