رئيس التحرير
عصام كامل

السباق نحو السعودية.. الرياض الورقة الرابحة في الصراع الأمريكي الروسي.. وتنافس بين الجانبين لكسب ودها وتأييدها

الملك سلمان مع بايدن
الملك سلمان مع بايدن

شهدت أسعار الطاقة ارتفاعا جنونيا متأثرة بالحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير الماضي، وذلك جراء العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على موسكو، ومنذ ذلك الحين تعاني واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون من أزمة تضخم حادة جراء ارتفاع أسعار الوقود، بالإضافة إلى أن هناك العديد من الدول الأوروبية تعتمد بشكل كبير جدا على النفط الروسي، وهو ما يمثل معضلة كبيرة أمام دول التكتل لفرض عقوبات قاسية عليها.


وعلى الجانب الآخر، فإن روسيا التى تقبع للعقوبات، حقق الروبل ارتفاعات قياسية أمام الدولار واليورو، وذلك بفضل قرارات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ببيع النفط مقابل الروبل مستغنيا عن الدولار واليورو، مهددا الدول التي لن تسدد بالعملة الروسية بقطع إمدادات النفط إليها مما أجبر كثير من الشركات الأوروبية إلى الانصياع إلى القرار الروسي.

بدائل النفط الروسي
وتسعى واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون إلى البحث عن بدائل للنفط الروسي، فى جميع أنحاء العالم، ومن بين هذه الدول هي المملكة العربية السعودية، من أكبر منتجي النفط حول العالم، والتى وصفها الرئيس بوتين بأنها لاعب دولى وليس إقليميا فقط، وأنها قادرة على التغيير فى السياسات الدولية، لأنها تملك الورقة الرابحة وهي النفط.

ونظرا للنقص فى المعروض من إمدادات النفط بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، طالبت واشنطن المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاجها من النفط، وهو ما قوبل برد سعودي حازم، بأنها تلتزم باتفاق أوبك بلس، الذي تقوده الرياض وموسكو.

ووقعت السعودية وروسيا وعدد من الدول المنتجة للنفط اتفاق أوبك بلس في 2021، لتحديد كميات إنتاج النفط حتى أواخر العام الجاري.

وتعول روسيا فى قوة صمودها أمام العقوبات الغربية واستمرارها في الحرب الأوكرانية على ورقة النفط وموقف السعودية، ولكن واشنطن لم تقف ساكنة إزاء ذلك.

ود الرياض
وتشهد هذه الفترة سباقا دبلوماسيا بين أمريكا وروسيا لضمان الموقف السعودى، وهو ما ظهر فى الزيارات التى أجراها وفد الكونجرس السري إلى السعودية والحديث عن زيارة مرتقبة لبايدن، وعلى الجانب الآخر زيارة وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف إلى المملكة، برهان قاطع على التسابق من أجل كسب دعم الرياض.


وفي هذا السياق قال مهدي العفيفي، العضو بالحزب الديمقراطى الأمريكي، أنه لا يعتقد أن يكون هناك تنافس بين روسيا وأمريكا لكسب دعم الرياض، مؤكدا أن هناك فارقا كبيرا فى العلاقات بين واشنطن والسعودية عن علاقة الأخيرة بموسكو.


وأكد مهدى العفيفى أن العلاقات الأمريكية السعودية هى علاقات قوية وقديمة جدا، وعلاقة شراكة إستراتيجية، مؤكدا أن هذه العلاقة قد يشوبها فى بعض الأحيان خلافات، ولكن لا يعني تحول المملكة إلى حضن روسيا، مشيرا إلى أن المملكة تحاول أن يكون هناك توازن في علاقتها مع الولايات المتحدة وروسيا.


أما فيما يتعلق بالخلاف بين إدارة بايدن والسعودية، فقال عضو الحزب الديمقراطي، أنه مجرد خلاف فى البروتوكولات ليس أكثر، مؤكدا أن الرئيس بايدن دبلوماسي محنك، ويعرف البروتوكولات الدولية جيدا، فمن البروتوكول أن يتم التواصل بين رئيس الدولة ممثلا في بايدن والعاهل السعودي الملك سلمان، وليس ولي العهد محمد بن سلمان، ولكن بعض المحللين أرجعوا ذلك إلى أن هناك خلاف بين بايدن وبن سلمان، مؤكدا أن ذلك هو السبب فى المشكلة التى ظهرت بين إدارة بايدن والمملكة.


وحول تغير سياسة الرئيس الأمريكي بايدن تجاه المملكة العربية السعودية، ذكر مهدي العفيفي، أن هناك بالفعل تغيرا في سياسة بايدن نحو حل الخلافات مع المملكة، موضحا أنه كان هناك بعض الخلافات بين البلدين، بسبب بعض مواقف المملكة والتي اعتبرتها واشنطن أنها غير داعمة لسياستها.
وفي السياق ذاته أكد مهدى العفيفى أن تصريحات الرئيس الروسى بوتين، بأن السعودية أصبحت لاعبا دوليا، هى من باب استدراج حلفاء جدد لكسر العزلة التي فرضتها العقوبات على بلاده، ليس أكثر.


وتابع مهدى العفيفى تصريحاته: "أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين طلبوا ليس فقط من السعودية إنما من جميع الدول المنتجة للنفط بزيادة إنتاجها، لتقليص أسعار النفط التى شهدت ارتفاعا جنونيا، وإنهاء الاستفزازات التى تمارسها روسيا باستخدام ورقة النفط، فى محاولة لإحداث تخبط فى الاقتصاد العالمى، مشيرا إلى أن الدول النفطية التزمت باتفاق أوبك بلس، للحفاظ على أسعار النفط المرتفعة، لتحقيق مكاسب أكبر، وهذا من حقها".

زيارة بايدن
وفيما يتعلق بزيارة الرئيس الأمريكى، جو بايدن، إلى السعودية، ذكر عضو الحزب الديمقراطى، أن زيارة بايدن ستتناول عدة ملفات أهمها إعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، ومناقشة زيادة الاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة، ودور السعودية المحوري في منطقة الشرق الأوسط، الحلول المطروحة لحل القضية الفلسطينية، والأزمة اليمنية.


وشدد العفيفي، على أن السعودية لن تنحاز إلى أي من الطرفين سواء الولايات المتحدة أو روسيا بشكل مباشر، إنما تلعب لعبة المصالح، وتحاول أن تكون على الحياد طوال الوقت، بدليل ما نسمعه دائما من تصريحات المملكة بضرورة أن يكون هناك حل سلمى لإنهاء الحرب الأوكرانية، إنما قد تكون هناك حلحلة لأزمة إنتاج النفط لاستقرار الأسواق العالمية.

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية