رئيس التحرير
عصام كامل

تحديات تواجه شركات التأمين حول إدراج العمل عن بُعد ضمن خططها المستقبلية

علاء الزهيري
علاء الزهيري

قال الاتحاد المصري للتأمين إن التمسك بأنماط العمل التقليدية في ظل التطور الذي يطرأ على المنظومة الإقتصادية على مستوى العالم وكذلك النماذج التقليدية لتكنولوجيا المعلومات التي يتم تطويرها داخل المؤسسة لم يعد صالحًا للأعمال التجارية الحديثة. ولهذا يجب على شركات التأمين محاولة تغيير هذه الأنماط التقليدية ومواكبة التطور وتبنى أنماط حديثة للعمل حتى يمكن لشركة التأمين اللجوء لها وقت الأزمات وذلك عن طريق ما يلي:

  1. تبنى أنماط العمل الجديدة مثل العمل عن بُعد مع توفير البيئة الاقتصادية التي تساعد في نجاح هذا النمط.
  2. تخصيص الموارد اللازمة لتطوير البنية التحتية لشركة التأمين وتزويدها بالأجهزة الحديثة اللازمة التي تمكن موظفيها من أداء العمل الخاص بهم على بدقة واحترافية.
  3. الاطلاع بشكل مستمر على كل ما هو جديد في مجال التكنولوجيا الرقمية ومحاولة محو الأمية الرقمية داخل بيئة العمل، حتى يفهم الجميع الطريقة التي يتم بها حدوث الهجوم الإلكتروني وذلك حتى يتسنى للشركة حماية منصاتها التكنولوجية من أي اختراق أو قرصنة أو هجوم إلكتروني وكذلك حتى تقوم الشركة بتصميم المنتجات التأمينية التي تلبي احتياجات العملاء ممن يقوم عملهم على التواصل عن طريق شبكة الإنترنت.
  4. مخاطبة الجهات الرقابية للموافقة على قيام شركات التأمين وخاصة التي يقوم موظفوها بالعمل عن بُعد بالتسويق وإصدار وثائق التأمين بشكل إلكتروني؛ وكذلك إيضاح الآلية المناسبة لتفعيل التوقيع الإلكتروني.
  5. وضع نظام إلكتروني متكامل لتحصيل الأقساط وسداد التعويضات وكذلك سداد المستحقات الخاصة بالوسطاء وقنوات التوزيع، بحيث يمكن أن تعمل وتدار المنظومة التأمينية بأكملها عن بعد.
  6. عمل فيديوهات مصورة على موقع شركة التأمين لشرح كيفية تعامل العميل مع الموقع والوصول إلى أحد مقدمى الخدمة وأن يتم ترك رابط صفحات التواصل الاجتماعى لشركة التأمين لدخول العميل عليها، وذلك لتسهيل حصول العميل على الخدمة التأمينية دون الحاجة إلى الذهاب إلى مقر شركة التأمين.

 

وأضاف الاتحاد أنه ضرب مجتمع التأمين مثالًا يحتذى به فى إدارة الأزمة من خلال التكيف مع الاضطرابات التي وقعت نتيجة لجائحة كوفيد-19، حيث استطاع التكيف بسلاسة مع الوضع الناشئ.

 

 وأشار إلى أنه  قامت الشركات بتحديد الأولويات دون أي إزعاج للعميل. وبالتالي فطنت شركات التأمين إلى ضرورة إعادة ابتكار نماذج تشغيل مستقبلية للأعمال الخاصة بهم على أن تتبنى هذه النماذج نمط العمل عن بُعد كجزء من خطة إستمرار العمل. ويعد هذا الأمر ضروريًا لشركات التأمين لضمان النمو المستمر على أساس طويل الأجل وضمان الربحية في أعمال التأمين.ومع استمرار تضخم صناعة التكنولوجيا التأمينية وتطبيق الشركات لتقنيات الذكاء الاصطناعي، سيصبح الاكتتاب الإلكتروني للتأمين أكثر شيوعًا بشكل متزايد. ومع إستمرار شركات التأمين فى جمع المزيد من البيانات عن عملائها، فستكون الشركات مجهزة بشكل أفضل لتقييم المخاطر وتسعير وثائقهم بشكل أكثر دقة من الشركات التى تعتمد على الأسلوب النمطي، مما سيتيح للشركات التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة وتبني أنماط العمل الحديثة تحقيق ربح أكبر.    

 

التأمين نشاط ذو طبيعة خاصة

يتسم التأمين بأنه نشاط له خصائص مميزة ونمط تعويضات غير متوقع، فالتأمين هو نشاط معقد يتضمن عمليات متعددة لإدارة الوثائق الحالية وتسعير الوثائق الجديدة وبيع المنتجات التأمينية الجديدة وتجديد الوثائق والتعامل مع استفسارات العملاء ومعالجة المطالبات؛ بالإضافة إلى تعامل شركة التأمين مع من يمثلون شبكتها الخارجية مثل الوسطاء والوكلاء وشركات الرعاية الطبية ووكلاء الاستردادات وتجار الحطام والمستنقذات. 

 

وبالتالي يسعى قطاع التأمين على مستوى العالم منذ عدة سنوات إلى محاولة تطوير آلية العمل داخل منظموته وذلك من خلال تبني إستراتيجيات التحول الرقمي وإنجاز العمل إلكترونيًا ومحاولة تقليص الدورة المستندية واستبدالها بدورة إلكترونية. وقد ساهمت أزمة كوفيد - 19 في توجيه الشركات إلى ضرورة وضع العمل عن بُعد كجزء من خطة إستمرار العمل الخاصة بها في وقت الأزمات.. حيث فرضت أزمة كوفيد-19 سلسلة واسعة النطاق من التحديات لشركات التأمين للحفاظ على عملياتها وذلك نظرًا لتعطل وسائل العمل التقليدية وأصبح على الشركات الإجابة عن أهم سؤال فرضته هذه الأزمة ألا وهو كيف ستقوم شركات التأمين بتسيير أعمالها والحفاظ على قدرتها التنافسية؟ وما هي التغييرات طويلة المدى التي ستطرأ على آليات العمل فى شركات التأمين في المستقبل نتيجة لذلك؟ ومن خلال تلك التساؤلات أصبح جليًا ضرورة قيام شركات التأمين بضرورة تبنى نمط العمل عن بُعد وإدراجه ضمن خطة إستمرار العمل الخاصة بها..وكذلك تبنى التكنولوجيا الإلكترونية والتحول الرقمي وتحسين البنية التحتية التكنولوجية الخاصة بكل شركة وذلك حتى يتسنى لها النجاح فى متابعة أعمالها عن بُعد. وقد كان قطاع التأمين من أكثر القطاعات التى تنبهت إلى ضرورة القيام بالتحول الرقمي ومن ثم تمت دراسة الآلية التى يمكن من خلالها تطبيق هذا التحول بشكل يتناسب مع الطبيعة الخاصة للعمل داخل منظومة التأمين وذلك بعد أن اضطرت العديد من شركات التأمين وخاصة الشركات العالمية إلى العمل بكامل طاقتها عن بُعد.

 

التحديات الخاصة بالعمل عن بُعد

على الرغم من أن جميع شركات التأمين لديها خطط لاستمرار العمل، فإن تلك الخطط لم يتم تصميمها أو اختبارها في حالة مثل كوفيد - 19 حيث كان يتعين عزل جميع الموظفين تقريبًا عن مكاتبهم بين عشية وضحاها. بالإضافة إلى ذلك، فإن توقيت الحدث كان خلال نهاية السنة المالية، مما زاد من تعقيد المشكلة لأن شركات التأمين عادةً ما تشهد فى تلك الفترة فترات التجديد وإقفال العام المالي وصرف العمولات ودفع الأقساط وما إلى ذلك.

 

 وبالتالي، أصبح أهم تحد تواجهه شركات التأمين هو كيفية إدراج العمل عن بُعد ضمن خطة إستمرار العمل الخاصة بها، ذلك بالإضافة إلى العديد من التحديات والتى منها على سبيل المثال ما يلي:

 

  • تحدي اقتصادي:حيث لا تمتلك بعض الشركات البنية التحتية التكنولوجية التى تمكنها من السماح لموظفيها بالعمل عن بُعد، أى سيتم تسعير الوثائق وتقييم مخاطرها ومزاولة الاكتتاب والتعويض عبر الإنترنت وهو ما يستلزم قيام الشركة بتحسين البنية التحتية التكنولوجية التى تمكن الموظف الذى يعمل عن بُعد من الدخول عن بعدُ من خلال الحاسب الآلى الخاص به على الحاسب الآلى المركزى بالشركة والإطلاع على البيانات والمستندات التى تمكنه من مزاولة عمله. إن مثل هذا النظام يحتاج إلى بنية تحتية على درجة عالية من التطور وبالتالي يحتاج إلى تخصيص ميزانية ضخمة لتحقيقه بالشكل المرجو وهو ما يشكل تحديًا إقتصاديًا كبيرًا لشركات التأمين. 
  • تحدى فنى: يحتاج موظفو الشركة الذين سيعملون عن بُعد إلى الحصول على صقل لمهاراتهم الفنية وإعطائهم التدريب اللازم حتى يتسنى لهم ممارسة كافة العمليات الفنية المتعلقة بالتأمين عبر شبكة الإنترنت.. حيث يجب ان يتلقى العاملين التدريب الفنى الخاص بما يلى:
  • كيفية الوصول للعميل وتسويق وثائق التأمين المختلفة باحترافية.
  • كيفية إصدار وثائق التأمين إلكترونيًا بعد التأكد من أنها تلبي كافة إحتياجات العميل.
  • التحديث المستمر لبيانات شركة التأمين مثل الفروع وعددها وبياناتها وأرقام هواتفها وكذلك الموقع الإلكترونى لها والوثائق التي عليه وشكل عرضها والمحتوى الموجود بهاوذلك حتى يتسنى للعملاء اختيار المنتجات التأمينية التى تلبى احتياجاتهم بسهولة.
  • بحث الآلية التى يمكن من خلالها إصدار كافة أنواع التأمين بشكل إلكترونى؛ حيث أنه حتى الآن هناك بعض أنواع التأمين التي يصعب إصدار وثيقة التأمين الخاصة إلكترونيًا مثل التأمين البحري وتأمين الحريق وذلك لأن هذه الأنواع من التأمين تختلف عن الأنواع النمطية مثل السيارات الإجبارى وتأمين السفر وغيرها من التأمينات النمطية التي يسهل تحديد سعرها وإصدارها إلكترونيًا؛ فى حين تحتاج  أنواع التأمين غير النمطية إلى إجراء معاينة لتحديد الشروط والأسعار التى سيتم على أساسها إصدار وثيقة التأمين.
  • تحديات رقابية:تكمن هذه التحديات فى اللوائح والقوانين والتشريعات التي تفرضها الدولة والتي قد تعيق أحيانًا العمل الرقمي أو الإلكترونى. ومن أمثلة تلك التحديات ما يلي:
  • التوقيعات المادية والتى يطلق عليها فى بعض الدول العربية مصطلح "التوقيع الحى"؛حيث تصر بعض الجهات الرقابية أن تكون التوقيعات على وثائق التأمين توقيعات مادية بدلًا من التوقيعات الإلكترونية وهذا بموجب القانون مما يعيق عملية الإصدار الإلكتروني للوثائق.
  • الإجراءات التي تفرضها بعض الجهات الرقابية والخاصة باعتماد بعض قنوات التوزيع والتى يجب ان يتم تبسيطها خاصة فى ظل التحول الرقمى وتبنى نمط العمل عن بُعد؛حيث أن التعقيدات الإدارية قد تشكل عائقًا فى تسويق وتوزيع التأمين إلكترونيًا. ولهذا فإن تبسيط الإجراءات سيزيد من إقدام العملاء على شراء المنتجات التأمينية.

ويجدر الإشارة  إلى الدور الذي تقوم به الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر في هذا الصدد حيث قامت الهيئة منذ عام 2015 بإصدار قرار مجلس إدارة الهيئة رقم (122) لسنة 2015 بشأن تنظيم إصدار وتوزيع شركات التأمين لبعض وثائق التأمين النمطية إلكترونيًا وقرار رئيس الهيئة رقم (729) لسنة 2016 بشأن الضوابط التكنولوجية وقواعد تأمين المعلومات المرتبطة بإصدار وتوزيع شركات التأمين لبعض وثائق التأمين النمطية إلكترونيًا من خلال شبكات نظم المعلومات.. حيث أتاحت تلك القرار لشركات التأمين المقيدة بسجلات الهيئة أن تصدر بعض وثائق التأمين النمطية والتى تم تحديدها وتحديد الضوابط الخاصة بها فى تلك القرارات.

الجريدة الرسمية