رئيس التحرير
عصام كامل

ليس بناجح.. بل مخادع وخائن وسارق!

أزمة الغش تتمثل في اختلال ضمير مجتمع تواطأ وتماهى مع الغش حتى صار سلوكًا مألوفًا لا يمتعض منه ولا يرفضه.. وهو ما ينبغي أن تتنادى الأسرة ورجال الأزهر والكنيسة وكل مؤسسات الفكر والوجدان والضمير لاجتثات شأفته وشرح مضاره ومساوئه وأثره المدمر لأخلاق المجتمع ومستقبل أجياله..

 

لابد من التوعية بخطورة وجود غشاشين في حياتنا.. لابد من توجيه النصح لأبنائنا بكل الوسائل أن يتقوا الله عز وجل وأن يخلصوا النية في طلب العلم وتحصيله وأن يؤدوا أمانة الامتحانات ويكفوا عن استسهال الغش.. فالناجح عن طريق الغش هو مخادع وخائن لنفسه ومجتمعه وعاصٍ لربه ومتسبب في تدمير وطنه.. ومن ينجح بإستخدام الغش ليس بناجح في الحقيقة وإنما سارق لمجهود غيره ظالم لنفسه لا يرجى منه خير ولسوف يجنى الفشل المرير في حياته العملية؛ ففاقد الشيء لا يعطيه أبدًا.


أما الأزهر فقد قال بعبارات حاسمة إن الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق ويهدم مبدأ تكافؤ الفرص ويؤثر بالسلب على مصالح الفرد والأمة، موضحًا أن الإسلام حث على طلب العلم وتحصيله بجد واجتهاد وإخلاص والتحلي بمكارم الأخلاق والبعد عن كل ما يغضب الله وينافي الفضائل والمحامد.


إن الغش في الامتحانات يهدر الحقوق ويمنحها لغير الأكفاء، ويساوى بين المجد المتقن والكسول المهمل وهو ما يهدم مبدأ مهمًا وهو تكافؤ الفرص ويضعف همة المجدين ويوهن عزائم المجتهدين ويثنيهم عن مواصلة طلب العمل ويوسّد الأمر لغير أهلها؛ وهو ما حذر منه رسولنا الكريم بقوله: "إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة".. ذلك أن إسناد الأمر لغير أهله  يضعف الأمم وينال من عزمها وتقدمها؛ فحق العالِم هو التقديم والرفعة يقول الله تعالي: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ  وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير" (المجادلة:11 ) ويقول أيضًا: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبابِ" (الزمر:9).

 


لقد أصبح الغش أخطر مشكلات العملية التعليمية؛ ومن ثم فلا مناص من دراسة أسبابه، وهي عديدة، لعل أهمها ضعف العملية التعليمية، وانعدام الوازع الخلقي أو الديني، وقبول شريحة لا يستهان بها من المجتمع بوجوده دون إنكاره أو رفض وجوده حتى بات واقعًا يؤرق كل ذي ضمير وبصيرة، وقد آن لهذه الظاهرة أن تتوقف وأن يتنادى علماء التربية والأخلاق والدين وكل وسائل الإعلام لمحاربتها والتنبيه لخطورة استمرارها وشيوعها بحسبانها معول هدم تهدد بنسف حاضر المجتمع ومستقبله.. فهل يؤتمن غشاش وهل يوثق في سارق لجهد غيره أو مستحل لما ليس له بحق.. افيقوا يرحمكم الله.

الجريدة الرسمية