رئيس التحرير
عصام كامل

قصة أسرع حكم تعيين معاون نيابة إدارية

صدمة شديدة، تلك التي يتعرض من يواجه قرارًا إداريًا غير صحيح، وهو بمثابة ضربة مزدوجة تفقده توازنه، تارة لأن القرار مجحف، وتارة لصدوره عن أجهزة الدولة، أو أحد مرافقها، فيقف المرء حائرًا يبحث عن ملجأ، ويتساءل كيف يسترد حقه المسلوب، وقد يرشده القانون إلى التظلم من الجهة التي أصدرت القرار المعيب، فيقول في نفسه هيهات أن تستجيب، ثم يفتح له القانون بابًا آخرًا وهو اللجوء للقضاء، وأول ما يثور في ذهنه هو ما سيستغرقه ذلك الإجراء من وقت وجهد ومال، ولعله يتراجع، ويرضى بما حلَّ به، وربما سار مجبرًا في هذا الطريق وهو لا يدري متى ولا كيف سينتهي..


واليوم يسطر لنا قضاء مجلس الدولة نموذجًا فذًا يبعث الأمل في القلوب، وبخاصة إذا كان من إستشعر الظلم شابٌ في مقتبل حياته، فإذا به يلجأ الى المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة مطالبًا بحقه لتكون العدالة الناجزة التي يحلم بها كل متقاضٍ، ويحصل الشاب على حكمٍ عادل في أيامٍ معدودات، لتقول السلطة القضائية كلمتها: إن للمصريين قضاءٌ يحميهم، فما هي تفصيلات الواقعة؟


بدأت وقائع الطعن بتاريخ 12/12/2021 عندما أودع (أ ن ع) إبتداءً قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن رقم 13976 لسنة 68 قضائية عليا ضد رئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس الجمهورية ووزير العدل طالبًا في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 497 لسنة 2021 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار.


معاون نيابة إدارية

 

وذكر شرحًا للطعن أنه مستوفي للشروط اللازمة لشغل وظيفة معاون نيابة إدارية إلا إن القرار المشار إليه لم يتضمن تعيينه رغم إستيفائه للشروط فتظلم منه دون جدوى، ثم تقدم للجنة التوفيق في بعض المنازعات، ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وصدوره مشوبًا بعيب الانحراف وإساءة استعمال السلطة، إذ إنه اشتمل على تعيين من هم دونه في تقدير التخرج والدرجة العلمية.


قالت المحكمة أن الطاعن (أ ن ع) حاصل على ليسانس الشريعة والقانون من جامعة الأزهر بأسيوط دور مايو 2013 بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف، وقد تقدم لشغل وظيفة معاون نيابة إدارية بناء على الإعلان الصادر من هيئة النيابة الإدارية والتي إتخذت بشأنه موقفًا جديًا ببحث طلبه فقبلت أوراقه وفحصتها وعرضتها على اللجنة المشكلة لهذا الغرض لإستخلاص مدى توافر أهلية شغل الوظيفة لديه، ثم قامت الهيئة بإجراء التحري عن الطاعن وأسرتها إلا إنها تخطت الطاعن في التعيين بمقولة عدم إجتياز الطاعن المقابلة الشخصية التي أجريت معه.


وأكدت إنه متفوق علميًا وظاهر الإمتياز لحصوله على تقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف وترتيبه الرابع على دُفعته بنسبة (88.25%) في مرحلة الليسانس، وقد خلت الأوراق من الإشارة إلى ظهور آية شواهد أو إجراءات تؤثر على سُمعته بالإضافة إلى أنه يتمتُع هو وأسرته بسمعة طيبة ولا يشوبه شائبة ولا يوجد ما يقلل من كفاءته أو ينال من تمتعه بالصلاحية اللازمة لشغل هذا المنصب الرفيع بل إن هيئة النيابة الإدارية تسعد بمثل هذه الكفاءات العلمية.


الكشف الطبي

 

ومن ثم فإن استبعاد (أ ن ع) من التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية لهذا السبب وحده يصم القرار المطعون فيه بتخطيه في هذه الوظيفة غير قائم على سند من الواقع أو القانون، الأمر الذي يجعل تخطيه في التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية بالقرار المطعون عليه لا يتفق وصحيح حكم القانون مما لا مناص من القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك  من آثار أخصها تعيينه في الوظيفة المذكورة ووضعه بين أقرانه من ذات دفعة تخرجه في القرار الطعين وترتيبه وفقـًا لمجموع درجاته بعد إستكمال باقي إجراءات التعيين ومنها الكشف الطبي وغيره.


وبعد 76 يومًا من بدء تداول الموضوع في 12 ديسمبر عام 2021، بقلم المحضرين ثم جلسات التحضير بهيئة مفوضي الدولة، والدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة قضت المحكمة بجلسة 26 فبراير 2022 بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 497 لسنة 2021 فيما تضمنهُ من تخطي الطاعن في التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المُبين بالأسباب.

 


كانت تلك هي خطوات الطعن الذي لقي قبولًا حسنًا في محراب القضاء، لينطلق الشاب المتفوق ليتبوأ مقعده في هيئة قضائية عريقة، وأول درسٍ تعلمه قبل الإلتحاق بها هو تحقيق العدالة الناجزة، إنه خطوة للأمام، ودعوة لأصحاب الحقوق أن يتفاءلوا، فلابد أن يكون للقضاء المصري ترتيبًا متقدمًا بين نظرائه في دول العالم.. وللحديث بقية

الجريدة الرسمية