رئيس التحرير
عصام كامل

رجال جمال مبارك.. مرة أخرى!

"أتولي منصبا مهما في وزارة كبرى.. لو عرفوا إننى تحدثت معك سيقطعون رقبتى.. قرأت مقالاتك عن جمال مبارك وأمانة السياسات.. ترددت كثيرًا قبل أن أتصل بك ولكننى أريد أن أنهى خدمتى شريفًا مثلما عشتها طوال 37 عامًا"! بهذه العبارة -في صباح أحد أيام عام ٢٠٠٩- بدأ المسئول المهم حديثه للكاتب المعروف.. كان قد إتصل به هاتفيا ورفض أن يتحدث بحرف واحد عبر الهاتف.. وتحت ضغط الحرج مع الحاسة الصحفية حدد له موعدا..

 

كان القفز إلي الموضوع مباشرة مفيدا.. فقد سيطر علي انتباه  الكاتب المعروف فعلا وأنصت له وأدرك أن عنده تفاصيل مهمة وتأكد من ذلك عندما إنطلق المسئول في الكلام وقال: هناك عبارة شهيرة للزعيم العظيم نيلسون مانديلا تقول: صورة السياسى يرسمها رجاله، والسيد جمال مبارك -شئنا أم أبينا- يدير شئونا كثيرة في البلد ومادام الوضع هكذا فكان لابد أن يطهر نفسه من أسماك القرش التى تعيش على دمائنا بإسمه وإسم أمانته!

 

حكاية صحفي معروف

 

ففى أحد الأيام -يضيف الرجل للكاتب المعروف في ٢٠٠٩- استدعانى رئيسي الكبير جدًا في وزارتي التى أعمل بها دخلت المكتب فوجدته جالسًا مع رئيس تحرير معروف لصحيفة قومية قليلة التوزيع كبيرة التأثير.. المهم.. كان بصحبة رئيس التحرير رجل أعمال ينتمي لبلد عربي شقيق يعمل رئيس التحرير مستشارًا لإحدى صحفها وطلب منى رئيسي أن أحضر له ملف توريد مستلزمات للهيئة ثم أمر بإتمام منح الصفقة لرجل الأعمال الخليجى! 

 

وحين ذكرته بأن إحدى الشركات المصرية الوطنية تقوم بهذه المهمة منذ سنوات نظر غاضبا وقال: نفذ الأوامر.. الباشا -يقصد رئيس التحرير- جاى بنفسه ومش ممكن يمشى زعلان.. نفذت -يستمر الرجل في الحديث للكاتب المعروف- والتزمت الصمت وبعد أن إنصرف رئيس التحرير وصاحبه سألت رئيسى: كيف نسحب عملية من شركة مصرية لنمنحها لشركة غير مصرية  بالأمر المباشر؟! قال: أنا عارف إنك صح.. لكن ما باليد حيلة.. إنه أحد رجال أمانة السياسات ولو رفضت طلبه سيشعل الدنيا ضدي!


الصحفي المعروف موجود.. ومقالته كاملة التفاصيل في أرشيف الوطنية للصحافة كما هو التقليد المتبع وكذلك علي شبكة المعلومات الدولية بالتاريخ ورقم العدد.. ويكون من الصعب الكتابة بهذا الوضوح الذي -كمان- خففنا من حدته لأسباب معينة نقدرها.. إذ لا يعنينا الاشخاص بقدر ما تعنينا الحالة التي كانت مصر عليها..

 

 

ونقول: لا يستطيع الكاتب المعروف كتابة القصة وقتها بهذا الشكل ألا وهو يعلم أن أجهزة رقابية أو غيرها قد يطلبون منه المعلومات كاملة للتحقيق فيها وبالتالي من المستحيل تكون إلا صحيحة.. والقصة كلها -والقصص كثيرة- جزء ضئيل جدا جدا من صورة كانت شديدة البؤس والسواد.. تغري علي كتابتها كسلسلة طويلة مثيرة للغاية لكنها تحمل مع الإثارة من المرارة ما تحمل لبلد سرقوه ونهبوه وافسدوه وافشلوه علنا واعادوه سنوات إلي الوراء.. لكن ستكون السلسلة بالقطع ومهما تعددت حلقاتها أقل بكثير جدا من ملايين السيد جمال مبارك التي اعادتها له المحكمة السويسرية!
فإن الذكري تنفع المؤمنين!

الجريدة الرسمية