رئيس التحرير
عصام كامل

قمح العالم وخبزه في "خطر".. الحر الشديد يجبر الهند على وقف التصدير

القمح
القمح

في خطوة ستسهم، وفق خبراء اقتصاديين، في تعميق الأزمة الغذائية ومعدلات التضخم العالمية، عبر رفع الأسعار العالمية للقمح إلى مستويات قياسية جديدة، ما سيؤثر سلبًا على المستهلكين الفقراء في بلدان آسيا وأفريقيا التي تعتمد على القمح بشكل رئيسي.

قررت الهند، أمس السبت، وهي ثاني أكبر منتج له عالميًا حظر صادرات القمح، معللة قراتها هذا بسبب موجات حر قائظ أدت لتقليص الإنتاج لترتفع الأسعار المحلية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.

 

أسواق القمح العالمية

وتعليقا على تبعات هذه الخطوة الهندية على أسواق القمح ومشتقاته العالمية المضطربة، والتي تشهد ارتفاعات قياسية في الأسعار، يقول عامر الشوبكي، الخبير والمستشار الاقتصادي، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "القرار الهندي ستتلاقاه أسواق القمح العالمية بداية الأسبوع القادم يوم الإثنين، وبالتالي فهي ستشهد على إثره فوضى واضطرابًا في التداولات، نتيجة هذه الخطوة التي تعتبر ضربة لأسواق القمح والتي تعاني أصلا على وقع الحرب الروسية الأوكرانية، فالهند كونها من أكبر الدول المصدرة للقمح بالعالم، وترتيبها هو الثامن في قائمة تلك الدول من بعد أوكرانيا مباشرة، فإن صادراتها من القمح كان يتم التعويل والاعتماد عليها بشكل واسع للتعويض بعض الشيء عن نقص امدادات القمحين الروسي والأوكراني بفعل الحرب وتضرر سلاسل التوريد".

أسعار القمح عالميًا في ارتفاع مضطرد، كما يوضح الخبير الاقتصادي، مضيفًا: "وهي تصل لنحو 410 يورو للطن الواحد في أوروبا مثلا، وهو ما يجعلها قريبة من الأسعار القياسية التي سجلتها أسعار القمح في شهر مارس الماضي، ومع هذا القرار الهندي فإن الأسعار سترتفع بالطبع أكثر مع بداية التعاملات والتداولات خلال يومين، ما سيؤدي لفوضى جديدة في أسواق السلع الغذائية عالميًّا، وسيوجه ضربة لمن كان يراهن على امتصاص تلك الأسواق لتداعيات هذه الأزمة، وهكذا مع ارتفاع أسعار السلع سيتفاقم كتحصيل حاصل العوز والجوع في البلدان الفقيرة التي تعتمد على القمح كسلعة غذائية رئيسية".

 

أسباب القرار

وعن موجبات قرار نيودلهي ومسبباته، يقول الشوبكي: "الهند بفعل موجات القيظ والحر غير المعهودة والطبيعية على مدى الأشهر الثلاث الماضية، انخفض انتاج محصول القمح لديها بنسبة 5 في المئة، وهي بادرت ردًّا على ذلك لاعتماد إجراءات حمائية لتأمين أمنها الغذائي، خاصة أن الهند تعاني من ارتفاع معدلات التضخم بنحو 7 إلى 8 في المئة، وهي مضطرة للتحوط والتحسب لأي طارئ، فنحن نتحدث عن بلد بحجم قارة تقريبا وعن نحو مليار وربع المليار مستهلك".

ويتابع المتحدث: "تبعات هذا القرار المفاجئ الذي هو أشبه بالصدمة ستظهر تباعًا، وسيكون أثرها سلبيًّا للغاية خاصة على جهود ساسة الغرب لمحاولة خفض معدلات التضخم المتصاعدة في دول الغرب، ومع ارتفاع أسعار القمح العالمية سترتفع معه بداهة أسعار سلال الاستهلاك الغذائية، وبالتالي سيحبط وقف تصدير القمح الهندي جهود العواصم الغربية لكبح جماح التضخم".

 

خفض معدلات النمو الاقتصادي العالمي

الخطوة الهندية ستسهم والحال هذه، كما يخلص الشوبكي: "في خفض معدلات النمو الاقتصادي العالمي حيث إن توقيت هذه الخطوة يكاد يكون بمثابة صب الزيت على نار تباطؤ الاقتصاد العالمي وتثاقله، تحت وطأة الحرب الروسية الأوكرانية ونتائجها الكارثية".

بدوره، يقول تيمور دويدار، الخبير الاقتصادي الروسي والمستشار في قطاع الأعمال والاستثمار، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "سيكون لهذا القرار الهندي تبعات قاسية على أمن العالم الغذائي، في ظل النقص الحاصل أصلا في امدادات القمح العالمية من روسيا وأوكرانيا، وهما من أكبر الموردين للقمح، حيث روسيا هي المصدر الأول لهذه السلعة الاستراتيجية حول العالم، ففي 2021 تم حصاد 121.3 مليون طن من الحبوب، منها 76 مليون طن من القمح وعادة نصف هذا العدد يتم تصديره للخارج، لكن هذا العام في ظل الحرب وما خلفته من أزمة حادة، أوقفت موسكو صادرات الحبوب حتى نهاية شهر يونيو القادم، علاوة على وقف صادرات السكر وزيت الطعام وخاصة زيت عباد الشمس، لنهاية شهر أغسطس القادم".

الجريدة الرسمية