رئيس التحرير
عصام كامل

المصالحة الوطنية بين منصور.. وياسين


المبادرة التي أطلقتها رئاسة الجمهورية لتحقيق المصالحة الوطنية تحت شعار «شعب واحد» لقيت ترحيبًا كبيرًا من المواطنين.. قبل أن تلقاه من القوى السياسية المختلفة.


المبادرة تسعى إلى حقن دماء المصريين.. وخروج مصر من أزماتها الحالية.. ولا أعتقد أن تجد اعتراضًا من أي مواطن مصرى عاقل.. بشرط أن يضع مصالح الوطن فوق مصالحه الشخصية أو الحزبية.

قد بادر فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر إلى إعلان أنه سيعتزل حتى تتحقق المصالحة وتتوقف حمامات الدم وسقوط القتلى والجرحى.

كما أعلن حزب النور السلفى أنه يسعى إلى تحقيق الوفاق بين الجماعة وباقى قوى ومؤسسات الشعب المصرى التي ثارت ضد حكم الإخوان.. وعزلت الرئيس الذي جاء من صفوف الجماعة.

تلك المساعى الطيبة لا غبار عليها.. وإن كان لابد من الاعتراف بأن المصالحة لن تتحقق بالنوايا الحسنة وحدها.. وإنما بتحديد أسس واضحة لتحقيقها.. والاعتراف بالأخطاء والخطايا التي ارتكبت في حق المصريين من جانب جماعة مغلقة لم تتوقف عن السعى لفرض وجهة نظرها على غيرها من التيارات السياسية - بالقوة وتمارس الإرهاب لتحقيق أهدافها.

إذا لم تتحقق المصارحة قبل المصالحة.. تفقد المبادرات جدواها.. وتتوقف عند التقاط الصور التذكارية.. كما كان يحدث في لقاءات القساوسة والشيوخ عقب الأحداث الطائفية.. ولم يصلح هذا الأسلوب في وأد الفتن الطائفية.

قيادات الجماعة يرفضون الاعتراف بأخطائهم.. وحتى عندما يبدو أن أحد المقربين منهم يحاول أن يمارس النقد الذاتى.. يتضح أن تلك المحاولة ينقصها النوايا الحسنة وعلى سبيل المثال حاول الإعلامي بقناة الجزيرة أن يقيم تجربة الرئيس المعزول مرسي بما لها وما عليها فكتب مقالا بجريدة «المصرى اليوم» بتاريخ ٦ يوليو بعنوان "طوفان الكراهية للإخوان المسلمين.. ويحدد أسباب فشل الإخوان في عدة نقاط".

أولها أن اختيار «مرسي» للمنصب كان خطأ كبيرًا في حد ذاته لأن الرجل لا يملك المقومات الأساسية لرجل الدولة.. ولأنه وجد نفسه - ثانيًا - في مكان لم يعد نفسه له ولم يفكر فيه.. ففرح بمظاهر السلطة ولم يتمكن من أدواتها.. وحكم الدولة رجل الحزب والجماعة.. وجمع حوله فريقًا لا يتمتع بكفاءة إدارة الدولة.

قد أشار المفكر المعروف الأستاذ السيد ياسين بالمقال وأشار إلى أن الكاتب وهو إخوانى الهوى.. مارس النقد الذاتى بجسارة يحمد عليها.

بالرغم من الاعتراف بأخطاء مرسي.. ويكفى كل منها لعزله.. إلا أنه أرجع الفشل إلى «إعلام الفلول»!

بعد يوم من نشر المقال.. تسرب مقطع «فيديو» يتحدث فيه منصور إلى شباب الجماعة، ويطالبهم بتغيير السياسة الإعلامية وعدم الدفاع عن مرسي كخطوة «تكتيكية» لكسب الجماهير التي تعترض عليه.. ورفع العلم المصرى وحده وشعارات ثورة يناير في مواجهة «الآخرين» الذين قاموا بالثورة المضادة في يونيو.

هكذا يتضح أن منصور لم يمارس النقد الذاتى.. كا اعتقد السيد ياسين.. كما لم يعترف بالخطايا التي ارتكبت في حق الشعب المصرى.. ودفعت ملايين المصريين إلى التظاهر ضد الإخوان والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. وكالعادة حمل مسئولية الفشل «للفلول» وللمؤامرات ضد رئيس عاجز أهان مصر والمصريين.. وجماعة تمارس العنف وتضع مصالحها فوق مصالح الوطن.. وتسعى إلى أخونة مؤسسات الدولة دون كلل.. وتعادى القضاة والإعلاميين والجيش والشرطة.. وتقصى حتى أقرب الحلفاء من تيار الإسلام السياسي.

المصالحة الوطنية لن تتحقق في رأيي إلا بأن توقف الجماعة خلط الدين بالسياسة «مع أن الدين له مجاله والسياسة لها آفاقها ووسائلها».. وأن تتوقف كذلك عن ممارسة العنف.. وعن الانقلاب على الدولة المدنية.

أما منصور فلا يرى هدفا آخر يعلو على إعادة مرسي إلى قصر الاتحادية.. وعودة حكم المرشد الذي طالبت الجماهير بإسقاطه.. وبعد ذلك يقبل الحديث عن المصالحة الوطنية.

نقلا عن جريدة فيتو الأسبوعية
الجريدة الرسمية