رئيس التحرير
عصام كامل

المعارضة القوية في صالح الوطن والمواطن!

يحدونا أمل أن يحدث قرار الرئيس السيسي بإدارة حوار وطني جامع أن تنشط أحزابنا ونخبتنا وتجدد أفكارها وطريقتها في المشاركة والتأثير؛ فالمعارضة الوطنية القوية تصبح في صالح الدولة والنظام معًا، وتضخ حيوية في مجرى الحياة السياسية وهي حين تتعافى تصبح بالفعل مدرسة ومفرخة وحاضنة طبيعية لتخريج كوادر سياسية قادرة على إدارة الحياة العامة والاقتصاد بكفاءة ووعي واقتدار.. 

 

كما أن عافيتها تفرز أعدادًا كبيرة من المرشحين للانتخابات بشتى مستوياتها ودرجاتها بدءًا من المحليات مرورا بالبرلمان وانتهاء بأعلى المناصب السياسية وحينها تكتمل الظروف المطلوبة لأي ممارسة ديمقراطية رشيدة أو منافسة حقيقية تضخ الحياة في شرايين الوطن.


ثمة آفة نرجو أن تتخلص منها الأحزاب السياسية وهي كثرة أعدادها وقلة تأثيرها في الشارع وابتعادها عن الجماهير وعن قضايا الوطن وأولوياته مثل محاربة الإرهاب والأمية والجهل والخرافة والعشوائية وتحقيق التنمية المستدامة وهي آفة قديمة لكنها تفاقمت بعد أحداث يناير 2011 وتزداد المأساة إذا علمنا أن تلك الأحزاب التي تطالب بالتعددية السياسية والممارسة الديمقراطية هي أول من يتنكر للديمقراطية وترفض ممارستها بين كوادرها وداخل أروقتها..

دعوة للأحزاب

 

فكيف لفاقد الشيء أن يعطيه.. أما علاج الضعف الناتج عن الكثرة فقد دعا رئيس الجمهورية تلك الأحزاب لاسيما الضعيفة منها إلى الاندماج في حزبين كبيرين أو ثلاثة أو حتى أربعة كبرى حتى يكون لها تأثير وفعالية في الشارع السياسي وهي دعوة لقيت ترحيبًا من بعض الأحزاب في حينها لكن هل خرج ذلك الترحيب إلى  دائرة الفعل والتنفيذ.


وهنا يحضرني اقتراح لرئيس حزب الوفد السابق بضرورة تقليص الأحزاب السياسية  في مصر على حزبين كبيرين على غرار ما نراه في الديمقراطيات العريقة؛ ففرنسا مثلًا يتنافس فيها اليمين مع اليسار وفي أمريكا ينافس الجمهوريون الديمقراطيين وحتى إسرائيل لا يخرج التنافس السياسي فيها عن الليكود والعمل ويتولى الفائز منهما في الانتخابات بتشكيل الحكومة ائتلافًا مع أحزاب أخرى صغيرة.


ما أحوج الوطن لوحدة الصف وإلى حوار جامع مثمر وإلى جهود جميع أبنائه.. كما أنه في حاجة ماسة لتجديد نخبته التي تآكلت وشاخت ولم تعد صالحة لخوض غمار مستقبل معقد جدًا وصياغة حلول ناجعة لأزمات مزمنة..وهو كذلك في حاجة إلى اتحاد أحزابه واندماجها لتصبح أكثر قوة وفعالية وتأثيرًا ودينامية وقدرة على قيادة الجماهير وتوعيتها ومعاونة القيادة السياسية في استكمال ما بدأته من مشروعات قومية وإنجازات ضخمة بطول البلاد وعرضها لعبور هذه المرحلة الصعبة بما تشهده من تداعيات كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية.  

 


والسؤال هل تشهد المرحلة المقبلة تعافيًا ل الأحزاب المهترئة.. وكيف ستتدخل الدولة لتحفيزها وإقالتها من عثرتها ودفعها على طريق المشاركة السياسية الرشيدة الفعالة.. وأقول أخيرًا إن الديمقراطية الحقيقية ليست في كثرة الأحزاب ولا المجالس المحلية ولا البرلمانات والانتخابات النزيهة فحسب بل أن يشعر كل مواطن بأن الدولة تحترمه وتعلى مصالحه توفر له حياة كريمة وهو ما أدركه الرئيس السيسي جيدًا وسعى لتحقيقه.. وليس مطلوبًا منا إلا الصبر حتى تتحقق تلك الأهداف ويصل تحسن الأحوال المعيشية لكل فرد منا.. حفظ الله مصر من كل سوء.

الجريدة الرسمية