رئيس التحرير
عصام كامل

فورين بوليسي: لعبة بايدن الخطيرة في أوكرانيا بلا أفق

 بايدن في اجتماع
بايدن في اجتماع مع وزير الدفاع لويد أوستن وقادة عسكريين

كتب الباحث مايكل هيرش في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية: إن سلسلة من التغييرات الدراماتيكية حصلت الأسبوع الماضي، مع تصعيد الرئيس الأمريكي جو بايدن وشركائه في حلف شمال الأطلسي سياستهم المتعلقة بمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الهجوم الروسي، لتتحول إلى سياسة قائمة على تقويض سلطة روسية ونفوذها.

ويخشى بعض المراقبين ألا يترك هذا التغيير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا خيار الإستسلام أو الرد عسكريًا، مما يثير تكهنات باحتمال توسع الحرب إلى ما هو أبعد من أوكرانيا.

33 مليار دولار إضافية

والخميس الماضي، حض بايدن الكونجرس على اعتماد 33 مليار دولار إضافية من المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا-أي أكثر من ضعف المبلغ الذي تم تقديمه في وقت سابق- وقال إنه يبعث برسالة واضحة إلى بوتين: "لن تنجح في السيطرة على أوكرانيا".

وعقب ذلك، قال بايدن في ملاحظات أدلى بها في البيت الأبيض، إن السياسة الجديدة غايتها "معاقبة العدوان الروسي، وتقليل فرصة نشوب نزاعات مماثلة في المستقبل".

وأعقب ذلك، إعلان صريح من وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الذي قال بعد لقائه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف، إن الهدف الأمريكي الآن هو شل قوة روسيا على المدى البعيد بحيث لا تعود تملك "القدرة على معاودة" الهجوم على أوكرانيا.

حرب "بالوكالة"

وهذا التغيير في السياسة ربما هو الذي حمل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على الإعلان أن واشنطن والغرب قد دخلا في حرب "بالوكالة" ضد روسيا، مجازفين بذلك بإثارة حرب عالمية أخرى من الممكن أن تتحول إلى حرب نووية. 

وقال: إن "هذا الخطر جدي وحقيقي ويجب ألا نقلل منه". وقبل ذلك، حذر بوتين من "أننا نملك كل الأدوات (للرد على تهديد مباشر على روسيا) - وسنستخدمها إذا تعين علينا ذلك".

وحازت السياسة الجديدة النشطة للولايات المتحدة على الترحيب في أوساط كثيرة-خصوصًا من مسؤولين حاليين وسابقين في حلف شمال الأطلسي، الذين اعتبروا أن التهديدات الروسية المقابلة بإستخدام أسلحة نووية لا تعدو كونها كلامًا فارغًا.

الخطأ الذي اقترفناه

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي السابق أندريس فوغ راسموسن في مقابلة: "إنها الوسيلة الوحيدة للمضي إلى الأمام... هذا لن يغيّر شيئًا في تفكير بوتين، لأنه سيزعم أن السياسة الغربية هدفها إضعاف روسيا على أية حال. إن الخطأ الذي اقترفناه في الماضي كان التقليل من طموحات بوتين، وفي الوقت نفسه المبالغة في تقدير قوة الجيش الروسي".

تستند السياسة الجديدة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في جزء منها على مواصلة الإنتصارات الأوكرانية في الميدان ضد بوتين الذي أُرغم على خفض طموحاته من سيطرة تامة على أوكرانيا إلى هجوم رئيسي يجري الآن في المناطق الشرقية والجنوبية من البلاد. كما أن أعضاء في الناتو بمن فيهم ألمانيا سبق أن ترددوا في تزويد كييف بالأسلحة، قد حسموا أمرهم وأعلنوا عن زيادة في مساعداتهم.

أولاف شولتس

وتحت ضغط سياسي في الداخل والخارج، أعلن المستشار أولاف شولتس الأسبوع الماضي، عن إرسال 50 دبابة مزودة بأنظمة مضادة للطائرات إلى أوكرانيا.

وأعرب خبراء روس عن قلقهم من أن الولايات المتحدة وشركاءها الغربيين يتجاوزون فعلًا الخطوط الحمر التي تفادوها حتى الآن. وخلال شهرين من الحرب، رفض بايدن فرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا حتى لا يبدو ذلك كأنه زج مباشر لقوات الولايات المتحدة والناتو في نزاع مباشر مع روسيا.

حشر بوتين في الزاوية

واليوم، يساور القلق بعض المراقبين من أنه مع المساعدات العسكرية الإضافية وتشديد العقوبات الإقتصادية، فإن بايدن يعمل على حشر بوتين في زاوية لا يملك فيها إلا خيار القتال أو الاستسلام. ويهدف المسار الأخير إلى أن يتخلى بوتين عن سياسته القائمة على تعزيز قوة روسيا ضد الغرب منذ بدء مسيرته السياسية. ومع ذلك، فإن بوتين الذي لطالما قال إن هدف الغرب هو إضعاف روسيا من أجل احتوائها، لم يعرف عنه الاستسلام طوال عقد ونصف عقد من التحركات ضد الدول المجاورة، خصوصًا أوكرانيا وجورجيا.

تجنب نزاع نووي

ويقول جورج بيبي، كبير محللي الشؤون الروسية في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية: إن إدارة بايدن ربما تكون قد تناست أن "المصلحة الأكثر أهمية للولايات المتحدة هي تجنب نزاع نووي مع روسيا"، مضيفًا أن "الروس لديهم القدرة على جعل الجميع يشعرون بالخسارة في حال فرضت الخسارة عليهم. وربما هذا هو الإتجاه الذي تسير نحوه الأمور. إنها زاوية خطيرة تصعب العودة منها".

ورأى المسؤول الأمريكي السابق تشارلز كوبتشان الذي يعمل حاليًا خبيرًا في العلاقات الدولية بجامعة جورجتاون أن "الأمور تزداد خطورة... نحتاج إلى تحرك يتجاوز صواريخ جافلين والتحدث عن مخرج سياسي"، أو كما قال بيبي: "سنكون بحاجة إلى وسيلة لننقل بحذر إلى الروس بأننا سنكون راغبين في تخفيف العقوبات في سياق تسوية دولية. المساعدة العسكرية لأوكرانيا يمكن أن تستخدم كرافعة".

الجريدة الرسمية