رئيس التحرير
عصام كامل

مجلس الدولة:

إلغاء قرار مجازاة 4 مسؤولين بـ مراجعة وماهيات جهاز المحاسبات

جهاز المحاسبات
جهاز المحاسبات

أصدرت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة حكمها بقبول الطعن رقم 97 لسنة 55 قضائية عليا شكلًا وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المطعون فيه رقم (266) لسنة 2021 الصادر بتاريخ 21/2/2021 فيما تضمنه من مجازاة 3 مسؤولين من العاملين بقسمي المراجعة والماهيات بالجهاز المركزي للمحاسبات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهاز المصروفات لكونه قد اتسم بالغلو وعدم التناسب بين أهمية المخالفة المنسوبة إليهم ومقدار العقوبة.

وقالت المحكمة إن مكتب الجهاز المطعون ضده عقد جلسته رقم (11) لسنة 2018 برئاسة رئيس الجهاز، وتناول البند الثاني عشر من هذه الجلسة مناقشة مذكرة الإدارة المركزية للشئون القانونية المتعلقة بتطوير ضوابط حضور أعضاء الجهاز اجتماعات الجمعيات العمومية العادية وغير العادية للشركات الخاضعة لرقابة الجهاز.

وانتهت المناقشة إلى الموافقة على تلك المذكرة، وبناء عليها وعلى قرار مكتب الجهاز صدر قرار رئيس الجهاز رقم (1817) لسنة 2018 بتاريخ 23/10/2018 ونصت المادة الأولى منه على أن "يُمنح السادة أعضاء الجهاز مكافأة حضور جلسات الجمعيات العامة العادية وغير العادية للشركات واجتماعات مجالس إدارات الهيئات العامة والوحدات الاقتصادية الخاضعة لرقابة الجهاز بواقع (500 جنيه) عن الجلسة الواحدة وفقا للضوابط التي وضعها مكتب الجهاز بجلسته المنعقدة بتاريخ 31/7/2018 ويصدر بها كتاب دوري".

إلا أنه باضطلاع الطاعنين بأعمالهم، بعد صدور قرار رئيس الجهاز، فقد تم تحرير واعتماد استمارات صرف المكافآت لأعضاء الجهاز ــــ وعددهم (35) عضوا ــــ ممن حضروا جلسات الجمعيات العمومية المشار إليها في تاريخ لاحق على موافقة مكتب الجهاز الصادر بتاريخ 31/7/2018، وتم اعتماد صرف مبلغ خمسمائة جنيه لكل منهم عن الجلسة الواحدة بدلا من مائة جنيه.

مبالغ المكافآت 

وتبين بالتحقيقات أن الطاعنين لم يكن في حسبانهم أنه يتعين أن يكون تاريخ حضور الجلسة مناط استحقاق المكافأة لاحق على صدور قرار رئيس الجهاز بالزيادة المنوه عنها، لا سيما وأن هذا القرار قد أشار إلى إعمال ضوابط قرار مكتب الجهاز الصادر بتاريخ 31/7/2018، فكان لاختلاط الأمر عليهم سببا في اعتماد صرف مبالغ المكافآت عن تلك الجلسات بالزيادة، ظنا بأن الزيادة قد قُررت ليستفيد منها أعضاء الجهاز ممن حضروا الجلسات المشار إليها بعد موافقة مكتب الجهاز بتاريخ 31/7/2018

وقد تأكد هذا وقوعهم في هذا الظن بأقوال الطاعن الأول بالتحقيقات، إذ أفاد بأن ما خالطه من لبس كان بسبب حضور أعضاء الجهاز جلسات انعقدت بعد موافقة هيئة المكتب وقبل صدور قرار رئيس الجهاز، فضلا عن أن اعتمادهم استمارات صرف تلك المبالغ كان بعد صدور قرار رئيس الجهاز، بالإضافة إلى أن صياغة هذا القرار جاءت عامة دون تحديد لتاريخ سريانه أو تاريخ استفادة المخاطبين بأحكامه، فكان تقدير الطاعنين أن المقصود هو سريان القرار على استمارات الصرف التي يتم اعتمادها بعد تاريخ صدوره في 23/10/2018، طالما أشار إلى موافقة مكتب الجهاز بتاريخ 31/7/2018، ليكون الصرف بالزيادة لعضو الجهاز حال حضوره الجلسات بعد تاريخ تلك الموافقة.

الكتاب الدوري 

إلا أنه بمناسبة صدور الكتاب الدوري رقم (2) لسنة 2018 بتاريخ 25/10/2018، والذي تبين منه للطاعن الأول أنه هناك جلسة أخرى لمكتب الجهاز بتاريخ 21/10/2018 فقد بادر إلى الإخطار بوقوع خطأ في تقدير الأمر، وتم بالفعل اتخاذ إجراءات تسوية المبالغ التي تم صرفها بالخطأ لأعضاء الجهاز، إلا أن الإدارة المركزية للشئون القانونية بالجهاز أعدت مذكرة ارتأت فيها التجاوز عن استرداد تلك المبالغ بالنظر لحسن نية من تقاضوها، ووافق رئيس الجهاز على هذا الرأي إعمالا لتقديره، ومن ثم لم تتم تسوية المبالغ المنصرفة بالزيادة لأعضاء الجهاز.
  

وتبين بما لا يدع مجالا لشك أن أمر إعداد واعتماد استمارات الصرف آنفة الذكر كان محل خلاف في تفسير عبارات قرار رئيس الجهاز بإقرار زيادة في مكافآت حضور أعضاء الجهاز جلسات الجمعيات العامة العادية وغير العادية للشركات واجتماعات مجالس إدارات الهيئات العامة والوحدات الاقتصادية الخاضعة لرقابة الجهاز، ولا أدل على وقوعهم في هذا الخلط من أن استمارات الصرف المشار إليها قد تم اعتمادها من نائب رئيس الجهاز قبل صرف البالغ مضمونها إلى الأعضاء المستحقين، وذلك حسبما ورد بالتحقيقات.

فضلا عن أن عدم تسوية المبالغ المنصرفة بموجب استمارات الصرف آنفة الذكر يرجع إلى قرار من رئيس الجهاز بالتجاوز عن استردادها، ولم تكن أثرا مباشرا لخلط أصاب عمل وتقدير الطاعنين، مما ينتقل بخطئهم إلى مصاف الأخطاء اليسيرة واردة الحدوث في إطار العمل الإداري، فبالأحرى تعين أن يكون تعاطي السلطة المختصة مع الهفوات الإدارية الناتجة عن خطأ في تقدير أمر ما أو الاجتهاد فيه بقدر يتناسب مع تلك الهفوات التي لم يطلها سوء نية أو إهمال، فقد يكون في لفت نظر الموظف إليها ما ينهض مانعا من تكرارها مستقبلا دون وصم حياته الوظيفية بعقوبة عنها لا يستأهلها أمره.
ومن ثم فإن إصدار قرار بمجازاة الطاعنين بالعقوبات آنفة البيان يكون قد اتسم بالغلو وعدم التناسب بين أهمية المخالفة المنسوبة إليهم ومقدار العقوبة، وإذ لم يرتق المنسوب إلى الطاعنين إلى ما ينهض مبررا لتوقيع أدنى العقوبات المقررة بلائحة العاملين بالجهاز محل عملهم، فقد تعين القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، فأصدرت المحكمة حكمها المتقدم.

الجريدة الرسمية