رئيس التحرير
عصام كامل

تونس على حافة الهاوية.. تحركات “النهضة” بدعم من أحزاب معارضة للانقلاب على قيس سعيد

أرشيفية
أرشيفية

“تونس على حافة الهاوية”.. هذا هو العنوان الذى يمكن أن يكون دالا على الأزمة السياسية التونسية، بعد إعلان الرئيس قيس سعيد الأسبوع الماضى حل مجلس النواب، وذلك بعد حوالى ثمانية أشهر من تعليق أعماله وتوليه كامل السلطة التنفيذية والتشريعية صحيح أن هذا القرار كان متوقعا منذ مدة لكن تونس لم تكن فى حاجة إلى أزمة جديدة فى ظل وضع اقتصادى واجتماعى على حافة الانفجار.


وجاء قرار الرئيس التونسى فى خطاب نارى ردا على عقد جلسة برلمانية أقيمت عن بعد وشارك فيها أكثر من 100 نائب، وذلك بدعوة من رئيس البرلمان “المجمد” ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشى، وهو ما أثار الجدل فى الأوساط السياسية التونسية، فالبعض يرى أن الخطوة التزمت بمقتضيات الدستور، وآخرون ينتقدونها بشراسة معتبرين أنها غير دستورية وأنها محاولة أخرى للرئيس للاستحواذ على كافة السلطات.

النهضة
اللافت أن الجلسة الافتراضية للبرلمان شاركت فيها كتل برلمانية عدة منها “كتلة النهضة” و”كتلة قلب تونس” و”كتلة ائتلاف الكرامة” و”كتلة التيار الديمقراطي” وغيرها، وذلك فى إشارة إلى غضب عدد من الساسة من قرارات قيس سعيد الخاصة بالدولة وإبداء رغبة جديه فى إزاحته من الحكم، بحسب تصريحات نائب رئيس البرلمان “المنحل”، طارق الفتيتى الذى ترأسها، وتلى هذه الخطوة استدعاء شرطة الإرهاب للغنوشى والعديد من الشخصيات المشاركة فى الجلسة البرلمانية.


وفيما دعا الغنوشى إلى إجراء حوار وطنى، مهددا بأن النهضة قادرة على حشد الناس فى الشوارع، رفض قيس سعيد مؤكدا أنه لن يتحاور مع من شاركوا فى محاولة فاشلة للانقلاب والتآمر على أمن الدولة الداخلى والخارجى.


وتزايدة حدة الأزمة أكثر مع دعوة سعيد لإجراء استفتاء على الدستور ومن ثم تنظيم انتخابات نيابية جديدة، فهل تذهب تونس إلى انتخابات تشريعية مبكرة؟ أم هل يطيح المعارضون بالرئيس من الحكم، وما هى سيناريوهات الأوضاع المستقبلية للبلاد؟

لعبة الإخوان
الإعلامية التونسية سعاد محمد قالت: "نحن كشعب تونسى كنا ننتظر قرار حل البرلمان رسميا منذ تجميد أعماله فى شهر يوليو الماضى بقرار من الرئيس قيس سعيد، ونحن كمواطنين تونسيين نرى أن القرار تأخر كثير لكنه جيد فى النهاية".


وأضافت أن الإخوان فى تونس يلعبون على مشاعر وطيبة المواطن التونسى الذى كان يصدقهم فيما قبل لكن الآن عرف المواطنون كذبهم وأنهم يعملون لمصالحهم الشخصية وليس لمصلحة الوطن أو المواطن، وهم من أدوا إلى تفاقم الأزمات المتتالية فى تونس باختلاق الأزمات حتى لا يشعر الموطن التونسى بالأمان، فيقومون بعمل تشريعات تناسب حزبهم وجماعتهم داخل البرلمان، فما كان من الرئيس قيس سعيد إلا أنه اتخذ قرار تجميد ثم حل البرلمان لما رآه من ممارسات سوف تهوى بالبلاد إلى المجهول.


وحول إجراء الانتخابات وتحديد موعدها بعد ثلاث أشهر قالت سعاد إن هذا أمر جيد، وأرى أن الوقت كاف لإجراء الدعاية الانتخابية لجميع المرشحين وأتوقع عدم حصول حزب النهضة على الأغلبية فى هذه الانتخابات لما فعلوه فى المرات السابقة، بمعنى أن الشعب التونسى تعلم الدرس ولن ينساق وراء أكاذيب الإخوان مرة أخرى، لأن سماتهم الكذب والخيانة والوعود الكاذبة للحصول على مصلحتهم ولا يهمهم المواطن البسيط، والدليل على ذلك أن القرار لقى قبولا من المواطنين، وحين دعا حزب النهضة لوقفات احتجاجية لم ينزل الشعب لتظاهر لأنهم تعلموا من الماضى.


وأضافت الإعلامية التونسية أن المشهد السياسى التونسى سيكون فى أفضل حالاته الفترة المقبلة خاصة مع وجود انتخابات برلمانية ويكون الاختيار بيد الشعب لكن هذا يتطلب تضافر جهود المواطنين والحكومة لإنقاذ البلاد من الإخوان وسمومها المنتشرة فى كل مكان والتى تعمل على إسقاط الدولة.

الإنقلاب على قيس سعيد
وحول الإطاحة بالرئيس التونسى قالت لا أعتقد أن يؤدى قرار حل البرلمان للإطاحة بالرئيس قيس سعيد لأنه اتخذ هذا القرار بناء على رغبة الشعب التونسى، بل سيؤدى هذا القرار الشجاع لتثبيت فرص انتخابه ولاية ثانية لأن المواطنين تعلموا الدرس وأصبح لديهم وعى سياسى كبير، ولا يستطيع أي تيار استغلالهم أو توجهم مرة أخرى مثلما فعل الإخوان قبل ذلك.


وعن السيناريوهات المتوقعة لما قد يحدث فى تونس وخاصة بعد أن قلب قرار الرئيس التونسى المشهد رأسا على عقب، وأصبح هناك مزيد من الضبابية حول الأوضاع، قال وليد عباس عضو بالتيار الشعبى: "إن قرار رئيس الجمهورية تأخر قليلا، فكلنا منذ البداية أجمعنا على حل هذه المؤسسة التى حولتها جماعات الإخوان ومنظومة 2019 لوكر للتآمر على الدولة والشعب التونسي"، مشيرا إلى أن ذلك القرار جاء بعد الفضيحة التى تمت من قبل المنتحلين بعض الصفات والمنتمين لمؤسسة مجمدة عن طريق تطبيقات افتراضية لمحاولة ضرب شرعية الدولة وخلق نزاعات داخلية ومحاولة استنساخ نماذج دول أخرى فى تونس، ولكن قرار رئيس الجمهورية هو الحد الأدنى المطلوب خاصة أنه الضامن لوحدة البلاد ومؤسسات الدولة.


وأضاف: مرة أخرى نشاهد الدولة تتصدى لإخلال منظومة 2019 أو الإخوان عموما، وحل البرلمان هو خطوة أخرى فى الطريق الصحيح وبناء دولة جديدة تتخلص من بقايا عشرية سوداء عانى منها الشعب التونسى وتم فيها انتهاك سيادة الوطن وتجويع الشعب خلال جائحة كورونا وتهجير مؤسسات الدولة لصالح حركة النهضة لذلك نعتقد أنه القرار بحل البرلمان هو الطريق الصحيح خاصة أن هذه المجموعة حاولت خلق شرعية لتدويل القضية التونسية واستعطاف الخارج وهذا السلاح الوحيد المتبقى لديهم.

التداعيات القانونية
وعن التداعيات القانونية التى يمكن أن تترتب على الجدل الحاصل فى تونس أشار إلى أن الدستور كُتب على أنقاض اللقاء الشهير بين الراحل قائد السبسى وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشى، لذلك المخول الوحيد له تأويل هذه الفصول هو رئيس الجمهورية فهو من يسهر على وحدة الدولة وما اقترفه النواب السابقون وهذه الجماعة الإخوانية ما هو إلا محاولة لإرباك الدولة التونسية وخلق تنازع للشرعيات وتهديد وحدة مؤسسات والدولة وذلك كان يتطلب تدخلا حازما من رئيس الجمهورية، صحيح أنه تأخر فى تلك الخطوة، لكنه قام بها فى النهاية.


ومن جانبه قال اللواء رضا يعقوب، المتخصص فى الإرهاب الدولى، إن الأزمة التونسية تكمن فى أن الإخوان جماعة لا ترتبط بوطن ولا قومية ولكنها ترتبط بالفكرة الدولية التى تجمعهم فقط، لذلك فعند دخولها أي دولة فإنها تسعى لتدميرها كونها جماعة ليس لها وطن ولا انتماء حتى للشعب الذى يعيشون معه.


وعن إمكانية حركة النهضة برئاسة الغنوشى فى إقالة الرئيس التونسى، أشار إلى أن ذلك الأمر يرجع لوحدة وقوة الشعب التونسى هل يتمكن من إقصاء الإخوان نهائيا أم يتخذ أسلوبا آخر وينجرف إليهم، فزعيم الحركة لا يهمه تونس ولكن يهمه فقط جماعته.

 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية