رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عاطف فاروق يكتب: "الدكتورة هالة" كلمة السر في صراع أساتذة كلية الطب

عاطف فاروق
عاطف فاروق

الجامعات هي منارات العلم ومعقل الفكر ومجمعات المفكرين وذخيرة الوطن من العلماء في شتي مناحي الحياة، للوصول إلى بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية، لذلك عُني الدستور بالجامعات والبحث العلمي واحتفى بها، فألزم الدولة في المادة (21) منه بأن تكفل استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية وتوفير التعليم الجامعي وفقًا لمعايير الجودة العالمية، كما اعتبر الدستور في المادة (22) منه المعلمين وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم الركيزة الأساسية للتعليم، تكفل الدولة تنمية كفاءاتهم العلمية ومهاراتهم المهنية بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه


لن يتأتى ذلك إلا إذا سادت التقاليد والقيم الجامعية الأصيلة، واستمسك بها أعضاء هيئات التدريس، سواء فيما بينهم أو مع طلابهم، بدلا من غياب هذه القيم والتقاليد، وفي واقعة كاشفة، تلقّى رئيس جامعة المنصورة شكاوى من بعض أعـضـاء قـسم الأمـراض النفسية بكلية الطب، تتعلق جميعها بسوء إدارة الدكتورة هالة أحمد نوفل حال شغلها لوظيفة رئيس قسم الأمراض النفسية، وأنفرادها بالقرارات


وفي محاولة لحل الخلافات، تشكلت لجنة برئاسة نائب رئيس الجامعة لدراسة المشكلة وسماع أطرافهـا، حيث تعذّر رأب الصدع بين أعضاء مجلس القسم، فأصدر رئيس الجامعة قراره بإحالة الدكتورة هالة أحمد نوفل رئيس قسم الأمراض النفسية بكلية الطب للتحقيق معها بمعرفة عميد كلية الحقوق، والذي إنتهى إلى مجازاتها بعقوبة اللوم، لإخلالها بواجبات الوظيفة ومخالفة القوانين واللـوائح الجامعيـة بأن ارتكبت 8 مخالفات إدارية


إحتقان ولدد الخصومة

وصدر قرار رئيس الجامعة بمجازاة رئيس قسم الأمراض النفسية بالكليّة بعقوبة "اللوم"، لإخلالها بواجبات بوظيفتها، فتظلّمت من القرار، فأصدر رئيس الجامعة قراره بالاكتفاء بعقوبة التنبيه، فأقامت الطعن رقم 145 لسنة 55 قضائية ضد رئيس الجامعة المنصورة وآخرين لإلغاء قرار مجازاتها


قالت المحكمة أن التحقيق نسب إلى الطاعنة تعسّفها في استعمال سلطاتها كرئيسٍ لقسم الأمراض النفسيّة بكلية الطب بجامعة المنصورة، وخلت الأوراق مما يفيد صحة هذه المخالفات، وقد التمس رئيس الجامعة حلًّا لأسباب الشكوى، والتوفيق بين الطرفين، إلا أن لجنة التوفيق فشلت في مهمتها وأنتهت إلى تعذّر الحلّ، لوجود اتّهامات متبادلة بين طرفي الشكوى، ومن ثم تمت مباشرة التحقيق معها


وانتهى التحقيق إلى صحّة المخالفات المنسوبة للطاعنة وثبوتها بشهادة الشاكين، مُسلمًا بما عدوه مخالفًا من سلوكها، رغم احتقان علاقة الشاكين ولدد خصومتهم معها، والذي كشف عنه إخفاق محاولات الحل الودّي للخلاف، متناسيًا أن توقيعهم السابق على الشكاوى قام إعلانًا منهم بخصومتهم للطاعنة


إنشاء وحدة الإدمان

لم يتحرّ التحقيق تلافيًا لذلك رصد أدلّةٍ أو قرائن ترجّح أقوال الشاكين، كأستطلاع رأي الجامعة بشأن الدورة المنسوب للطاعنة إقامتها أو إستعراض اللوائح والقواعد المنظّمة لذلك والتي نُسب للطاعنة مخالفتها، أو استعراض القواعد المنظّمة لإقرار مجلس القسم للدرجات العلمية وما إذا كانت تُجيز للمجلس إقرار البروتوكول دون العرض "السيمينار" أم لا


كما لم يُرفق بالتحقيقات محضر مجلس القسم المنسوب للطاعنة العبث به، أو يُقدّم المُحقّق ما يقطع بإخلال الطاعنة بامتناعها عن تحديث قوائم الإشراف، أو يُرفق قواعد ناظمة لذلك أو مُطالبات تلقّتها الطاعنة من الجهات الإشرافية بالجامعة تُلزمها بذلك، أو يُثبت جنوحها وهواها في توزيع الإشراف على الرسائل العلمية


ولم يتقصّ التحقيق صحة دفاع الطاعنة بشأن المشاجرة التي وقعت بين أحد أعضاء هيئة التدريس والمدمن المتعافي وإيراد التقارير الموضوعة بهذا الشأن وما انتهت إليه، أو يُطالع بروتوكول إنشاء وحدة الإدمان ليتحرّى مدى مخالفة الطاعنة له، أو يُثبت إضرارها بالمرضى


أروقة الجامعة

كما لم يلتفت المُحقق لدفاع الطاعنة بشأن تقديم طالب الترقية لملفّ ترقيته قبل إنعقاد مجلس القسم بوقتٍ وجيزٍ، فلم يُطلع المحكمة على اللوائح التي قررت الطاعنة إستنادها لها في سلوكها، ولتأتي المخالفة الأخيرة عامّةً جامعةً مانعةً لادّعاء الشاكين الشهود، مُستندةً لمناقشات دارت بين الطاعنة والشاكين في أروقة الجامعة أو على مواقع التواصل الاجتماعي أنكرتها الشاكية ودفعت بأنها هي من أصابتها الإهانة وسوء التعامل، فاعتنق التحقيق أقوال الشاكين الشهود ونبذ أقوال الشاكية الخصم، ودون تحرّي شهودٍ من غيرهم أو يستدعِ من طلبتهم الطاعنة كشهود نفي


وشاب التحقيق أيضًا القصور والإخلال بحقوق الطاعنة، إذ قام مبناه على أقوال سبعةٍ من الشاكين التي باتت عمادها، إذ جاءت شهادة من دونهم إذا استُبعدت شهاداتهم غير كافيةٍ لحمل المخالفات على الصحّة، إذ كان ما أدلى به وكيل الكلية، بوصفه عضوًا باللجنة، والذي افتُتحت به التحقيقات، مقصورًا على إخفاق لجنته في تحديد سبب الشكاوى لوجود تراكمات بين الطرفين


وكانت شهادة الدكتورة وفاء عبدالحكيم، شهادةً فرديّةً غير حاسمةٍ وقائمةً على ما سمعته من الشاكين في البعض الآخر، وجاءت شهادة الدكتور رشدي محمد مؤيّدةً لشخص الطاعنة مُرجّحةً لمُعظم سلوكها، وكذلك جاءت كلمات الدكتور محمد فريد في أقواله المختصرة، كما سُئلت في التحقيق سكرتيرة مجلس القسم، والتي جرى سؤالها باقتضابٍ عن مخالفةٍ واحدةٍ دون سواها رغم صلاحية هذه الشاهدة بحكم وظيفتها لكشف خلفيات عدد من المخالفات المنسوبة للطاعنة


 سوء الإدارة وارتباكها
والتفت التحقيق عن شاهدي النفي المطلوبين من الطاعنة، وأعرض عن تتبّع ما أسندته من تصرّفاتها للقوانين، فلم يطّلع أو يُرفق بالتحقيقات اللوائح المنظمة لعمل مجلس القسم أو قوائم الإشراف أو البروتوكول المُنظّم لعمل وحدة معالجة الإدمان أو محاضر مجلس القسم محل المخالفات، لينتج عمّا تقدّم تحقيقًا مبتسرًا خاويًا من الاستعراض القانونيّ لتفاصيل الشكوى، أو لأوجه مخالفة الطاعنة جانحًا مائلًا لزُمرة الشاكين، فجنح لجانبهم وأعلى كلمتهم، مما أدى إلى بطلان التحقيق لإخلاله بضماناتٍ جوهريّةٍ


ولا يفوت المحكمة أن تكشف عمّا التمسته من ملابسات ووقائع من أن ما نُسب للطاعنة أو سيق لإدانتها لا يعدو أن يكون من مظاهر سوء الإدارة وتبعات إرتباكها، وهو ما يجد لمعالجته أو تلافيه أو تسوية آثاره مناحٍ وسُبُلٍ أُخرى ليس من ضمنها سبيل التأديب أو توقيع الجزاء، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بإلغاء قرار رئيس جامعة المنصورة فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بعقوبة التنبيه

Advertisements
الجريدة الرسمية