رئيس التحرير
عصام كامل

صراع القوى العظمى.. واشنطن وبكين مرحلة مصيرية من حرب تضارب المصالح

واشنطن وبكين
واشنطن وبكين

بينما يشهد العالم صراعًا داخل أوروبا تقوده روسيا إحدى الدول العظمى ضد جارتها "أوكرانيا"؛ يخشى العالم من حرب عظمى جديدة تجر البشرية لحافة الدمار الكامل مع تضارب مصالح القوى المسيطرة على مستوى العالم في إشارة إلى واشنطن وبكين.

 

واشنطن وبكين 

وفي ذلك الصدد كشفت تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية عن مرحلة خطيرة من الصراع الأمريكي الصيني يتزايد بالتزامن مع تضارب المصالح السياسية الاقتصادية للدولتين.

 

وقالت الجارديان، إن الصراع المسلح ليس أمرًا حتميًّا، إلا أنه أصبح احتمالًا قائمًا، مؤكدة أن المرحلة الحالية ستكون خطيرة ومصيرية للغاية، ولكن توجد مسارات قد تؤدي لنزع فتيل التصعيد بينهما.

 

وأضافت الصحيفة، في تقرير لها نشرته اليوم الخميس، على موقعها الإلكتروني: ”بينما تظهر صور الدمار والموت في أوكرانيا، ويتدفق اللاجئون بالملايين، فإن تركيز العالم الآن ينصب على الرعب الذي اعتقد كثيرون استحالته في القرن الحادي والعشرين، والذي يتمثل في حرب حديثة على نطاق واسع في أوروبا“.

 

وأضافت: ”ولكن في هذه اللحظة القاتمة، فإنه من المهم التفكير وإعادة تقييم المخاطر التي تمثلها صراعات أخرى محتملة يمكن أن تندلع نتيجة الصراعات الجيوسياسية المتصاعدة، وأحد أخطر هذه التهديدات هي الحرب المحتملة بين الولايات المتحدة والصين“.

 

السياسية في واشنطن وبكين

ورأت الصحيفة أن الدرس المستفاد من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والمستمرة منذ يوم 24 فبراير الماضي، هو أنه لا يوجد سيناريو مستبعد في الوقت الحالي، خاصة أن العقد الحالي يبدو حاسمًا، مع تغير موازين القوة بين الولايات المتحدة والصين، حيث يعلم الخبراء الإستراتيجيون في كلتا الدولتين ذلك جيدًا.

 

وتابعت: ”بالنسبة لصناع السياسة في واشنطن وبكين، إضافة إلى عواصم أخرى، فإن هذا العقد سيكون خطيرا؛ ولكن إذا وجدت الدولتان العملاقتان طريقة للتعايش دون خيانة مصالحهما الأساسية، فإن العالم سيكون مكانًا جيدًا، ولكن إذا فشلتا في ذلك، فإن المسار الآخر يشير إلى احتمال نشوب حرب ستكون أكثر دمارا بمراحل مما نراه في أوكرانيا الآن، وكما كان الحال في عام 2014، فإنها ستؤدي إلى إعادة كتابة التاريخ بطرق لم يكن من الممكن تخيلها“.

 

وأشارت إلى أن الصراع المسلح بين الولايات المتحدة والصين أصبح محتملًا نتيجة التغير السريع في ميزان القوة بين الدولتين، حيث قام الرئيس الصيني شي جين بينج في عام 2014 بتغيير الإستراتيجية العامة للصين من الموقف الدفاعي إلى سياسة أكثر نشاطًا تسعى إلى تعزيز مصالح بلاده على الصعيد العالمي.

 

إستراتيجية واشنطن تجاه بكين 

ويأتي ذلك في الوقت نفسه الذي لجأت فيه الولايات المتحدة إلى إستراتيجية جديدة تمامًا تجاه الصين منذ عام 2017، والتي وصفتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والحالي جو بايدن، بأنها عهد جديد من التنافس الاستراتيجي، وأدت هذه العناصر إلى وضع واشنطن وبكين على مسار تصادمي خلال العقد المقبل.

 

وأردفت: ”الحالة الراهنة للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين، هي نتاج تاريخ طويل متنازع عليه، وما ظهر عبر القرون هو موضوع متكرر من عدم الفهم المتبادل والشك، وغالبا ما تتبعه فترات من الآمال والتوقعات المبالغ فيها، التي تنهار بعد ذلك في مواجهة الضرورات السياسية والاستراتيجية المختلفة، وعلى مدى السنوات الـ150 الماضية، ألقى كل طرف باللوم على الآخر في إخفاقات العلاقات بينهما“.

 

وأشارت إلى أن معظم الأمريكيين، ومن بينهم النخبة المتعلمة، يعانون لفهم كيف تسير الأمور السياسية في جمهورية الصين الشعبية، كما أن نقص الفهم الأمريكي للثقافة الصينية، وفكر القيادة الشيوعية يجعل الأمريكيين يشعرون بحالة من الشك وعدم الثقة تجاه هذا المنافس الصاعد بقوة على ساحة القيادة العالمية.

 

وأوضحت: ”في حين أن الهدف الرئيسي لبكين من تحديث وتوسيع قدرات جيشها كان التحضير لحالات الطوارئ المستقبلية في تايوان، فإن القدرات العسكرية والبحرية والجوية والاستخباراتية المتنامية للصين، تمثل من وجهة النظر الأمريكية تحديًا أوسع بكثير للهيمنة العسكرية الأمريكية في منطقة الهند والمحيط الهادئ وما وراءها“.

 

ومن وجهة نظر القيادة الصينية، فإن هناك دولة واحدة فقط هي التي تستطيع عرقلة الطموحات القومية والعالمية للرئيس شي جين بينج، وهي الولايات المتحدة، ولذلك فإن الأخيرة تحتل موضعًا محوريًّا في الفكر الاستراتيجي للحزب الشيوعي الصيني.

 

الفهم الإستراتيجي

ووضعت الصحيفة البريطانية 3 محاور يمكن من خلالها تعزيز الفهم الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، من خلال إطار مشترك بين الدولتين، يقوم على التالي:

أولًا، الاتفاق على مبادئ خطوات ملموسة تتعلق بالخطوط الحمراء الاستراتيجية مثل تايوان، والتي من المحتمل أن تؤدي إلى تصعيد عسكري.

 

ثانيًا، تحديد المجالات التي يمكن من خلالها قبول المنافسة الاستراتيجية، مثل السياسة الخارجية، والسياسة الاقتصادية، والتطور التكنولوجي.

 

ثالثًا، تحديد المجالات التي يتم فيها التشجيع على استمرار التعاون الإستراتيجي، مثل تغير المناخ.

وختمت الصحيفة: ”بالتأكيد، فإن العالم سوف يرحب بعالم لا يكون فيه مجبرًا على الاختيار بين واشنطن وبكين، وسوف يكون الأفضل أن يتمتع العالم بنظام قائم على الثقة والتكامل والسيادة السياسية، ومسارات من أجل الرخاء، والاستقرار المرتكز على نظام دولي فاعل يستطيع التصدي للتحديات العالمية، التي لا تستطيع دولة بمفردها أن تقوم بحلّها؛ وما سيحدث مستقبلًا بين الولايات المتحدة والصين سيحسم ما إذا كان ذلك ممكن تحقيقه“.

الجريدة الرسمية