رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة: تحويل القبلة في شعبان لحكمة.. والإسلام دين الأنبياء جميعا

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن شهر شعبان فيه ليلة عظيمة "ليلة النصف من شعبان"، التي يغفر الله فيها لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.

تحويل القبلة

وأوضح أنه في شعبان تم تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وكان لتحويل القبلة حكمة تربوية لتقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية، مشيرًا إلى أن الأمر الإلهي صدر بالاتجاه إلى المسجد الحرام‏،‏ ليس تقليلا من شأن المسجد الأقصى‏،‏ ولكنه ربط لقلوب المسلمين بحقيقة الإسلام‏،‏ حيث رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل قواعد هذا البيت ليكون خالصا لله‏،‏ وليكون قبلة للإسلام والمسلمين‏،‏ وليؤكد أن دين الأنبياء جميعا هو الإسلام.
 

وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "في هذا الشهر الكريم ليلة عظيمة هى #ليلة_النصف_من_شعبان‏،‏ عظم النبي ﷺ شأنها فقال‏:‏ إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ‏(ابن ماجه‏ وابن حبان)
 

وقال "وقد ورد في فضل تلك الليلة أحاديث بعضها مقبول وبعضها ضعيف‏،‏ غير أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال‏،‏ ولذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها‏."

حكمة تحويل القبلة

وأضاف "وفي شعبان تم تحويل القبلة‏،‏ وهو حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية‏،‏ حيث كان تحويل القبلة في البدء من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية وهي العمل على تقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية‏: (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه‏.‏ 
 

وعن اختيار الله للمسلمين التوجه للكعبة قال "لأن هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية القلوب وتجريدها من التعلق بغير الله وحثها على اتباع المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة‏،‏ لذا فقد اختار لهم التوجه قبل المسجد الأقصى‏،‏ ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم مما علق بها من الجاهلية‏،‏ ليظهر من يتبع الرسول اتباعا صادقا عن اقتناع وتسليم‏،‏ ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها‏."
 

وتابع حديثه قائلًا: "وبعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام في المدينة‏،‏ صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام‏،‏ ليس تقليلا من شأن المسجد الأقصى ولا تنزيلا من شأنه‏،‏ ولكنه ربط لقلوب المسلمين بحقيقة أخرى هي حقيقة الإسلام‏،‏ حيث رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصا لله‏،‏ وليكون قبلة للإسلام والمسلمين‏،‏ وليؤكد أن دين الأنبياء جميعا هو الإسلام‏: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ) وليس تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إلا تأكيدا للرابطة الوثيقة بين المسجدين‏"

الإسلام دين الأنبياء

وعن أصل القبلة قال جمعة: "إذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية قصر الزمن أو طال‏،‏ فقد كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية‏،‏ الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات‏،‏ إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق‏: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) ‏وعندما يتجه الإنسان من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام فهو بذلك يعود إلى أصل القبلة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)  فهي دائرة بدأت بآدم مرورا بإبراهيم حتى عيسى عليهم السلام‏، ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم ﷺ فقد أخره الله ليقدمه‏،‏ فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال‏."
 

وأضاف "وقد كرم الله نبيه ﷺ في هذه الليلة بأن طيب خاطره بتحويل القبلة والاستجابة لهوى رسول الله ﷺ قال تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) وما الأمر في هذا كله إلا أنه انتقال من الحسن إلى الأحسن وهذا شأن رسول الله ﷺ في الأمور كلها‏.‏"
 

وأوضح علي جمعة "وجاء تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام أيضا لتقر عين الرسول ﷺ فقلبه معلق بمكة‏،‏ يمتلئ شوقا وحنينا إليها‏،‏ إذ هي أحب البلاد إليه‏،‏ وقد أخرجه قومه واضطروه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة التي شرفت بمقامه الشريف فخرج من بين ظهرانيهم ووقف على مشارف مكة المكرمة قائلا‏:‏ "والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" ‏(رواه الترمذي)‏ 


واختتم جمعة حديثه قائلًا: "وبعد أن استقر ﷺ بالمدينة المنورة‏،‏ ظل متعلقا بمكة المكرمة فأرضاه الله عز وجل بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام‏،‏ فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة‏،‏ ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان."
 

الجريدة الرسمية