رئيس التحرير
عصام كامل

كابوس التضخم.. الأسعار تسجل 1% ارتفاعًا في مطلع 2022.. وخبراء يطالبون بالتوسع في التصدير

ارتفاع أسعار السلع
ارتفاع أسعار السلع

شهدت أسعار معظم السلع والمنتجات فى الأسواق المصرية، ارتفاعًا ملحوظًا منذ بداية عام 2022 نتيجة للاضطرابات التى يشهدها الاقتصاد العالمي والتضخم المتزايد خلال الفترة الماضية، كما كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع التضخم الشهرى بنسبة (1.0%) فى شهر يناير 2022 مقارنة بشهر ديسمبر 2021. 

كما سجل معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية (8.0%) لشهر يناير 2022 مقابل (4.8%) لنفس الشهر من العام الماضى. تقرير الجهاز كشف عن أسباب زيادة التضخم إلى ارتفاع أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة (14.7%)، ومجموعة الخضروات بنسبة (4.3%)، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة (2.5%)، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة (2.3%)، ومجموعة الحبوب والخبز بنسبة (2.0%)، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة (0.5%)، ومجموعة الإيجار المحتسب للمسكن بنسبة (0.5%)، ومجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة (0.2%)، ومجموعة السلع والخدمات المستخدمة فى صيانة المنزل بنسبة (0.6%)، ومجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنسبة (1.1%). 

وارتفعت مجموعة خدمات المستشفيات بنسبة (0.5%)، ومجموعة المنتجات والأجهزة والمعدات الطبية بنسبة (0.1%)، ومجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة (0.8%) هذا بالرغم من انخفاض أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة (-0.2%)، ومجموعة خدمات النقل بنسبة (-0.3%). 
“فيتو” حاورت عددًا من خبراء الاقتصاد فى مصر وناقشت في أسباب الأزمة وتداعياتها وسبل الخروج منها..

اضطرابات عالمية

أزمة كبيرة ضربت أغلب السلع والمنتجات التى يتم عرضها فى السوق المصرية، نتيجة الاضطرابات العالمية وارتفاع نسبة التضخم فى أغلب دول العالم بسبب الأزمات الاقتصادية التى تمر بها، ما جعل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يكشف عن ارتفاع التضخم الشهرى بنسبة (1.0%) عن شهر يناير 2022 مقارنة بشهر ديسمبر 2021، كما سجل معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية (8.0%) لشهر يناير 2022 مقابل (4.8 %) لنفس الشهـر من العام السابق. 

وحرص خبراء الاقتصاد على كشف جميع الأسباب التى نتج عنها ارتفاع نسبة التضخم فى مصر خلال الفترة الأخيرة، وهذا بالإضافة إلى التحذيرات من تفاقم الأزمة فى حالة عدم اتخاذ الدولة قرارات حاسمة يتم من خلالها زيادة الإنتاج بشكل عام لكل المنتجات، والحد من الاستيراد من الخارج، فى ظل الأزمات التى تعانى منها مختلف دول العالم، والتى يأتى من أبرزها أمريكا.

ويرى الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن ارتفاع التضخم الشهرى بنسبة (1.0%) عن شهر ديسمبر 2021، جاء نتيجة الموجة التضخمية التى شهدتها جميع دول العالم خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، خلال تصريحات خاصة لـ«فيتو»، معدلات التضخم فى الولايات المتحدة الأمريكية تتسارع بشكل سنوى وهى تُعد أكبر اقتصاد فى العالم لأنها تمتلك أكبر عملة فى العالم واحتياطى دولى وهى «الدولار»، كما أنها تنتج 22% من إنتاج العالم.
وتابع فخرى الفقى، معدل تضخم دول الاتحاد الأوروبى قبل موجة التضخم العالمى كان يسجل 5.1%، ولكن وصل الآن إلى 6.6%، والاتحاد الأوروبى ينتج 24% فى إنتاج العالم، كما ارتفع متوسط التضخم فى بريطانيا من 2% قبل الموجة العالمية حتى وصل حاليا إلى 5.4، وهذا بمعدل يزيد على الضعف.
وتوقع رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب استمرار تسارع موجة التضخم العالمية حتى شهر يوليو على أقل تقدير، ومن ثم تتناقص معدلات الزيادة فى الأسعار، مع انخفاض سعر برميل البترول، الذى ارتفع من 40 دولارا للبرميل من 6 أشهر إلى 90 دولارا للبرميل حاليا.

الدول النامية

وأشار فخرى الفقي، بالنسبة لموجة التضخم فى الدول النامية ومن بينها مصر، فموجة التضخم مستوردة بطريقة مباشرة وغير مباشرة، والمباشرة هى أننا نستورد سلعا أساسية مثل القمح وقبل هذه الموجة اتخذنا إجراءاتنا، ونستورد القمح من دول مثل كندا وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة، وكان متوسط سعر الطن حينها 250 دولارا ولكن وصل حاليا لـ390 دولارا للطن بزيادة 3 أضعاف، ونحن أكبر دولة فى العالم مستوردة للقمح.
وألمح إلى أن هذه الزيادة الكبيرة فى أسعار القمح تؤدى إلى زيادة الدعم على العيش ودقيق القمح، وعلى هذا المنوال ستزيد أسعار المكرونة والأرز والذرة والزيت والسكر وباقى السلع الأساسية التى لا يكفى إنتاجنا المحلى لها ونستوردها، ونحاول تخفيف حدة هذه الزيادة من خلال الدعم فى البطاقة التموينية.
وتابع: أما عن الطريقة غير المباشرة لتأثير موجة التضخم العالمية على مصر فهى أننا نستورد جميع مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار فى المصانع، وهى ارتفعت أسعارها أيضًا وهو ما يؤدى إلى زيادة التكلفة الإنتاجية، وبالتالى ترتفع أسعار السلع المصنعة داخل مصر أيضًا.
وعن الإجراءات التى يجب أن تتبعها الدولة أمام تسارع التضخم؛ لتهدئة تأثيرها على المواطنين، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أول إجراء هو عمل منظومة الدعم وهذا سينعكس على أن زيادة منظومة دعم رغيف العيش، ولكى نقلل من هذه الزيادة، وزير التموين يحاول أن يضع منظومة جديدة لرغيف العيش لتقليل الاستهلاك، من خلال تحويل رغيف العيش الذى لا يستهلكه المواطن إلى نقاط على بطاقة التموين.
وأكد فخرى الفقي، على أهمية زيادة الإنتاج المحلى من القمح والسلع الأساسية مثل السكر والزيت والأرز وغيرها من السلع التى تهم المواطن العادى، بجانب زيادة منافذ البيع التابعة لوزارة التموين والجيش والشرطة، وأشار إلى أهمية يقظة الأجهزة الرقابية فى ضبط الأسواق ومنع زيادة الأسعار من جانب أحد التجار بشكل غير مبرر.
وتطرق رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إلى أن البنك المركزى وضع مستهدفا للسياسة النقدية 7% لمعدل التضخم من الممكن أن تزيد أو تنقص 2%، فعندما يصل التضخم لـ9% سيكون فى إطار المستهدف ولن يتأخذ أي إجراء، ولكن عندما يجد معدل التضخم تجاوز النسبة المستهدفة سيتخذ سياسة نقدية متشددة، ويزيد من سعر الفائدة، وهى ما ستؤدى إلى زيادة إيداع المواطنين وزيادة الادخار وتقليل الاستهلاك وهو ما سيؤدى إلى تحجيم التضخم.
وأشار إلى أن البنك المركزى يجتمع كل 6 أسابيع لمناقشة سعر الفائدة، ولم يغير سعر الفائدة فى آخر 10 اجتماعات؛ لأن التضخم المستهدف فى الحدود التى وضعها، وهى 7% تزيد أو تنقص 2%، ولكن من المتوقع أن يشهد الاجتماع المقبل زيادة سعر الفائدة بنسبة 1% أو 0.5% تحسبًا لأى زيادة للتضخم وزيادتها إلى أكثر من 9%.
وألمح إلى أن رفع سعر الفائدة مضر لكن البنك المركزى سيكون مضطرا، لأن سياسة البنك المركزى هدفها الأول محاربة التضخم، مشيرًا إلى أن رفع سعر الفائدة يؤثر على النمو وزيادة تكلفة الاقتراض وزيادة فوائد الدين للحكومة عند اقتراضها.
وحذر فخرى الفقي من خطورة التضخم، مشيرًا إلى أنها تجعل الأغنياء يزدادون ثراء والفقراء يزدادون فقرًا، لأن رجال الأعمال يبيعون بأسعار مرتفعة وتزيد دخولهم، أما الموظفين وأصحاب الدخل الثابت هم من يدفعون ثمن غلاء السلع للتجار، لذلك سيتكلفون أموالا أكثر لمستلزماتهم اليومية.

تكثيف الإنتاج

وقال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، إن مصر تستورد بشكل كبير كافة المنتجات التى تحتاج إليها من الخارج، وهذا ما يجعلها تتأثر بالأحداث العالمية التى ينتج عنها ارتفاع الأسعار الخاصة بالمنتجات المستوردة، مؤكدًا في تصريحات خاصة لـ«فيتو»، أنه من الضرورى اعتماد مصر على الإنتاج وتكثيف وضع الخطط اللازمة للحد من الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتى خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، مما يساعد على عدم التأثر بالأحداث الخارجية وارتفاع أسعار الشحن التى نعانى منها بشكل كبير، وهذا ما انعكس على أسعار المنتجات فى الأسواق المصرية.
وعن تراجع نسبة التضخم، توقع الدكتور رشاد عبده، انخفاض الأسعار وتراجع نسبة التضخم خلال النصف الثانى من العام الجارى، وهذا بعد التعرض لزيادات طفيفة فى الأسعار خلال الأشهر المقبلة، مطالبا الحكومة بضرورة وضع خطط مناسبة، ويتم العمل عليها بشكل فعلى على أرض الواقع لمحاولة الحد من الارتفاع الكبير الذى تشهده الأسعار بالتزامن مع ارتفاع نسبة التضخم فى مختلف دول العالم.
وأوضح، أن ارتفاع التضخم الشهرى بنسبة (1.0%) عن شهر ديسمبر 2021، جاء نتيجة الموجة التضخمية التى شهدتها جميع دول العالم خلال الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أنه لم يتفاجأ أحد بزيادة نسبة التضخم، وهذا لأنه كان من المتوقع أن تتعرض البلاد لارتفاع الأسعار بالتزامن مع الارتفاع العالمى لجميع المنتجات.

التصدير

وأضاف أن من أبرز أسباب ارتفاع نسبة التضخم يتمثل فى أن مصر تستورد أغلب منتجاتها الغذائية من الخارج، وهذا ما انعكس على ارتفاع الأسعار بشكل كبير خلال الفترة الحالية نتيجة زيادة أسعار الشحن، بجانب زيادة نسبة التضخم فى مختلف دول العالم، والتى يأتى من أبرزها أمريكا التى وصلت فيها نسبة التضخم إلى حوالى 7.1%.
وأشار إلى أن من ضمن أسباب ارتفاع نسبة التضخم، جاءت نتيجة ارتفاع أسعار البترول وحاويات النقل بمختلف دول العالم، بالإضافة إلى انخفاض المعروض مع ثبات الطلب على كافة المنتجات الموجودة فى الأسواق.
ومن جانبه أكد أحمد معطى، الخبير الاقتصادى، أن أبرز أسباب ارتفاع نسبة التضخم فى مصر والعالم، تتمثل فى زيادة أسعار النفط بشكل كبير، وهذا ما جعله يتعدى حاجز الـ91 دولارا للبرميل، بينما مصر كانت تعمل على تسعيره بقيمة 61 دولارا للبرميل الواحد، مشيرا إلى أن أزمة النفط العالمية تسببت فى زيادة أسعار التصدير فى مختلف دول العالم، وبطبيعة الحال فإن مصر تستورد كمية كبيرة من احتياجاتها، فهذا كان له دور كبير فى الشراء بقيمة عالية مقارنة بالسابق، مشيرًا إلى أن تغيرات المناخ فى مصر كان لها أثر كبير على إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية.

مما تسبب فى تقليص كميات الإنتاج، فى الوقت الذى استقرت فيها عمليات الطلب على المنتجات، وبدوره نتج عنه زيادة الأسعار، مؤكدا على أن التضخم سوف يرتفع بنسبة طفيفة خلال الفترة المقبلة، ولكنه لن يكون مثل دول العالم الأخرى التى تتأثر به بشكل كبير، مضيفا أن ارتفاع التضخم خلال النصف الأول من العام من المتوقع أن يصل إلى 1% أيضًا.
وعن دور الدولة فى الحد من التضخم، أوضح أحمد معطى، أن عمل الدولة على قطاع الزراعة والصناعة كان بشكل مميز خلال الفترة الأخيرة، مما ساهم فى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى لبعض المحاصيل الزراعية، والصناعات المختلفة التى تم افتتاحها خلال الفترة الأخيرة، وهذا ما يجعل مصر تعتبر من أقل النسب مقارنة بالدول الأخرى، مؤكدا على أن الدولة المصرية قادرة على التعايش مع مستوى التضخم خلال الفترة الحالية، وهذا لأن الدولة ما زالت فى التضخم المستهدف من البنك المركزى المصرى.
 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية