رئيس التحرير
عصام كامل

عاطف فاروق يكتب: كيف اقتص القضاء من وكيل الوزارة الفتوة

عاطف فاروق
عاطف فاروق

كشف حكم قضائي مهم صادر عن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمجلس الدولة عن قيام رئيس الوحدة المحلية بالخصوص "وكيل وزارة" خلال فترة شغله وظيفة رئيس مدينة شبين القناطر بالتعدي على مسؤول بمحكمة استئناف القاهرة بالضرب المبرح، وعوقب على إثر ذلك بالفصل من الخدمة بعد ثبوت ارتكابه جرائم الإهانة والسب والقذف والضرب والاحتجاز والترويع والتخويف، مستغلًا سلطته بقصد إرهاب جمهور المتعاملين مع جهة عمله، خارجًا خروجًا صارخًا على مقتضيات الواجب الوظيفي.

قالت المحكمة إن وقائع القضية رقم 118 لسنة 63 قضائية عليا بدأت بشكوى حررها أحمد رزق سالم، الباحث القانوني بمحكمة استئناف القاهرة ضد المتهمين خالد محمد المحمدي، رئيس مجلس مدينة شبين القناطر ومحمد السيد الغديري مسئول الأمن بالمجلس، أكد فيها أنه حال تواجده بمجلس المدينة لسداد بعض الرسوم ونظرًا للازدحام الشديد جلس على السلم المواجه للخزينة، وحضر مسئول الأمن وطلب منه أن يغادر موقعه قائلًا له "قوم يا وله من هنا" فرد عليه (أنا مش وله وأتكلم معي بإسلوب كويس) فقام بإخراج هاتفه المحمول لتصوير الزحام فباغته مسئول الأمن بخطف الهاتف من يده، وأحتفظ به وصعد للطابق الأعلى، فصعد خلفه ودخلَا جميعًا لمكتب رئيس مجلس المدينة ثم خرجا وتم إدخاله غرفة ليس بها كاميرات مراقبة.

وأكد الشاكي إنه فوجئ بدخول رئيس مجلس المدينة ولطمه على وجهه لطمة من شدتها أردته على مقعد بعدما ارتطم رأسه بالحائط ثم عمد عليه واضعًا ركبته على بطنه وانهال عليه بالضربات على وجهه ورأسه، وحال سؤاله من أنت أجاب أنا اللواء خالد المحمدي يا (ابن... يا.. أنا هطلع.. وهحبسك) ثم ركله بقدمه في بطنه، ولم يبادله بشيء ثم نادى على مسئول الأمن قائلًا (احبسوا إبن... لحد ما أجيب الشرطة وأحبس أمه) وتم احتجازه لمدة تزيد عن الثلاث ساعات بغرفة أخرى كان بها عمال الدهانات، وقد ساعده أحدهم وأعطاه هاتفه كي يتصل بشقيقه.

مذكرة تصالح

وأضاف أن المتهم حال حضور شقيقه أعرب عن تحرير مذكرة تصالح بين الشاكي ومسؤول الأمن بزعم حدوث مشادة كلامية بينهما، ولما اعترض على ذلك قال له (بص يا له مش هتخرج من المجلس إلا لما تتصالح وهحبسك هنا حتى لو جه "...... نفسه"، ومش هتخرج ولا هتاخد تليفونك إلا لما تمضي، وحضر شقيقه كما حضر مسئول الشرطة وتم تسليم الأخير الهاتف المحمول.

وبسؤال ماجدة أحمد، سكرتيرة بالمجلس شهدت بأنها حال تواجدها بسكرتارية رئيس المدينة لاعتماد بعض الأوراق كان الشاكي موجودًا بالغرفة وأن رئيس المجلس دخل عليه وانهال عليه بالضرب دون رد من الأخير، كما شهد جمال ذكي، عامل بالمجلس بأنه سمع أصوات عالية بالدور العلوي وبعد صعوده تبين له خروج رئيس المجلس من غرفة السكرتارية ثم أخذ الشاكي الي غرفة لا توجد بها كاميرات وقام بدفعه، بقوة، وشاهد المتهم جاثم بركبتيه فوق الشاكي يكيل له الضربات، وسمع رئيس المجلس يقول للشاكي (هحبسك يا إبن الوسخة) ثم بعد ذلك طلب رئيس المدينة من مسئول الأمن تحرير مذكرة للتصالح مع الشاكي.

وبسؤال محسن عودة وأشرف عبد السلام وناصر حسين عن معلوماتهم حول الواقعة شهدوا بأنهم شاهدوا الشاكي يقف مع أحد الموظفين أمام أحد المكاتب وأن المتهم حضر ودفع الشاكي داخل الغرفة ولطمه على وجهه لطمة ألقته على المقعد ثم جثم عليه بركبيته وأنهال عليه بالضرب قائلًا له (إنت فاكرني موظف أنا اللواء خالد رئيس المدينة وسب له الدين) ثم تعدي عليه بالألفاظ غير اللائقة قائلًا (يابن الوسخة ويابن الـ......) ولم يبدر من الشاكي أي قول أو فعل سوى محاولة اتقاء الضرب بكلتا يديه.

مركز الشرطة

وبسؤال عماد رزق سالم، إمام وخطيب بمديرية أوقاف القليوبية " شقيق الشاكي" قرر بأنه تلقي إتصالًا هاتفيًا من مجهول أخبره باحتجاز شقيقه بمجلس المدينة، فتوجه الي المجلس وقابل رئيس المدينة وكان شقيقه بمكتب السكرتارية وهاتفه ليس معه وأخبره رئيس المجلس بعدم حدوث شيء وأن عليه الذهاب الى مركز الشرطة للتصالح.

وبعد أن أحاطت المحكمة بأوراق الدعوى عن بصر وبصيرة، ومحصت أدلتها وأخضعتها لتقديرها، وفى ضوء التحقيقات وأقوال الشهود والتى أجمعت، على إختلاف المراكز القانونية لهؤلاء الشهود سواء كانوا من موظفي الجهة التى حدثت بها الواقعة أو من المواطنين الذى تواجدوا بالمكان، على قيام المحال الأول بنزع الهاتف المحمول من الشاكي والاحتفاظ به وحبسه داخل غرفة لا يوجد بها كاميرات مراقبة بناء على أوامر من المحال الثاني الذي قام عقب ذلك بضربه ضربًا مبرحًا بأن جثم عليه وكال له الصفعات واللكمات، ووجه له أقذر عبارات السباب وأكثرها بذاءة ودناءة وإهانة ومساسا بالشرف والكرامة.

وأهدرا بذلك كرامته الإنسانية والحقوق التى كفلها له الدستور والقانون كإنسان ومواطن له الحق فى العيش بكرامة وأمن وأمان، وقيدا حريته دون مقتضى أو مسوغ قانونى، وألحقا به أبلغ الأذى نفسيا وبدنيا، فخالفا بذلك الدستور والقانون واللوائح، وما يجب أن يتحلى به الموظف العام من حسن الخلق وطيب الخصال وعفة اللسان، وغاب عنهما أنهما عمال فى خدمة الشعب، وأن الوظيفة العامة ليست ملكا لهما يتصرفون فيها وفق هواهم، وحسب مشيئتهم، ولا هي متاع ينعمون فيها بما تسبغه عليهم من مزايا ومكنات، وإنما هي وسيلة لتحقيق المصلحة العامة ومصالح المواطنين.

قانون العقوبات

وارتكبا المخالفات المنسوبة إليهما، والتي تشكل الجرائم المؤثمة بالمادتين 129 ـ 280 من قانون العقوبات، وقد بلغت الأفعال التي إرتكبها المحالان درجة من الجسامة من شأنها أن تعصف بقدرة المحال الثاني علي إدارة الوحدات الخدمية التي أنشئت في الأساس لخدمة المواطنين وقضاء حوائجهم في إطار من القانون دون النيل منهم أو الحط من قدرهم وكرامتهم وإيذاءهم بدنيا أو لفظيًا.

الأمر الذي لا مناص معه من اجتثاث المحال الثاني من وظيفته بإبعاده عن خدمة مرافق الدولة التي لا يستحق شرف الانتماء إليها جزاءًا وفاقًا عما اقترفته يداه ونطق به لسانه في حق الشاكي الذي ساقته أقداره إلى الوقوع في براثنه فنال منه ما نال من ضرب وسب وإهانة واحتجاز دون أي مبرر قانوني أو أخلاقي.

منطوق الحكم

وفيما يتعلق بالمحال الأول فقد راعت المحكمة فى تقدير العقوبة وقوعه تحت السلطة الرئاسية للمحال الثاني، ولهذه الأسباب قضت بمجازاة المحال الأول محمد السيد الغديري بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر الكامل، ومجازاة المحال الثاني خالد محمد المحمدي عبد الحليم، رئيس الوحدة المحلية بالخصوص بعقوبة الفصل من الخدمة.

صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم محمد داود فرج الله، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد أبو العيون جابر علي وشريف محمود محمد عيسى، نائبي رئيس المجلس وأمانة سر صبري سرور.

الجريدة الرسمية