رئيس التحرير
عصام كامل

تسونامى حملة تمرد


"تعفن السمكة يبدأ من رأسها" مثل صيني.

من مصادفات التاريخ، أن أدولف هتلر الذي وصل إلى الحكم في ألمانيا عام 1934 عن طريق الانتخابات، ولو افترضنا بأن الشعب الألماني الذي انتخبه قد تمرد عليه، وثار ضده بعد سنة، أو حتى سنتين، أو ثلاثة.. رُبما ما اندلعت الحرب العالمية الثانية، وربما لم تحدث أيّ تصفية لليهود، وربما بقي هؤلاء في بلدانهم الأصلية، وربما لم تتأسس دولة إسرائيل، وربما لم تكن هناك فلسطين محتلة، وربما، وربما، وربما...


يعني، ربما كان العالم يعيش حياة أخرى مختلفة تمامًا عما عاشها القدماء، ونعيشها لأول مرة بالوطن العربي نعيش مخاضا لم نعرفه من قبل، ما بين شرعية الصندوق وشرعية الثورة، ونسمع لأول مرة كذلك صوت الشباب المغيب عن المسار السياسي للوطن، يجعل من صوت الشارع معادلة جديدة في المسار الديمقراطي للوطن.

استذكر هدا الحدث.. وأنا أتابع انتصار حملة تمرد في تغيير مسار الثورة المصرية المباركة نحو بوصلة مدنية المواطنة، ظنّ الإخوان أن الشعب استكان، وأن ثورة 25 يناير بلغت منتهاها بتسيدهم، وأن كل القوى غير منظمة، ولن تقدر سوى على توجيه انتقادات غير مؤثرة، وإثارة زوابع من الكلام، فلا إمكانية للحشد، والنزول إلى الميادين من جديد.

وكما قال الأستاذ هيكل، في الحوار مع لميس الحديدي على شاشة cbc فقد اقترف الرئيس مرسي ثلاثة أخطاء، كل واحد منها كفيل بإسقاطه!.

هل كانت حركة (تمرد) ستجد كل هذا التأثير بين شعب مصر، لو أن هذا الشعب، في سنة حكم الرئيس مرسي، حظي بالأمن، وخفّت عليه المتاعب الاقتصادية، وتوضحت أمامه طريق المستقبل؟

حملة تمردٌ كانت على جور سلطة صادرت قيمة المواطنة، وارتهنت لمصالحها الخاصة قرار الشعب وصلاحياته وسيادته، واستأثرت بموارد الوطن وجيرت في سبيل ذلك قوانين ظالمة تصادر حقوق الشعب وتقيد حراكه ونشاطه.

كانت رسالة تمرد مصر وطنٌ حرٌ مستقل لكل مواطنيه بلا تفرقة ولا تمييز، وأن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات جميعًا، ومنحته العمل على استعادة ما يسلب منه من صلاحيات وحقوق بكل الوسائل السلمية.

الأجمل في حملة تمرد وارتدادها على الأفق العربي، أنها طريقة جديدة وعبقرية للشباب العربي كحق مشروع في التعبير السلمي عن الرأي لتحقيق تطلع الشعب العربي في تقرير مصيره، وأن الحملات الشعبية تكون قوة ضاغطة بكل أطيافها السياسية والاجتماعية.

أمّا الضمانة الكبرى لاستمرار حملة تمرد الثورية، هو أن تظل مهمة الجيش هي الحفاظ على سلامة أمن وحدود مصر وأكبر رادع لإسرائيل بالمنطقة العربية بعد انهيار الجيش العراقي والسوري والابتعاد عما هو سياسي وترك المؤسسات الدستورية تقوم بعملها لترسيخ ثقافة الحداثة والديمقراطية بالمجتمع المصري المعاصر.

الجريدة الرسمية