رئيس التحرير
عصام كامل

مسيرات الدم (3)

كشفت ثورة 30 يونيو ضمن نتائجها الوجه الحقيقي لـ الجماعة الإرهابية، وطرح واقع التغطية الميدانية للأحداث حقائق دامغة بشأن التكوين الفكري ل جماعة الإخوان وعناصرها. فلم أكن أتخيل أن تكون العلاقة بين الإنسان وخالقه محكومة بأمر فرد من البشر، وفي جماعة صدَّرت نفسها للعالم في بدايتها على أنها جماعة دعوية دينية؛ لأنه حتى مسألة الدعوة الدينية ذاتها مطعون فيها في فكر الإخوان، فقد كانت متابعتي الميدانية للمظاهرات التي اندلعت أمام مكتب الإرشاد، وما أدرك ما مكتب الإرشاد، في المقطم محمولة بالكثير من الصدمات، فعلى مستوى الخبر الصحفي كنت أحرر المادة أو أمليها هاتفيا وكفى، أما الوقائع التي عايشتها كان لها في ذاكرتى أثرا آخر.

 

بعبارة واحدة تلقيت ردا من أحد شباب الجماعة على سؤالي عن مسجد لصلاة الجمعة.. كانت مشكلتي أنني أريد صلاة الجمعة في منطقة لا علم لي بطبيعتها أو بمواقع مساجدها.. سألت شابا عن مكان الصلاة وقد ظنني ذلك الشاب عنصرا إخوانيا من أفراد الجماعة وقد كانت سحنتي وطريقة كلامي معهم توحي فعلا بذلك، ردَّ على الشاب في تجهم هو أقرب إلى الغضب منه إلى الرد، قائلا: «اسأل مسؤول الأسرة معك وهو سيبلغ بموقع الصلاة».

 مسيرات جماعة الإخوان

نزلت الكلمة على مسمعي كالصاعقة، وكنت قد قرأت في مقاربات الفكر الإخواني طبيعة ذلك التنظيم الذي يندرج تحته شُعَب – بضم الشين – ومن تحت تلك الشعب تندرج «أُسر»، ولكل أسرة من تلك الأسر مسؤول عن فكرهم ومتابعتهم، وعلمت أن مسألة العقيدة الدينية ذاتها في فكر الإخوان لا بد أن تكون في سياق الجماعة قبل كل شيء، وسألت نفسي: «ما هذا المذهب الذي يفرض على أتباعه اللجوء إلى بشر لتحديد موقع الصلاة التي هي صلة العبد مع الخالق وحده؟».

أذكر أيضا مشهدا لم تمحه الأيام من ذاكرتي بعد أن تم تكليفي بتغطية يوم من اعتصام ميدان النهضة، كان يوم جمعة، وأذكر حينما أديت الصلاة مع المعتصمين فرغوا من الصلاة وفوجئت بوجه كل منهم يرتدي قناعا ورقيا على هيئة وجه رئيسهم محمد مرسي، أذكر في ذلك الاعتصام أيضا أنهم حاولوا حماية الداخلين إليه من مدخل مقر الاعتصام المواجه لمنطقة بين السرايات وهرعت أعرف ما سبب تركيزهم على حماية تلك المنطقة فحاول أحدهم منعي، وكان يظنني أيضا من عناصر الجماعة، فحاول منعي وقال لي بالحرف: «ارجع يا شيخ اللي معاه سلاح بس هو اللي هيبقى قدام».

اختتم تلك السلسلة المتواضعة بشأن مسيرات جماعة الإخوان مجددا التأكيد على أن عناصرها مسلوبو الإرادة ولا قرار لهم، كما أن الحديث عن سلمية اعتصاماتهم ومظاهراتهم ليس إلا مجرد هراء، فضلا عن ذلك فقد كانت حماقات الجماعة وعناصرها وتخليها عن الدبلوماسية والسياسة في التعامل مع الرفض الشعبي فائدة كبيرة للمصريين؛ لأنها كشفت تنظيم الإخوان على حقيقته بعد أن فقدوا البوصلة ولجأوا إلى سيرتهم الأولى في ممارسة العنف والتهديد.

ولم يكن مستغربا على عناصر جماعة الإخوان والموالين والمتعاطفين تلك الشماتة المقيتة التي طالت الإعلامي الراحل وائل الإبراشي –رحمه الله– فقد كانت صور وأسماء الإعلاميين حاضرة في اعتصامات الإخوان كهدف للهجوم المتواصل والاتهامات الجزافية.

الجريدة الرسمية