رئيس التحرير
عصام كامل

من شبرا الخيمة للقطب الجنوبي.. رحلة باحث مصري في المنطقة التي لا تغيب عنها الشمس

العالم أحمد سليمان
العالم أحمد سليمان

أحمد سليمان يروي حياته في القطب الجنوبي ويكشف حجم الصعوبات والمخاطر 

أنا الوحيد في العالم الذي يصلي الفجر والعشاء والنهار ساطع

العمل في القطب الجنوبي يجعلك دائما بين الحياة والموت

رحلتي طويلة ومليئة بالتحديات والعثرات ونجحت في تخطيها بحسن الثقة بالله

 

يعمل  الدكتور أحمد سليمان  العالم المصري في جامعة "كالتك" ضمن فريق ناسا، والذي يطلق عليه فريق "بايسيبت كيك" والذي يُعد من أكبر الفرق  البحثية في مجال الفيزياء الفلكية، ومن أبعد نقطة على كوكب الأرض وفي منطقة لا تغيب عنها الشمس، يمكث الباحث المصري منذ 3 أشهر ضمن فريق علمي أرسل لمهمة كبرى على القطب الجنوبي  للبحث في أسرار اللحظات الأولى من عمر الكون ولرصد موجات عمرها 14 مليون سنة، وهو أول مصري وعربي يصل هناك ويرفع علم بلده.

أحمد سليمان خريج هندسة شبرا الخيمة بجامعة بنها عام 2009 من قسم الاتصالات والتكنولوجيا، تم تعيينه في وزارة الكهرباء وبعدها بدأ العمل في الأبحاث العلمية وحاول تطبيقها داخل إحدى محطات الكهرباء فرفض المسئولون بحجة أنه موظف ولا مجال لتطبيق أبحاث علمية، ونصحه رئيس الشركة في ذلك الوقت بتقديم استقالته  لأن هذا ليس مكانه، وبعد البحث الطويل والشاق بدأ أبحاثه  في المركز القومي للبحوث ومنه إلى جامعة زويل، أما  الآن فهو عضو في  "كالتك " ووكالة ناسا، ويعيش حاليا في القطب الجنوبي.

حدثنا عن رحلتكم في القطب الجنوبي؟ 

أنا أعمل ضمن فريق يسعى لبحث أسرار اللحظات الأولى في عمر الأولى الكون، ورصد موجات عمرها 14 مليون سنة موجات تجاوب على الكثير من الأسئلة مهمة في فيزياء الكون ومعلومات عن لحظة انفجار الكون  14 مليار سنة للخلف، كل ما نراها داخل نقطة شديد شديدة الكثافة والحرارة وأصبحت تتمدد عبر ملايين السنيين.

كيف تتواصل مع العالم؟

أتواصل عبر القمر الصناعي التابع لوزارة الدفاع الأمريكية ولمدة 5 ساعات فقط يوميا مع العالم، وذلك عبر صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وأقوم  بتسجيل فيديوهات تعليمية لطلبة المدارس في البلدان العربية، وأرسلت بالفعل لبعض الطلاب في فلسطين والأردن، ورفعت علم الدولتين، وسجلت للطلاب هناك فيديوهات عن العلم، وأرسل لي طلاب غزة رسالة شكر.

أهم الجوائز في مشواركم العملي؟ 

شاركت في للعديد من الأبحاث العلمية حصل أحدها على ثاني أفضل بحث في مؤتمر علوم الراديو في كوريا الجنوبية سنة 2016 وكنت ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المسابقة العلمية، وخلال فترة الدكتوراه نشرنا العديد من الأبحاث في المجلات العالمية المرموقة في الفيزياء مثل «فيزيكس ريفيو ليتر». 

وأهم إنجاز في مشواري البحثي هو مشاركتي في تلك التجربة العلمية التاريخية للبحث في أسرار اللحظات الأولى من عمر الكون، وشاركت مع الفريق في تصميم وتصنيع أجزاء من تلك التجربة، كما شاركت في نقلها إلى معملنا في القطب الجنوبي عام 2019.

وحصلت أيضًا على ميدالية الولايات المتحدة الأمريكية «أنتارتيكا للعلوم» من المؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم ووزارة الدفاع الأمريكية تكليلًا لجهودنا العلمية المتعلقة بتجربة رصد موجات الجاذبية التضخمية.

كواليس العمل والعيش داخل القطب الجنوبي؟ 

هناك تحديات  كبيرة نتيجة البرودة الشديدة التي قد تُميت خلايا اليد والأطراف، فضلا عن الشعور بالجفاف الشديد وضيق التنفس نتيجة الارتفاع عن سطح البحر بحوالي 10 آلاف قدم أو حوالي 3 كيلو تقريبا، والبعض لم يستطيع التأقلم مع ضيق التنفس وغادروا الرحلة عبر طائرة عسكرية، ولكن داخل المعمل مبنى الباحثين والعلماء درجة حرارة الغرفة العادية تساعد على التنفس بشكل طبيعي، كما أن النهار الدائم يسبب خلل الساعة البيولوجية.

ما هو شعارك في الحياة؟
“حسن الظن بالله هو أن يدرك قلبك أن الله يقدر، وفي هذا الوقت لن يستطيع شيء فى الدنيا أن يُهزمك، لأنك ستكون في تدبير ولطف الله الخفي الذي لن يخذلك أبدا باجتهادك وصدق توكل قلبك عليه”.

كيفية السير والحياة في القطب الجنوبي؟

الحياة هناك “بين الحياة والموت” فأنت تعيش على  خط  المخاطرة، وعليك أن تلتزم خلال سيرك بالأعلام حسب اللون، فالخضراء تعني المناطق الآمنة، والحمراء تخبرك بالسير بحذر، أما العلم الأسمر معناه أن هذا ثلج هش، وإذا سرت عليه  ستنزل قدمك على الأقل متر تحت الثلج، واحتمال تموت في الحال، وحدث هذا الأمر مع عدة أشخاص وقمنا بتعليق صورهم تخليدا لذكراهم فى مدخل أبحاث القطب.

بماذا تذكر والدك ووالدتك؟

"أنا أسير بدعائهم وأقول دائما قول الله "وكان أبوهما صالحا" صدق الله العظيم، لمن لا يعرفني الفضل بعد الله لهما، تعملت منهم نعمة وبركة صلاة الفجر لأكثر من 10 سنوات كنا نصلى  جماعة يوميا، وكانوا دايما يقولوا لي من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله. 

وتعلمت من والدي البطولة الحقيقة كونه إنسان شريف يعمل في مهنة مباحث التموين، حيث واجه العديد من المغريات والتي كانت قد  تجعله إنسانا ثريا لو أغفل عينه عن الخطأ، ولكن والدي كان يتنكر فى أزياء مختلفة حتى يضبط المخالفين، وحصلت أمامي ذات مرة حيث أتت له سيدة عجوز تشتكي عجزها عن شراء خبز لها ولأولادها فقام بمساعدتها، وكذلك والدي فضل أن يعمل في مصنع بعد عمله الحكومي رغم حصوله على شهادة جامعية حتى يغنينا بالحلال، ونحن نعيش في نعمة نتيجة ثمرة عمل والدينا الصالحين.

هل تؤدي فريضة الصلاة وتسمع إذاعة القران الكريم في القطب؟

أُعد أنا الانسان الوحيد حرفيا على كوكب الارض الذي يصلي العشاء و"الشمس منورة" من شباك غرفتي، وأعشق سماع القرآن وبعض تسجيلات المبتهل العظيم نصر الدين طوبار بأذاعة القرآن الكريم من القاهرة. 

ولأول مرة أتدبر في آيات الله وكنت أقرأ آيات لا أشعر بها جيدا مثل الآن منها سورة الكهف وقوله تعالى: "حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا"، فانا أعيش بالفعل هذا الأمر فأنا أصلي الفجر والعشاء والنهار ساطع.

شعورك كونك المصري الوحيد في الرحلة وحكاية رفع علم مصر؟ 

أشعر بالفخر والاعتزاز كوني المصري والعربي الوحيد في الرحلة، وأحرص دائما على التقاط الصور التذكارية مع علم مصر، ويبادلني نفس الشعور كل أعضاء الفريق من الدول الأخرى.

من هندسة شبرا إلى ناسا كيف تصف الرحلة؟

- الرحلة طويلة جدا مليئة بالتحديات والعثرات، ولقد نجحت في تخطيها بحسن الثقة بالله وصدق التوكل عليه لأني اترفضت أكثر من مرة.

الجريدة الرسمية