رئيس التحرير
عصام كامل

الكتاب يركز على شخصية الإمام الأكبر وإسهاماته المتعددة في خدمة الإنسانية

الأديبة القبطية مريم توفيق: تواضع الشيخ الطيب وراء كتابي "إمام المصريين" | حوار

الأديبة مريم توفيق
الأديبة مريم توفيق والشيخ أحمد الطيب

>> الكتاب يركز على شخصية الإمام الأكبر وإسهاماته المتعددة في خدمة الإنسانية
>> نشأته فى مدينة الحضارة المصرية وتربيته فى عائلة صوفية أثَّرا فى تكوينه
>> فضيلته أعطى تعليمات بترجمة أعمالي الأدبية إلى عدة لغات
>> شخصيته تجمع ما بين الشموخ والجدية والقلب الملائكي
>> علاقة شيخ الأزهر مع البابا تواضروس وبابا الفاتيكان تتخطى العلاقات الرسمية

 

سعى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، منذ توليه مقاليد الأمور داخل المشيخة إلى تأسيس وفتح أفق التواصل الحقيقى مع كافة المؤسسات الدينية الأخرى، سواء فيما يتعلق بالكنيسة المصرية وعلاقتة بالبابا تواضروس الثانى أو على المستوى العالمى من خلال صداقته القوية مع البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وهو ما توج بتوقيع وثيقة "الأخوة الإنسانية" التى تدعو إلى تطبيق التعايش السلمى بين أتباع كافة الأديان.

ومثَّل شيخ الأزهر نموذجًا حقيقيًّا للتعايش السلمي وإظهار رسالة الإسلام الوسطى المعتدل، مما جعله ملهمًا لخروج عدد من المؤلفات الأدبية التى تركز على هذا الجانب، وعلى الرغم من المؤلفات العديدة التى تناولت شخصية الإمام الأكبر إلا أن كتاب "إمام المصريين" للشاعرة والكاتبة مريم توفيق كان محورًا خاصًّا فى هذا الصدد باعتبار أن كاتبة "مسيحية" تؤلف كتابًا تتحدث من خلاله عن شخصية شيخ الأزهر ومجهوداته فى عدد من القضايا المهمة على المستويين الداخلى والخارجى.

"فيتو" بدورها أجرت حوارًا مع الشاعرة والكاتبة "مريم توفيق" عضو اتحاد الكتاب، تحدثت من خلاله عن فكرة وكواليس تأليف كتاب "إمام المصريين"، وعلاقتها القوية بشيخ الأزهر، وكيف تلقى مسئولو المشيخة العمل الأدبى بعد نهايته، وإلى نص الحوار:

 

*بداية.. من أين أتت فكرة تأليف كتاب عن شيخ الأزهر.. ولماذا فضيلة الإمام؟

فى البداية هناك علاقة قوية تربطنى بفضيلة الإمام الأكبر منذ عام 2011، وأستطيع القول إن ما جذبنى إلى تأليف كتاب عنه هو سماته الشخصية والتى تتمتع بصفات كثيرة عظيمة، أولها بالتأكيد هو التواضع، وهى الصفة التى دفعتنى قبل ذلك لتأليف كتاب بعنوان "للحب سر"، والذى كان يدور حول فكرة التواضع وأهميتها بين البشر، كما حظيت باحترام كبير وتقدير لأعمالى الأدبية من قبل شيخ الأزهر، واستطعت لعب دور مهم فى التغلب على محاولات بعض تيارات الغلو فى إشعال وتيرة الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب المصرى والذين كانوا لديهم من الوعى الكافى من أجل التغلب على تلك المحاولات، وبدأت مجموعة أعمال أدبية منذ عام 2016، وكان شيخ الأزهر هو عنصر أساسى فى كافة الأعمال والكتب الأدبية التى قمت بتأليفها كدليل على التسامح ومساعيه نحو السلام والتى توجت بإخراج وثيقة الأخوة الإنسانية، ومساعيه فى الدفاع عن القضية الفلسطينية، وكذلك إنشاء بيت العائلة المصرى.

* بنظرة عامة ما هو المحتوى الأساسى الذى يركز عليه كتاب "إمام المصريين" وأهم الفصول التى يحتويها؟

أول فصول الكتاب تتحدث عن شخصية شيخ الأزهر، ووضعت عنوانًا له وهو "كنز الفضيلة"، وتحدثت من خلاله عن صفات شيخ الأزهر ونشأته الطيبة، ومساهمته فى عديد من الملفات مثل القضية الفلسطينية والدفاع عنها وكذلك وثيقة الأخوة الإنسانية، وأهمية تلك الوثيقة وبنودها، والتى تؤكد على أهمية التعايش السلمى بين كافة اتباع الأديان، وانهيت الكتاب بمجموعة متنوعة من رسائل شيخ الأزهر.

 

*كيف كان رد فعل شيخ الأزهر عندما نقلت له رغبتك فى تأليف كتاب عنه؟

بصراحة شيخ الأزهر يرفض أي ثناء وتمجيد من الأشخاص القريبين منه، وذلك على الرغم من الصداقة القوية التى تجمعنا، ففى البداية كان يرى أنه من الأفضل عدم تأليف أو كتابة هذا الكتاب، لكنى أخبرته أنى سوف أتناوله فى الكتاب على اعتبار أنه يمثل الإسلام الوسطى السمح، وكذلك يمثل مؤسسة الأزهر العريقة التى تعد منارة الوسطية، وهو يعلم تمامًا أنى ليس لى أي هدف من هذا العمل غير مرضاة الله فقط وحتى تعلم الأجيال القادمة هذه المعلومات، وبعد تقديم وجهة النظر أبدى ترحيبه بعد ذلك، وبدأت بالفعل فى كتابة الكتاب ولم أكن بحاجة إلى عقد جلسات خاصة معه وأنا أقوم بتأليف هذا العمل؛ لأنه كان هناك رصيد ومخزون صداقة يجعلنى على دراية بكافة جوانب الصفات الشخصية للإمام، وكذلك المجهودات التى يقوم بها فى الملفات المختلفة والتى تناولتها فى الكتاب.

 

*كيف كان رد فعل شيخ الأزهر وقادات المشيخة بعد انتهاء الكتاب؟

الحقيقة أن رد فعل شيخ الأزهر عن الكتاب كان غير متوقع، وتم تنظيم ندوة خاصة عن الكتاب بتوجيهات من شيخ الأزهر، حضرها قيادات المشيخة كافة وواعظو الأزهر الشريف، وكذلك الواعظات، والجميع أثنى على الكتاب، وجمعنى اتصال بشيخ الأزهر بعد انتهاء تلك الندوة، وقال لى إن الكتاب كتب بصدق ومن القلب، فلذلك هو وصل إلى القلوب مباشرة، كما أنه أعطى تعليمات بترجمة الكتاب اللغة الإنجليزية.

 

*فكرة أن كاتبة مسيحية تؤلف كتاب عن شيخ الأزهر هل كانت ميزة أم مثار استغراب للبعض؟

أنا سعيدة جدًّا بردود الأفعال على الكتاب الحقيقة من كافة الطوائف، وشعرت بالوحدة الوطنية الحقيقة من خلال الرسائل التى قيلت فى الندوة الخاصة بالكتاب والتى حضرها قيادات الأزهر والكنيسة، وكان جوًّا يملؤه الفرح من القلب، وأستطيع القول إن فكرة كاتبة مسيحية تؤلف عن شخصية الأزهر لم تكن عائقًا على الإطلاق أمامى، بل كانت ميزة أكثر مما تخيلت، وهذه الأعمال أنا أستفيد ماديًا منها، وأقوم بتسليمها إلى جناح الأزهر عادة فى معرض الكتاب، وتكون سعادتى الحقيقة بردود الأفعال التى فى الغالب تكون رائعة، وكون أن فضيلة الإمام يعطى توجيهات بترجمة أعمالى إلى اللغات الأخرى فهذا شرف وتكريم أنا لا أستحقه، ووعد فضيلة الإمام أن أستمر فى مشروعى للكتابة عن السلام حتى آخر يوم فى حياتى.

*من خلال قربكِ من شيخ الأزهر.. برأيك ما السر فى تكوين شخصيته الحالية؟

أعتقد أن عنصرًا أساسيًّا فى تكوين شخصية فضيلة الإمام الأكبر الحالية، هو أنه نشأ وقدم إلى القاهرة من مدينة الحضارة المصرية "الأقصر"، ومن خلال تربيته ونشأته فى عائلة صوفية شكلت وجدانه، ولديهم فى الأقصر ساحة "الطيب" التى تكون دائمًا مفتوحة لكافة الناس بما فيهم المسيحيون، وأنا شخصيًّا زرته فى الساحة ثلاث مرات، وجلست معه هناك، وكان لدى إحساس أننى فى منزلى الخاص، وذلك بعد المعاملة الحسنة والكريمة التى شاهدتها بنفسى مع جميع الضيوف الذين يتوافدون على الساحة.

 

*حدثينا أكثر عن كواليس بداية معرفتك بشيخ الأزهر وكواليس أول لقاء معه؟

الحقيقة أن شيخ الأزهر يمتلك "حنوًّا" غير عادى، وأذكر هنا كواليس أول لقاء معه، وكنت فى تلك الفترة لا تربطنى أي علاقة مع فضيلة الإمام الأكبر، وبعد أحداث يناير ومحاولات الفتنة الطائفية فى تلك الفترة، ألفت كتاب حينها بعنوان "الثورة والزمن المسروق" وكتبت حينها عن البابا شنودة وكان ما زال على قيد الحياة، وبعد صدور الكتاب، كتبت خطابا بخط اليد وأرسلته إلى المشيخة، ولم أكن أتوقع أن يكون هناك استجابة على هذا الخطاب، وأن الأمر سيقتصر على رسالة شكر من المشيخة، لكن تفاجأت بعدها باتصال من مكتب شيخ الأزهر، وأخبرونى أن شيخ الأزهر سيكون معى على الهاتف، وأذكر وقتها أنه أعطانى وقتى الكامل فى الحديث واستمع إلى حديثى بالكامل، وحرص فى حديثه معى على التأكيد على قوة ووحدة علاقة كافة طوائف الشعب المصرى، وأننا نسيج واحد، وطلبت منه أن أقابله بشكل شخصى، واستجاب لذلك بالفعل، وأذكر أنه كان لدى رهبة كبيرة عند زيارتى له لكنه نجح فى إزالة الرهبة تمامًا خلال اللقاء، من خلال الطيبة والحنية، وكما ذكرت فى كتاب "إمام المصريين" فإنه يجمع بين الشموخ والجدية والقلب الملائكى.

 

*هل من الممكن ذكر موقف خاص مع فضيلة الإمام الأكبر يتعلق بالمساعدة فى نشر مؤلفاتك الأدبية؟

أذكر أننى اقترحت على فضيلة الإمام الأكبر عام 2017 أننى أرغب فى مقابلة قداسة البابا فرانسيس الثانى بابا الفاتيكان، لكننى أرغب فى ترجمة الأعمال الأدبية والكتب التى قمت بتأليفها قبل مقابلته حتى أستطيع عرضها عليه عندما تسمح لى فرصة للزيارة، وبالفعل شيخ الأزهر أعطى الأوامر للمسئولين على مركز الترجمة فى الأزهر بترجمة أعمالى تلك إلى اللغة الإيطالية، وأذكر هنا أن القائمين على مركز الترجمة أبدوا إعجابهم الشديد بتلك الأعمال، وتم ترجمتها إلى خمس لغات تقريبًا، وليس لغة واحدة.

 

*حدثينا أكثر عن كواليس لقائك مع بابا الفاتيكان؟

الحقيقة كنت أرغب فى إيصال رسالة خاصة إلى بابا الفاتيكان وقتها، مفادها أن يطمئن على مصر؛ لأن أهلها فى رباط دائم، وأن من يحاولون إشعال نار الفتنة من جديد هم دخلاء على هذا الشعب، وبالفعل تم توجيه دعوة رسمية لى من أجل زيارة الفاتيكان للقاء البابا فرانسيس، وبالفعل تقابلت معه، وأبدى إعجابه بالأعمال المقدمة له، وكلفنى بإبلاغ السلام إلى فضيلة الإمام الأكبر حينها، وأوصانى أنى أستمر فى تأليف أعمالى الأدبية التى تشجع على السلام.

 

*هل تعتقدين أن الشعب المصرى أصبح يملك الوعى الكافى الذى يؤهله إلى إيقاف أي محاولة لإشعال نار الفتنة الطائفية من جديد؟

فى الوقت الحالى يملك الشعب المصرى الوعى الكافى لذلك، خاصة بعدما اكتشف العنصر الحقيقى الذى كان يرغب فى إشعال نار الفتنة فى وقت سابق، ولا بد هنا من إعطاء الرئيس السيسى حقه فى هذا الصدد، خاصة أننا لدينا رئيس يتمتع بالوسطية، ونشأ فى بيئة كانت تمثل كافة طوائف الشعب المصرى، ولذلك هو يدرك ويطبق المواطنة بمعناها الحقيقى، من خلال الإجراءات والمشروعات التى تنشئها الدولة، فنجد أنه تم إنشاء أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط، وكذلك أكبر مسجد فى الشرق الأوسط.


فنحن لدينا رئيس يعد نموذجًا حيًّا للتعايش من خلال تصرفاته العديدة والتواصل الدائم فى الأعياد والمناسبات المختلفة، فنحن أصبحنا نملك من الوعى الكافى لذلك، لكن بالتأكيد هناك بقايا لخلايا الشر، كما أن هناك أشخاصا للأسف غير محبة للوطن، فنجدهم يخرجون علينا بين الحين والآخر من أجل تزكية روح التعصب، مثلًا مع اقتراب أعياد الميلاد نجد الأصوات التى تخرج وتحرم تقديم التهنئة للمسيحيين، وهنا لا بد من ذكر فطنة مفتى الجمهورية والذى دائمًا ما يؤكد على جواز تقديم التهنئة للمسيحيين، وكذلك الترحم على شهدائهم عند حدوث أي عمل إرهابى غاشم على أبنائنا المجندين فى سيناء وغيرها، وأعتقد أنه مع وجود العقلاء في مصر ستظل محمية تحت غطاء التعايش السلمى.

 

*من خلال قربك من الطرفين هل العلاقة بين شيخ الأزهر والبابا تواضروس هى علاقة رسمية فقط أم أنها صداقة حقيقية بين الطرفين؟

أستطيع التأكيد على شيخ الأزهر مع البابا تواضروس وكذلك البابا فرانسيس الثانى بابا الفاتيكان يجمعهم تلاقٍ روحي وحب حقيقى، والأمر هنا ليس مقصورًا على فكرة علاقة رسمية بين مجموعة من قادة الأديان، بل هى صداقة حقيقية بينهم، وأنا كنت شاهدة على تلك العلاقة والصداقة بينهم، ودائما المشاعر الصادقة تصل إلى الناس سريعًا.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"…

الجريدة الرسمية