رئيس التحرير
عصام كامل

من يخطف كورة الدكتور طارق شوقي؟

سواء كنت ممن يلعبون كرة القدم، وسواء كنت من أهل المدينة أم القرية، وسواء كنت ممن يلعبون الكرة في الشارع أو النادي، فلا بد أنك قابلت تلك الشخصية، ذلك الصبي الذي انعدمت لديه مواهب اللعبة، وشاء القدر أن يشتري له والده كرة قدم، وافتقد الموهوبون من يأتي لهم بمثلها، فيُهيمن ذلك الفتى على تفاصيل اللعبة، ويختار فريقه منفردًا، ويحدد مساحة الملعب، وغالبًا ما تكون مساحته صغيرة حتى لا يجهده الجري، ويوسع مرمى الخصم، ولا يحرس المرمى، وإذا توالت الأهداف في مرمى فريقه كان ذلك نذيرًا بإنتهاء المباراة، لأنه سيغضب، ويأخذ الكرة وينصرف.


وتتطور مأساة الصبي صاحب الكورة التي كانت تؤرق صبانا حين يصبح ذلك الصبي مسؤلًا في الدولة، فيطبق ذات ما طبقه من عشرات السنين، ويستدعي ذكريات تحكمه في مصير المباراة، فلا مناقشات ولا نقد ولا اقتراحات، فهو من يُحدد التحديات والمخاطر، وهو من يضع الأهداف وينفذها تنفيذًا هزيلًا، ثم هو من يُقيم تحقيق الأهداف ويُكرِم نفسه على تلك الإنجازات.


وبطل مباراة اليوم الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الذي استطاع، بوصفه "صاحب الكورة" أن يصل  بمصر للمركز الـ٣٩ في جودة التعليم، بفضل ملف تطوير منظومة التعليم المزعوم، وما حققه من نجاحات ساحقة في هذا الملف، ثم بدأ يتحدث عن مارد أو شبح من الجن لا يظهر إلا لسيادته ولا يشعر به إلا هو، فهو صاحب الكورة.

 

موقع تسويقي


بدأ  الأمر مع الدكتور طارق شوقي، بتدوين منشور عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ثم أتبعه بمداخلة تليفونية على إم بي سي مصر ليعلن عن وصول مصر للمركز الـ39 عالميًا في جودة التعليم من أصل 78 دولة ضمن تصنيف جهة تدعى "يو اس نيوز" الأمريكي، وأن حلم سيادته أكبر من ذلك، وذلك ردًا على الأشرار أعداء الوطن الذين روجوا لإشاعات مغرضة بهبوط تصنيف مصر خلال الفترة الماضية.


وقال بالحرف (فضلت نشر الخبر في صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك عشان الناس تشوف بنفسها الجهات التي تقوم بالتصنيف، يشوفوا كنا فين وبقينا فين).. مما دعا المحامي الشهير عمرو عبدالسلام، أن يبحث عن تلك الجهة عبر شبكة المعلومات الدولية تنفيذًا لطلب الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم وكانت الكارثة والمفاجأة التي لم يستطع تحملها وقرر نشرها.


وإليكم الحقيقة التي فجرها الأستاذ عمر عبد السلام:
(Us news) هي شبكة إعلام أميركية بدأت كمجلة إخبارية عام 1933 ثم تطورت الى أن صارت قناة تليفزيونية إخبارية، وتم فتح موقع لها على الويب لتسويق المنتجات الصناعية وبيع العقارات والسيارات وأجهزة الهاتف المحمول والملابس الداخلية والخارجية ومراتب وملايات السرير.


استطلاع رأى

 

إذن فهو ليس له أي علاقة بالتعليم، ويشبه في مجتمعنا مجلة الوسيط أو مواقع جوميا، وأمازون التجارية، أي أنه ليس مثل المراكز البحثية المتخصصة المعتمدة حول العالم، ويمكن لكل مصري أن يدخل على محرك البحث جوجل ويبحث عن موقع (Us news) ويتأكد بنفسه من هذه المعلومات. والحقيقة أن الموقع المذكور عمل مجرد استطلاع رأي عشوائي لعدد مايقرب من 3000 متابع للموقع حول العالم مثل أي موقع ممكن يجري استطلاع رأي لمتابعينه في أي موضوع.


والسؤال: هل قام الموقع باستخدام الأساليب والمعايير العالمية المعتمدة لتصنيف جودة التعليم؟

والإجابة بالنفي لأن الموقع استخدم مجموعة من النتائج مكونة من ثلاث سمات متساوية الأهمية طرحهم علي متابعيه وهي:

أولًا: إلى أي درجة ترى أن هذه الدولة تمتلك نظاما تعليميا متطورا؟

ثانيًا: هل تعتزم التوجه لهذه الدولة للدراسة الجامعية بها؟

ثالثًا: ماهي درجة جودة التعليم في هذه الدولة؟


المعايير العلمية

 

وأعطى الموقع  لكل إجابة سؤال درجة متساوية، ثم قام بتجميع الإجابات عن هذه الأسئلة عن كل دولة، وحسب درجاتها ثم قام باجراء عملية الترتيب التنازلي، ولم يقم الموقع  بإستخدام المعايير العلمية المعترف بها عالميًا والتي تستخدمها المراكز البحثية المتخصصة في تصنيف جودة التعليم.

 

للأسف الشديد، تكشف هذه الواقعة عن أن الدكتور طارق شوقي، يرانا من أسفل نظارته طبقة من الجهلاء الأميين، وهو لا يعلم أن العالم اليوم أصبح عبارة عن أوضة وصالة، فأي خبر يتم نشره من السهل التأكد من صحته، وكشف مصدره في ثوانِ معدودة من خلال شبكة المعلومات الدولية ومحركات البحث.

 

والأسئلة الموجهة إلى وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي:

هل كنت تعلم أن موقع "يو إس نيوز" الذي استندت إلى تقريره ليس من ضمن الجهات المعتمدة في تصنيف ملفات التعليم للدول حول العالم، وأنه مجرد موقع إخباري تجاري ربحي يعتمد على إعلانات بيع مراتب وملايات السراير والملابس سواء الداخلية او الخارجية وأجهزة المحمول، وليس له أي صلة بالعملية التعليمية، واعتمد فقط على آراء متابعيه حول العالم دون إتباع المعايير العلمية المعترف بها عالميًا؟ وهل تعلم أن الإشادة فيما ورد به تعد بمثابة تضليل للحكومة والرأي العام؟ وهل تعلم أن تصريحاتك على هذا النحو تعد بمثابة إهانة لدولة بحجم مصر وشعبها؟

 

 

فإن كنت لا تعلم فهي مصيبة كبرى، إلا أنني أعلم علم اليقين بحقيقة ما طرحته عليك من أسئلة، وأضيف إليها إنك ما أقدمت على هذه التصريحات وأنت تعلم جوهر حقيقتها إلا بهدف إشباع رغبتك في البحث عن سراب لنجاح غير موجود إلا في مخيلتك أنت فقط، ونراه جميعًا أنه فشل ذريع في إدارة ملف التعليم، وأنك تسببت في ضياع أحلام وآمال ملايين الأسر، وأبنائهم تجرعوا معك مرارة الظلم.

وقد طلب الصديق عمرو عبدالسلام، المحامي بالنقض ونحن معه من أصحاب القرار تكليف الأجهزة المتخصصة بالتحقيق فيما أدلى به الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، وختامًا نتساءل ومعنا شرفاء هذا الوطن: هل كُتبت علينا المعاناة  لأن منظومة التعليم وُضِعت في يدٍ غير أمينة، تتلاعب بها كيفما شاءت؟ وهل سنبقى رهن أهواء صاحب الكورة؟.. وللحديث بقية

الجريدة الرسمية