رئيس التحرير
عصام كامل

سر إصرار الإخوان على تفسيرهم الحصري للدين‏

الإخوان
الإخوان

لايرضى الإسلاميون وخاصة الإخوان بغير تفسيراتهم للدين والشريعة، ينبذون أي فهم آخر لها، كما حدث مع حزب النور السلفي الذي ‏تعرض لحملة تشويه كبرى من قبل الإخوان والموالين لهم من التيارات الدينية، فإما فهمهم وحدهم للدين، أو من يقف ‏على الضفة الأخرى مدسوس عليهم ويرغب في هدم فكرتهم. ‏

غاية الإسلاميين ‏

قال توفيق حميد، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن التيار الإسلامي في عمومه يستخدم ‏الآيات الكريمة: ‏وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، ومَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ ‏الظَّالِمُونَ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ‏فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.‏

وأوضح أن غايتهم من هذا إقناعنا بأن أنظمة الحكم التي لا تطبق الحدود المذكورة أعلاه هي أنظمة كافرة ‏تستحق  في ‏نظرهم الإبادة والعصيان، مردفا: بنفس المنطق تم تكفير الرئيس الراحل أنور السادات وتم قتله ‏بعد تكفيره بهذه الآيات. ‏

وأضاف: العجيب في الأمر أن الآية الأولى والثانية أعلاه نزلا في عدم تطبيق التوراة كما جاء في الآية ‏الكريمة إِنَّا أَنزَلْنَا ‏التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ ‏بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا ‏عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ ‏وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ.‏

وأيضا: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ ‏وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ ‏فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.‏
فكر التطرف ‏

أما الآية ‏الثالثة فنزلت فيمن لا يطبق أحكام الإنجيل - وليس القرآن كما يظن الكثيرون، فنص الآية يقول وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ‏الْإِنجِيلِ ‏بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.    ‏

وأشار حميد إلى أن هذه الآيات التي تستخدمها الجماعات المتطرفة ويستخدمها المتطرفون دائما لتكفير ‏الحكومات والدول ‏التي لا تطبق ما أسموه بحدود الشريعة الإسلامية التي نزلت أساسًا في عدم تطبيق التوراة ‏والإنجيل وليس القرآن! ‏

وتابع: لم يتوقفوا عند الأمر فحسب، بل كان مشروعهم إقناع الناس، أن تنفيذ أحكام الله يكون بتطبيق حد ‏السرقة والزنا ‏والمثلية الجنسية – كما تفعل طالبان وداعش وغيرهم من النظم المتطرفة، مردفا: يجزأون ‏من معنى الآيات لتحريف ‏لمفهومها القرآني. ‏

حدود الله ‏

وأوضح حميد أن كلمة حدود التي يستخدمونها لم تأت أبدأً ولم تذكر ولو مرة واحدة في القرآن بمعنى العقوبات ‏الجسدية ‏المذكورة أعلاه، لافتا إلى الله تعالى أمر بأحكام عديدة مثل العدل (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) و‏عدم السخرية من ‏الآخرين:‏

‏"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ" ‏والتواضع " وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ‏الْأَرْضِ هَوْنًا".‏

تابع: كما امرنا بالتعايش مع الآخرين في سلام ومودة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً"، والرد ‏على الإساءة ‏بالإحسان "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ"، وعدم الإكراه في الدين" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ‏الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ" وحرية ‏العقيدة " فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ." ‏

كما امرنا بإطعام المحتاجين أيًا كان دينهم أو عرقهم أو عقيدتهم: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا ‏وَأَسِيرًا" ‏والأمانة في التعاملات  "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا".‏

واختتم: يهمل المتطرفون هذه الأحكام الإلهية ويحددونها فقط في مفهومهم الضيق الذي لا يستند ‏إلا على أهوائهم ورغبتهم ‏في لي معاني القرآن لخدمة أغراضهم السياسية في السيطرة على الآخرين.‏

الجريدة الرسمية