رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات وأسرار طريق الكباش واحتفالات عيد الأوبت

طريق الكباش بالأقصر
طريق الكباش بالأقصر

قال الخبير الأثري أحمد عامر والمتخصص في علم المصريات، إن طريق احتفالات الملوك المعروف خطأ باسم طريق "الكباش" يرجع إنشاؤه إلى قبل خمسة آلاف عام وكان بغرض تسيير مواكب الملوك المقدسة.

 

عيد الأوبت

وأكد أن الطريق كان يشهد الاحتفالات بعيد الأوبت والأعياد والمناسبات وتتويج الملوك من معابد الكرنك للأقصر سنويًا، ويضم تماثيل أبو الهول أو الكباش بطول 2700 متر من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك، وكان في العصور الفرعونية عدد الكباش في الصفين 1300 كبش، ولكن الموجود حاليًا من كافة تلك الكباش نحو 300 كبش فقط من الكباش الأصلية، وباقى الكباش عبارة عن بقايا تدمرت في العصور التي أعقبت العصور الفرعونية، وبدأ بناء هذا الطريق على يد الملك "أمنحتب الثالث" من الأسرة الثامنة عشر، الذي بدأ تشييد معبد الأقصر، ولكن النصيب الأكبر من التنفيذ يرجع إلى الملك "نختنبو الأول" مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية، ويرجع ظهور الكبش كحيوان مقدس إلى عصور ما قبل التاريخ، وكانت بداية ظهوره على هيئة صلايات صخرية منقوش عليها هيئة الكبش، والكبش في الطريق يرمز للإله "آمون"، وقد أطلق المصرى القديم عليه "وات نثر" "WAt-nTr" بمعنى طريق الإله، وكانت هذه التماثيل تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملى ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك وألقابه.

استعدادات حفل افتتاح طريق الكباش

 

الكباش الفرعونية


وأشار "عامر" إلي أن الكبش يعود إلى "خنوم"، وهو أحد الرموز الرئيسة في الديانة المصرية القديمة، فالكباش الفرعونية ترمز إلى الإله "آمون"، الذي يمثل رمز الخصوبة لدى المصريين القدماء، كما يعتقد المصريين القدماء أن الإله "آمون" ينتقل فيه إلى مقر الحريم له من أجل التزاوج والخصوبة ومن ثم الخير والنماء للبلاد، وبدأ الإحتفال بـ "عيد الأوبت"، وفقا للنصوص المصرية القديمة، فى عهد الأسرة الثامنة عشر من عصر الدولة الحديثة، واستمر الاحتفال به حتى نهاية العصور المصرية القديمة، وتتوافر الأدلة على استمرار الاحتفال ب "عيد الأوبت" حتى العصر البطلمي، وكان لـ"عيد الأوبت" أهمية في تاريخ مصر القديمة حيث أن مهرجان "الأوبت" أو "الإبت" هو احتفال مصري قديم كان يقام سنويًا في "طيبة" الأقصر حاليا في عهد الدولة الحديثة وما بعدها، وفيه كانت تصطحب تماثيل آلهة ثالوث "طيبة" المقدس "آمون" و"موت" و"خونسو" يتم إخفائهم بعيد عن الأنظار داخل مراكبهم المقدسة في موكب احتفالي كبير من معبد "آمون" في "الكرنك" إلى معبد "الأقصر" في رحلة تمتد لأكثر من 2كم، وما يتم إبرازه في هذا الطقس هو لقاء "آمون -رع" وزوجته "موت"، وتجديد الولادة هو الموضوع الرئيسي في احتفال "الأوبت" وعادة ما يتضمن إحتفالية لإعادة تتويج الملك كذلك، إن المصدر الرئيسي لاحتفال "الأوبت" هو الجداران الشرقى والغربى ببهو الأعمدة العظيم بـ "معبد الأقصر"، ويعودان إلى عهد الملك "توت عنخ آمون"، ويشرح الجداران تفاصيل الإحتفال ب "عيد الأوبت"، ويضاف إلى ذلك بعض النقوش التى تم العثور عليها فى "معبد الإله خنسو" بمنطقة معابد "الكرنك"، وكذلك بعض المشاهد التى سجلها فنانين الملكة "حتشبسوت" بالمقصورة الحمراء بمعابد "الكرنك"، ويضاف إلى ذلك بعض رسومات ب "معبد الرامسيوم"، ومعبد "مدينة هابو"، وكذلك بعض الكتابات والمناظر فى "مقابر النبلاء" بالبر الغربى، وجرى توثيق النقوش بصالة الأعمدة بمعبد الأقصر، والتى شيدها الملك "أمنحتب الثالث" مسيرة احتفالات "الأوبت".

طريق الكباش


معبد الكرنك

وأوضح  "عامر" أن الإحتفالات كانت تبدأ من "قدس الأقداس" بمعبد الكرنك، حيث يوجد تمثال الإله "آمون"، وهناك يتقدم الملك الصلوات أمام الإله، ليتم وضع التمثال في الزورق المقدس الذى يطلق عليه "أوسر حات"، والمميز بوجود "رأس كبش" في مقدمة ومؤخرة الزورق، ويتم إخفاء التمثال عن الأعين خلال الموكب، احتراما لقدسيته وفقا للمعتقد المصرى القديم، ثم يخرج الكهنة حليقي الرؤوس حاملين الزورق على أكتافهم من قدس أقداس معبد الكرنك، وذلك عبر طريقين رئيسيين، إما عبر طريق نهر النيل، أو عن طريق المواكب الكبرى بريا، وويتقدم المشهد كهنة يرتدون عباءات من جلد الفهد، ويسيرون بمحاذاة كل زورق، لتلبية احتياجات الألهة، وأمام كل زورق يظهر كاهن يحرق البخور وكاهن آخر يرش الحليب، وعلى طول مسار الرحلة، وتقام الإحتفالات بمشاركة الجنود على عرباتهم الحربية، ومعهم حملة الأعلام والشعارات الملكية والموسيقيون وعازفو الأبواق والطبول والراقصون، وكل ذلك بمشاركة الجماهير من أبناء الشعب، وتصل الإحتفالات ذروتها بالإقتراب من ميناء "معبد الأقصر"، فتبدأ مراسم ذبح الأضاحى، التى يتم تقديمها كقرابين للألهة، وتوزيعها على المشاركين فى الإحتفال، وكانت الإحتفالات في عهد الأسرة الثامنة عشر تتواصل إحدي عشر يوما، وزادت المدة حتى سبعه وعشرون يوما فى عهد الأسرة العشرين.

 

افتتاح طريق الكباش


ولفت الخبير الأثري إلى أن إعادة افتتاح طريق الكباش يجعل مدينة الأقصر عالمية ويحولها إلي مزارًا سياحيًا عالميًا،  وإظهار المعالم السياحية بشكل لائق، ويساهم في إنعاش حركة السياحة بشكل كبير، ويجعلها أكبر متحف عالمي مفتوح، وزيادة عدد السائحين، وجلب مزيد من العملة الصعبة للدولة حيث أن مصر تُعتبر أحد الدول الكُبري والرائدة في صناعة السياحة الثقافية.

الجريدة الرسمية