رئيس التحرير
عصام كامل

عاطف فاروق يكتب: رئيس هيئة قضائية سابق يستولي على أموال وزارة العدل

عاطف فاروق
عاطف فاروق

إن رموز القضاء والهيئات القضائية يضربون أروع الأمثلة في الخُلق القويم والقول السديد، وهم مضرب المثل في النقاء والطهارة بين أبناء المجتمع، وتظهر بين الحين والآخر نماذج سلبية تؤكد القاعدة ولا تنفيها، فهل نسي المصريون القاضيين عبدالعزيز فهمي، وعبدالرزاق السنهوري، وغيرهما من هذه الرموز والقضاة وأعضاء الهيئات القضائية الذين أخلصوا في عملهم، ولكنهم التزموا العمل في صمت ولم نسمع عنهم، فالقاضي لا يطلب المدح.
ومن النماذج التي أثارت جدلًا شديدًا شخصية غريبة، أتت في حقبة زمنية سمحت لها أن تفعل ما تشاء وجعلتها بمنأى عن المساءلة، فصالت وجالت ترتكب المخالفات، التي لا تليق بكرامة الهيئة القضائية العريقة التي تنتسب إليها، والحقيقة أن هذه الشخصية ولعل من عاصرها يُدرك أهمية التعديلات الدستورية بشأن كيفية إختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية، وشكلت مجلسًا أعلى لها لتوحيد الرؤى والتحركات لتنطلق منظومة القضاء في إتجاه واحد وهدف واحد، هو العدالة. 
وليت الكارثة كانت في مخالفات شخص يشغل منصبًا مرموقًا ورفيعًا، فحسب وهو المستشار «تيمور فوزي مصطفى كامل» رئيس هيئة قضائية أسبق، والذي تعددت مخالفاته الإدارية والمالية، ومن بينها تقاضي مبالغ مالية واستغلال سيارات وممتلكات جهة عمله دون وجه حق، لكن الكارثة الحقيقية هي وجود آخرين سهلوا له ارتكاب جرائمه دون اكتشافها في الوقت المناسب، مما حال دون محاسبته عنها أو استرداد ما تقاضاه دون وجه حق.

قاضي التحقيق

وليس غريبًا على رئيس الهيئة القضائية الأسبق ما ثبت في حقه بالوثائق والمستندات والتحقيقات حيث كان يتنفس «المخالفات» هو ومن سهلوا له ارتكاب الجرائم المالية والمخالفات القانونية والإدارية الجسيمة، وكما سماها قاضي التحقيق «عدوانًا على المال العام».. وأولى كوارث المستشار «تيمور» هي فاجعة فقد ملف التحقيق معه ومذكرة تصرف القاضي الجليل المستشار محسن مبروك، رئيس الاستئناف في البلاغ رقم 3497 لسنة 2011 بلاغات النائب العام، والتي انتهت إلى ثبوت مخالفات المذكور وإحالته إلى مجلس التأديب المختص وفقًا للقانون. 

كان «تيمور فوزي مصطفى كامل»، يشغل وظيفة رئيس هيئة قضائية عريقة، وصدر قرار إحالته إلى التقاعد لبلوغه السن المقررة لترك الخدمة، وعلى الفور بادر إلى شغل وظيفة رئيس مجلس إدارة شركة الإسماعيلية الوطنية للصناعات الغذائية "فوديكو" (ش. م. م ــ سجل تجاري 13160 الإسماعيلية) اعتبارًا من تاريخ تقاعده في بداية شهر يوليو عام 2012 حتى سبتمبر عام 2018، رغم كونه كان حينذاك قد بدأ العمل في لجان فض المنازعات بوزارة العدل ويتقاضى أجرًا بخلاف المقابل المالي لبدل العلاج.

تهنئة تيمور رئيس الشركة للمحافظ

والواقعة رغم بساطتها تحمل دلالات خطيرة، أولها، أن يتجرأ المستشار المذكور على تقلد هذه الوظيفة وأن يجمع بينها وبين ما يتقاضاه من لجان التوفيق فى بعض المنازعات وصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية بوزارة العدل من مستحقات مالية رغم عدم جواز ذلك، ونحن لا نندهش من هذه الواقعة، فقد سبقتها وقائع تجعلها من الأمور العادية، ولكن تعين علينا إظهارها والكشف عنها. 

لا يشغلون وظيفة

فقد نصت المادة الأولى من القانون 7 لسنة 2000، بإنشاء لجان التوفيق فى بعض المنازعات، ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة لجنة أو أكثر، للتوفيق في المنازعات التى تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد، والمادة الثانية تنص على أن: تشكل اللجنة برئاسة أحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئة القضائية السابقين من درجة مستشار على الأقل، ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة 

والمادة الأولى من القانون 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية تنص على أن: ينشأ بوزارة العدل صندوق تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل وكفاية الخدمات الصحية والاجتماعية للأعضاء الحاليين والسابقين للهيئات القضائية، وتنص المادة (13) من قرار وزير العدل القرار 4853 لسنة 1981 بتنظيم هذا الصندوق وقواعد الإنفاق منه، على أن ينتفع بنظام الصندوق أعضاء الهيئات القضائية الحاليون والسابقون وأسرهم.. ويقف سريانه بالنسبة للعضو السابق أو أحد أفراد أسرته في الحالات الآتية:
 

تيمور فوزي مصطفى كامل


ــ إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد يوفر له نظام خدمات صحية

ــ إذا التحق بأي عمل خارج البلاد

ــ إذا امتهن مهنة حرة أو تجارية أو غير تجارية داخل البلاد أو خارجها

 

جريمة جنائية

وبالطبع كافة هذه المحظورات تنطبق على حالة «تيمور فوزي مصطفى كامل» الذي شغل وظيفة رئيس مجلس إدارة شركة الإسماعيلية الوطنية للصناعات الغذائية «فوديكو» فور إحالته للتقاعد، ولذا يتعين على إدارتي لجان فض المنازعات وصندوق الرعاية الصحية وقف صرف أي أموال له مع حظر انتفاعه بخدمات الصندوق الصحية، ومقابل الدواء الشهري المقرر له مع استرداد ما تم صرفه له.

إذ أن الواقعة التي ارتكبها «تيمور فوزي مصطفى كامل» تُشكِل في حقه جريمة جنائية قوامها الاستيلاء على المال العام، ويتعين عليه رد ما صُرِف له من لجان التوفيق فى بعض المنازعات وصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية بوزارة العدل دون وجه حق، حرصًا على سمعة أعضاء الهيئات والجهات القضائية المحترمين، الذين لا يأكلون إلا حلالًا، ولا يقبلون على ذويهم أموال الدولة التي كفلت لهم قسطًا لائقًا من الرعاية والخدمات بما يصون كرامتهم، التي صانوها وهم في ميدان العمل، وبعد أن اكتمل عطاؤهم.

الجريدة الرسمية