رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة: حروب الرسول رحمة للعالمين.. والإسلام لم ينتشر بالسيف

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

أكد الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، أن الحرب فرضت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وطوال قيادته للدولة الإسلامية قام باثنين وثمانين تحركًا عسكريًا، لم ينشب القتال في ستين منها، وخمس تحركات لم يقتل غير المسلمين، ومجموع القتلى والشهداء من الفريقين 1004 أشخاص منهم 252 شهيدًا مسلمًا.


وقال جمعة إن هذه الأرقام ليست من الفظاعة حتى تجبر العالم بأسره أن يخشى من الإسلام ويدخل فيه خوفا من السيف، بل إن عدد قتلى حوادث السيارات في عام واحد في أي مدينة كبيرة يفوق هذا العدد مؤكدًا أن خيار القتال لم يكن الخيار الأول عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكانت حروبه رحمة للعالمين، ولم ينشر المسلمون دينهم بالسيف.

 

حروب الرسول

وكتب الدكتور على جمعة تدوينة على الفيس بوك قال فيها: "سادسا: نزاهة جهاده وجهاد أمته: إذا تكلمنا عن رسول الله ﷺ باعتباره قائدًا مجاهدًا شجاعًا نبيلًا، ونراه ﷺ وهو يعلم قواد الجيوش في العالم بأسره حقيقة الحروب، وكيف تدار، ومتى تبدأ وكيف تنتهي، وبالاطلاع على الحقائق التاريخية يتأكد ذلك المعنى، ومن هذه الحقائق: أنه ﷺ لم يسع إلى الحروب وإنما فرضت عليه بسبب الاعتداء عليه، أو رغبة الظلم والعدوان، أو محاربة دين الله والآمنين"


وقال جمعة: "فقد فرض عليه ﷺ طوال قيادته للدولة الإسلامية اثنان وثمانون تحركا عسكريا، لم ينشب القتال في ستين منها، وخمس تحركات لم يقتل غير المسلمين، ومجموع القتلى والشهداء من الفريقين 1004 أشخاص منهم 252 شهيدا مسلما والباقي من المشركين. هذه الأرقام ليست من الفظاعة حتى تجبر العالم بأسره أن يخشى من الإسلام ويدخل فيه خوفا من السيف، بل إن عدد قتلى حوادث السيارات في عام واحد في أي مدينة كبيرة يفوق هذا العدد".


وأضاف: "وذلك يؤكد أنه ﷺ لم يكن الخيار الأول عنده القتال، وكان يبتعد عن القتال قدر استطاعته حتى لا يجد من القتال بدا بأن يدافع عن نفسه وينصر المظلومين وينشر الإسلام".


وتابع "وقد أنتجت هذه الحروب نحو ستة آلاف وخمسمائة أسير عفا رسول الله ﷺ عن ستة آلاف وثلاثمائة أسير، ولم يأسر ويستمر الأسر إلا على مائتين، فكانت حروبه ﷺ رحمة للعالمين، وهو سيد ولد آدم ولا فخر".

 

تواضع الرسول

واستطرد قائلًا: "وبذلك الخلق وتلك الأرقام يعلمنا رسول الله ﷺ كيف نجاهد جهاد النبلاء، كيف نكون أتقياء مراقبين لله حتى في ظل احتدام المعركة، كيف نذكر الله في كل وقت وخاصة في وقت الجهاد، وقد اكتنف جهاده ﷺ حقائق كثيرة ينبغي أن يعلمها المسلمون، فمن كان يجاهد؟ وكيف كان تواضعه ولجوءه إلى ربه في أصعب الأوقات؟ وكيف صار أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بعده على هديه في الجهاد؟".


وقال جمعة "وقد واصل الصحابة الكرام مسيرة نبيهم ﷺ في نشر الإسلام، والدعوة إلى الله على بصيرة، وبالحكمة والموعظة الحسنة، وكانوا لا يلجئون إلى القتال إلا إذا فرض عليهم من قوى العالم المتجبرة".


وأضاف: "فلم ينشر المسلمون دينهم بالسيف، وقد شهد بذلك المنصفون من أبناء الحضارة الغربية، فهذا المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) - وهو يتحدث عن سر انتشار الإسلام في عهده ﷺ وفي عصور الفتوحات من بعده -: «قد أثبت التاريخ أن الأديان لا تفرض بالقوة...، ولم ينتشر القرآن إذن بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرا كالترك والمغول، وبلغ القرآن من الانتشار في الهند التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل ما زاد عدد المسلمين على خمسين مليون نفس فيها».

 

لم ينتشر بالسيف

وتابع "ونسجل شهادة الكاتب الغربي الذي يدعى (توماس كارليل)، حيث قال في كتابه «الأبطال وعبادة البطولة» ما ترجمته: «إن اتهامه ـ أي سيدنا محمد ـ بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم ؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا آمن به من  يقدرون على حرب خصومهم، فقد آمنوا به طائعين مصدقين، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها».


وعن انتشار الإسلام قال جمعة "إن من يقرأ التاريخ ويلاحظ انتشار الإسلام على مر العصور يعلم أن الإسلام لم ينتشر بالسيف، بل انتشر بطريقة طبيعية لا دخل للسيف ولا القهر فيها، وإنما بإقامة الصلات بين المسلمين وغيرهم وعن طريق الهجرة المنتظمة من داخل الحجاز إلى أنحاء الأرض". 

 

حقائق وأرقام

"وهناك حقائق حول هذا الانتشار حيث يتبين الآتي: في المائة العام الأولى من الهجرة: كانت نسبة انتشار الإسلام في غير الجزيرة كالآتي:  ففي فارس (إيران) كانت نسبة المسلمين فيها هي 5%، وفي العراق 3%، وفي سورية 2%، وفي مصر 2%، وفي الأندلس أقل من 1%".


وتابع:"أما السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 25% من السكان فهي كالآتي:- إيران سنة 185 هـ، والعراق سنة 225 هـ، وسورية 275 هـ، ومصر 275 هـ، والأندلس سنة 295هـ.

 

 والسنوات التي وصلت نسبتهم فيها إلى 50% من السكان كانت كالآتي: بلاد فارس 235 هـ، والعراق 280 هـ، وسورية 330 هـ، ومصر 330هـ، والأندلس 355 هـ".


وأضاف "أما السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 75% من السكان كانت كالآتي: بلاد فارس 280 هـ، والعراق 320 هـ، وسورية 385 هـ، ومصر 385 هـ، والأندلس سنة 400 هـ".


وقال "من يعلم هذه الحقائق ويعلم أن من خصائص انتشار الإسلام: عدم إبادة الشعوب.  الإبقاء على التعددية الدينية من يهود ونصارى ومجوس؛ حيث نجد الهندوكية على ما هي عليه وأديان جنوب شرق آسيا كذلك. إقرار الحرية الفكرية، فلم يعهد أنهم نصبوا محاكم تفتيش لأي من أصحاب الآراء المخالفة. ظل إقليم الحجاز مصدر الدعوة الإسلامية فقيرًا حتى اكتشاف البترول في العصر الحديث".


واختتم حديثه قائلًا: "كل هذه الحقائق وغيرها، تجعلنا نتأكد أن النبي ﷺ هو الإنسان الكامل، وهو الرسول الخاتم الذي علم البشرية بأسرها فضائل الأخلاق، والتسامح، والنبل، والشجاعة، وعلى دربه سار أصحابه، والتابعون من بعدهم، وضرب المسلمون أروع الأمثلة للأخلاق، وانبهر العالم من حولهم بهذه الأخلاق النبوية التي توارثوها جيلًا بعد جيل" .
 

الجريدة الرسمية